ما بين السلامة الغذائية والامن الغذائي اتصال متين، ينتج من الأغذية غير السليمة زمرة من الامراض ذات أذية تؤثر في الرضع والأطفال وكبار السن والمرضى.
بعض الإحصاءات اشارت الى إصابة 600 مليون شخص بأمراض متفاوتة أي بمعدل شخص واحد من بين كل 10 اشخاص في العالم من جراء تناول غذاء ملوّث او منتهي الصلاحية او شارف على الانتهاء او بسبب احتكاكه بغير منتجات قد تؤدي الى تكتله وتسوّسه وتعفّنه.
وعلى مقلب احصائي متصّل تحدثت تقديرات علمية عن وفاة 420000 شخص سنويا، الامر الذي يؤدي الى فقدان 33 مليون سنة من الحياة مملوءة بالصحة والعافية والنشاط.
وتسجّل الخسائر السنوية حوالى 110 مليارات دولار أميركي لجهة النفقات الطبية ذات الدخل المنخفض والمتوسط، والسبب بطبيعة الحال هو الأطعمة غير الصالحة للاستهلاك او الملوّثة. بالإشارة الى ان عدة أسباب مجتمعة تمنعنا من تناول اطعمة ذات تواريخ صلاحية قريبة او شارفت على الانتهاء او انتهت، سنأتي على ذكرها بحسب العلم.
بالإشارة الى ان 40% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من الامراض المنقولة بالأغذية ويُتوفى منهم 125000 طفل سنويا.
ومؤخرا في لبنان ارتفعت حالات التسمم حيث أكد مصدر مسؤول في مستشفى اللبناني الفرنسي لـ “الديار”، أن 60% منها ناتج من الأطعمة الفاسدة.
امراض موروثة
هناك امراض منقولة بالأطعمة معدية او ضارة عبارة عن “ميكروب” ويتألف من السلمونيلة والعطيفة والاشريكة القولونية الممزقة للأمعاء السبب انتقالها بالأغذية او المياه الملوثة الى جسم الانسان. كما ان المشتقات المحفوظة بمواد معينة قد تتأكسد نتيجة عوامل الحفظ او التوضيب والتخزين السيّئين. او على مقلب آخر انقطاع الكهرباء وما بين الحرارة والتبريد دافع متين لتلفها وتفاعل المواد المحفوظة بها. أضف الى كل ما تقدم فصيل من المنتجات لا يمكن استهلاكها حتى وان لم تشارف على انتهاء صلاحيتها بحكم انها مكْمن جيد للفطريات التي تزداد بحسب أصناف معينة وتناولها قد يؤدي الى الإصابة بفيروسات وطفيليات وبريونات المكونة من البروتين وتكون شديدة الحساسية وزيادة على كل ما تقدّم المواد الكيميائية ولا بد من ذكرها:
السموم الطبيعية “الأصل” وتشمل الفطرية والبحرية والحيوية المنشأ والفليكوزيدات السيانوجينية والسموم التي تفرزها الفطريات السامة وتتمثل بالذرة والحبوب على مستويات مرتفعة في السموم الفطرية مثل الافلاثوكسين والاوكراتوكسين الناتجة من تعفّن الحبوب بكافة أنواعه.
الملوّثات العضوية الثانية وهي عبارة عن مركّبات تتراكم في البيئة وجسم الانسان ومثال ذلك الديوكسينات وثنائي الفينيل متعدد الكلور وهي منتجات ثانوية غير مرغوب فيها وتنتج من العمليات الصناعية وحرق النفايات واساسها الأغذية الحيوانية المصدر.
المعادن الثقيلة وتتمثّل بالرصاص والكادميوم والزئبق وتسبب تلفا في الاعصاب والكلى وتَلوثُّها يكون عن طريق الهواء والماء والتربة.
فإن نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالأمراض المنقولة بالأغذية تسببها أغذية غير صحيحة في المنزل او في متاجر تقديم الخدمات الغذائية أو في الأسواق. ولا يعي كل المشرفين على بيع المواد الغذائية وكل مستهلكيها الدور الذي يجب عليهم الاضطلاع به، كتطبيق إجراءات النظافة العامة الأساسية عند الشراء والبيع من أجل حماية صحتهم وصحة المجتمع.
إحصاءات وجولات قامت بها “الديار” على مختلف المتاجر والسوبرماركت في مختلف المناطق اللبنانية لتجد ان بعض المواد متعفّنة وينخُرها الدود وتم إرسال صور عن هذه المنتجات الى المدير العام في وزارة الاقتصاد السيد محمد أبو حيدر كما اننا على استعداد لتزويد الجهات المعنية بالكثير من فوضى الأسعار والمواد التي تعرض وهي غير صالحة للاستهلاك وهذا بمثابة علم وخبر.
فهل السلامة الغذائية في لبنان أولوية، وكيف يعمل مراقبو وزارة الاقتصاد على الأرض؟ “الديار” تحدثت عن هذه القضايا وغيرها من الامور الى مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة المهندس طارق يونس الذي قال:
المراقبة التي تمارسها مديرية حماية المستهلك تتضمن عددا كبيرا من القطاعات وطبعا نراقب السلامة الغذائية.
وأشار الى انهم ليسوا الوحيدين المعنيين بل الى جانبهم كل من وزارات الزراعة، الداخلية والصحة ولكل منهم دور بحسب نوع القضايا. وأضاف، الى جانب موضوع الأسعار والخبز والوزن والافران ومحطات الوقود النوعية والكيل والاحتكارات بشكل عام. وأرمز، الى ان الموضوع الأكبر هو مولدات الكهرباء والتي خضعت لتسطير حوالى 500 محضر ضبط مخالفة وارسالهم الى القضاء، مشيرا الى ان كل ما تقدم على ذكره هو ضمن مهام مديرية حماية المستهلك والتي هي مع كل مصالح الاقتصاد والتجارة في المناطق والمحافظات كافة، ونوّه بالمراقبين الذين يمارسون دورا رقابيا بالدلالة ان عددهم بات اليوم اقل ويبلغ من 70 الى 80 مراقبا على الأرض.
وتابع يونس آسِفاً، هذه الفترة الكثير من الموظفين تركوا بسبب الازمة والرواتب المتدنية لموظفي القطاع العام، والمراقب اليوم من حملة الشهادات الجامعية يتراوح راتبه ما بين 200000 و2500000 ل.ل. ويستخدمون سياراتهم للتنقل في جولاتهم ويعبئون محركاتهم بمادة البنزين على نفقتهم الخاصة. وتطرّق يونس قائلا سردّت كل ما تقدّم لتسليط الضوء على الوضع في الوزارة وما يعانيه المراقبون.
تاريخ الصلاحية ليس للفرّجة
في جوهر موضوعنا الذي يتناول المواد الغذائية المنتهية الصلاحية او غير الصالحة للأكل كما عاينت “الديار” على الأرض وبالأسماء والصور نقلت الوقائع الى الجهات المعنية والتي قال عنها السيد يونس انها مخالفة لقانون حماية المستهلك وطبعا عندما نضبط مواد منتهية الصلاحية نسطّر محاضر ضبط ونحجز البضاعة ونرسل الملفات الى القضاء والذي بدوره يحكم بقيمة الغرامة.
وأردف، لا يجوز بيع أي منها إضافة الى المواد المنتهية الصلاحية توجد الشروط العامة بالسلامة الغذائية لجهة المطاعم، والبرادات لجهة الحرارة وكيفية عرض البضاعة او المخزّنة في المستودعات. هذه التفاصيل على المراقب اثناء جولته الرقابية معاينتها وإذا كانت توجد مخالفات واضحة يتم تسطير محاضر ضبط ويصار الى حجز البضاعة بانتظار القرار بإتلافها ريثما نتسلّم الإشارة القضائية، واما إذا كانت الملاحظات بسيطة نعمد الى انذارهم او تنبيههم مهلة أسبوع او أيام لإجراء التصحيح المطلوب من توضيب للبضاعة وكيفية التخزين الصحيّة… وبعد المهلة الانذارية نعود لنرى إذا التزموا بما طلب منهم والا نذهب الى تسطير مخالفة.
ماذا عن تلك المواد التي تحمل شهرا على انتهاء صلاحيتها؟
يؤكد يونس، للتاجر كامل الحق في بيعها طالما لم تنتهِ صلاحيتها وتاريخ الانتهاء واضح على المنتج وهذا حق له لبيع بضاعته. واستكمل، بشكل عام معظم البضاعة ذات تواريخ صلاحية لديها فترة احتياطية من بعد تاريخ الانتهاء المرمّز عليها الا اننا لا نلتزم به، وعلى التاجر ان يتخلّص من المواد التي دخلت في مرحلة انتهاء الصلاحية ويمنع من عرضها بالإشارة الى انها قد تكون صالحة للاستهلاك وموضبة جيدا هذا بعلم الغذاء بحسب تعبير يونس.
دور للبلديات لا تمارسه او تفعّله
يتابع يونس خطتنا تكمن في متابعة المراقبة بالإمكانات المتاحة، غامزاً من دور البلديات الكبير في هذه الخلفية يمكن ان تقوم به وما يجدر ذكره انه يتوافر لكل بلدية مراقب صحي او معظمها ويتمتع بصلاحية واسعة فيمكن ان ينزل على الأرض ويراقب سلامة الغذاء والاسعار ضمن نطاقه البلدي.
وأكمل، الوزير أشار بالقول لدينا 50 مراقبا في حماية المستهلك ويوجد 1050 بلدية في لبنان فلو كل واحدة خصّصت شخصا للمراقبة سيتضاعف عدد المراقبين الى جانب مراقبينا لنستطيع ضبط السوق بشكل أفضل. ولفت الى ان ملف المولدات من القضايا الشائكة والتي تستحوذ على جزء ضخم من وقتنا وجهدنا.
المواصفات الغذائية متوافرة ام معدومة
يلفت يونس انه ينبغي على المواطن التنبّه للبرادات داخل المتجر او السوبرماركت لجهة تواريخ الصلاحية وشروط النظافة والسلامة الغذائية في أي مطعم او سناك او فرن وتبليغنا في حال تبين ان الشروط المطلوبة غير مستوفية.
التلاعب بالأسعار
لوّح يونس بالقول، هذا الجانب يخضع لمراقبتنا ويترتب على المراقب عند القيام بجولته معاينة الأسعار ويفرض على التاجر عرض السعر وبالليرة اللبنانية. واتبع، أي مخالفة في هذ الإطار أيضا يسطّر محضر ضبط ويرسل الى القضاء. واستكمل، نراقب الأسعار على الصندوق ما إذا كانت متناقضة مع تلك المعروضة على الرفوف ونقارن إذا كان السعران متضاربين وفي هذه الحالة أيضا تحسب مخالفة. وأشار يونس، الى درس الأرباح التجارية لتقييم ما إذا كانوا متخطّين القيمة المسموح بها بحيث ان السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية تخضع لنسب أرباح في نقاط البيع لا يمكن تجاوزها بحسب القانون. وذكر يونس ان الشركات المستوردة والمورّدة يتم رصدها لحسم الحصّة التي تحققها ولتقدّر البضاعة والثمن التي تباع به وعلى أي أساس، وبناء على معطيات يتم دراسة قسط الأرباح التجارية المسموح بها وفي حال تخطت تعد مخالفة.
سبب غير مقنع يرفع أسعار الصناعات اللبنانية ذات الصناعة المحلية مع ارتفاع دولار السوق السوداء ويونس يبرّر بالقول: المواد الأولية المستخدمة معظمها مستوردة من الخارج وبالتالي من الطبيعي ان يؤثر ارتفاع الدولار في سعرها وانما ليس بالقدر الذي يؤثر في السلع المستوردة والتي سعرها بالدولار وتلك اللبنانية بحسب طبيعة المنتجات نأخذ الجزء الذي يتأثر منها بالدولار. ولفت الى ان هذا الموضوع جدا معقّد وأوضح ان مديرية حماية المستهلك وحدها من تمارس مهام الرقابة على الأرض في لبنان بحيث ان البلديات لا تساندها او تؤازرها في هذا الامر غامزا من نفوذها الواسع.
قرار اعتماد سعر الصرف 15000
يجيب يونس ان هذا الامر سيخضع للدرس بدايةً، ويجب ان نحصل على لائحة من وزارة المالية بكل السلع الخاضعة وتلك الغير خاضعة وبناء عليها يتم تدقيق الفواتير والمستندات والارباح التجارية وفي حال تخطّت النصيب المسموح به قانونا يسطّر محاضر ضبط.
وعماّ إذا كان “يتوقّع” التزام التجار؟، أجاب يونس هذا ليس عملي وانا اراقب واسطّر محاضر الضبط مع المخالفات التي نراها واحيلها الى القضاء والتوقعات اتركها للخبراء الاقتصاديين وانا لست واحدا منهم مع ان السؤال يقتصر على ابداء الرأي ونسبة التوقع بالتزام التجار بهذا القرار!
العلم يناقض الشكليات
في إطار سلامة استهلاك المواد الغذائية المنتهية الصلاحية او تلك التي شارفت على الانتهاء تساءلت د. ندى نعمي نائب رئيس جمعية المستهلك ومسؤولة مراقبة سلامة الغذاء قائلةً: لماذا يصار الى وضع تاريخ صلاحية على المنتجات هل هو هواية ام موهبة مثلا؟
واستكملت،التاريخ هو الذي يحدد الصلاحية ومن غير المسموح عرضه او شراؤه بعد انتهاء تاريخه وهو ما يسمى RISK FACTORS او LIMIT وماذا يعني خَطِر؟ تجيب د. نعمي إذا تم استهلاكه بعد هذه الفترة قد ينتج منه غثيان او اسهال او فيروس وفي بعض الاحيان قد يصل الانسان الى الموت جرّاء استهلاكه مواد انتهت او شارفت على الانتهاء.
وشدّدت، العلم والطبيعة لا يقولان انه يمكن تناول أي مواد انتهت صلاحيتها نقطة وانتهى فالكل مادة غذائية فترة صلاحية.
من يحدد المواصفات
تستتبع نعمي بالإجابة، ان المواصفات الأساسية للبلد هي التي تحددها الى جانب الشروط العالمية واعطت مثالا على ذلك، لو اشتريت علبة حمص في الكثير من الأحيان يكتب عليها تاريخ الصلاحية لسنة وأخرى لسنة وشهرين هذا يعني ان المعمل متقيد بالمواصفات والشروط كما ان لديه خبرة في اظهار ان المنتج صلاحيته واضحة ولفتت الى ان المعمل يتحمّل المسؤولية في حال حدوث أي شيء باعتباره BRAND NAME هذا من جهة العلم.
فوضى “تخبيص”
واستتمت، ما يحدث في البلد هو بمثابة فوضى لدرجة اننا لا نعلم ما إذا كانت فترات الصلاحية الموجودة على المنتجات حقيقية والدليل ما حدث في ملف الاجبان الفاسدة بحيث كانت توزع وتباع بشكل طبيعي بالإشارة الى انه يوجد عدة عوامل قد تُتلف تاريخ الصلاحية منها التخزين والرطوبة وغيرها من الأمور الأساسية.
افلاتوكسين
ختمت نعمي قائلة، لعلّ الكثيرون لا يعرفون انه يوجد في الحبوب سموماً مخفيّة وتسمّى”افلاتوكسين” والتي لا يمكن ازالتها او اخفاؤها وهي على المدى الطويل قد تؤدي الى امراض سرطانية وهنا مكمن الخطر. كما ان هذه المادة موجودة في كل أنواع الحبوب والمكسّرات وتتكاثر نتيجة التوضيب غير الجيّد حتى وان لم تكن منتهية الصلاحية.
وأنهت نعمي بالقول، موضوع سلامة الغذاء في لبنان مأسوي.
التسمم مش “مزحة”
اما اختصاصية التغذية جاكي قصابيان فتُعيد السبب في التسمم الى عدم التنبّه للشروط التي يجب ان يبنى على أساسها شراء المنتج. وأشارت الى أمور يجب الاخذ بها او ملاحظتها كتواريخ الصلاحية او تغير لون اللحوم او الرائحة والشكل. وشددت على عدم لجوء الناس الى “التسكيج” لاضطرارهم الى شراء الارخص ولفتت بالقول هنا يكمن دورنا في توعية الناس وعلى المواطن ان يتّكل على حاسة شمه ونظره لمعاينة المواد التي يود شراءها وشارفت على الانتهاء او معروضة لسبب معيّن بأرخص من سعرها.
ونصحت قصابيان الناس بالقول، عليكم معرفة انه لا يجوز خلط مواد مع أخرى كالدجاج مع الحبوب او الخضر مع الالبان والاجبان.
وتناولت الاضرار الناتجة من تناول مواد غذائية مضروبة لما قد تحتوي على بكتيريا وعوارض تسمم تبدأ بالتقيؤ وتنتهي بمستشفى.
والسؤال هل فعلا اتعظ التجار والتزموا بعد تسطير محاضر الضبط؟ إذا كانت الإجابة نعم، فلماذا نجد ان الفلتان يتظهّر بشكل أكبر وان أحدا لا يلتزم لا بمحضر ضبط ولا بإقفال وربما الشمع الأحمر هو الحل لان الرهبة تفيد أكثر من الضرب بالورود.