ضمن جولة في كواليس وخبايا الانتخابات النيابية المرتقبة، تبدو الاجواء هادئة في بعض المناطق، مقابل اخرى ساخنة، خصوصاً حيث يغلب الطابع المسيحي، في ظل التحدّي القائم اليوم بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» ضمن لوائح الطرفين، على الرغم من توق معظم الشعب اللبناني لوصول وجوه جديدة غير حزبية، فيما يبدو ذلك التغيير بعيداً لدى اطراف اخرى، فبيئة الثنائي الشيعي لا تهدف الى تغيير نوابها، إلا بإستثناء القليل منهم، كذلك الامر بالنسبة للبيئة الدرزية، فأكثرية الاسماء عائدة، وإن لم يكن النائب نفسه، فإبنه سيحّل مكانه، مما يعني ان المشهد النيابي الدرزي لن يتغيّر كثيراً، بل مستمر حتى إشعار آخر.
على الخط السنيّ، الوضع يبدو غريباً، بعد قرار العزوف عن الترشح وإقفال البيت السياسي للرئيس سعد حريري، مما يعني إنطواء صفحة سياسية كي تفتح اخرى، لكن على خط المعارضة السنّية لرئيس « تيار المستقبل»، تشهد الساحة السنّية شهية على المقاعد، بحثاً عن دور جديد، فيما على خط مناصري الحريري فهنالك تأرجح بين الترشح وعدمه، اذ إنقسم نوابه بين مَن عزف عن الترشح ومَن يتحضّر لخوض المعركة، حاملاً شعارات ومبادئ قديمة علّها تعيده من جديد، او توصله لأول مرة الى المجلس النيابي.
وسط هذه المشاهد، تبقى الساحة المسيحية وحدها ملكة على عرش الانتخابات، لذا تتحضّر بقوة لخوضها، وافيد بأنّ الجولات الانتخابية على القرى والبلدات قائمة على قدم وساق، في ظل سخونة سياسية لافتة، وفقاً لمصادر سياسية متابعة للملف الانتخابي، بأنّ معظم الاحزاب المسيحية تترّقب بحذر، لان لا شيء مضموناً والمفاجآت واردة، وفق ما تقول في كواليسهم، لكن على ارض الواقع الكل اعلن انتصاره قبل بدء المعركة في منتصف ايار المقبل، منعاً لتفاقم الاحباط في نفوس الحزبيين والمناصرين.
الى ذلك تبرز المقاعد المارونية ضمن المعارك القائمة والمرتقبة خصوصاً في كسروان، وتحديداً على المقعد الخامس الماروني الذي سيشكل مفاجآة، فيما المقاعد المارونية الاربعة محسومة، لصالح ندى البستاني وفريد هيكل الخازن وشوقي الدكاش ونعمة افرام.
كما تسجّل معركة طاحنة على المقعد الماروني الثاني في البترون، بحيث تتجه الأنظار بقوة الى هناك، لانّ ظروفها تختلف اليوم عن السابق، في ظل غياب الاصوات السنيّة المؤيدة للحريري، والتي كانت ترجّح اتجاه المعركة، وفي الدائرة عينها أي الشمال الثالثة، هنالك مخاوف ايضاً على المقعد الماروني الثالث في زغرتا.
وفي هذا السياق، تبرز الهواجس بقوة من خسارة «القوات» للمقعد الماروني في دائرة بعلبك – الهرمل، الذي يشغله النائب أنطوان حبشي، المرشح من جديد والمهدّد بالفشل من جرّاء خسارة «القوات» للحليف السابق الرئيس الحريري، والاصوات السنيّة المناصرة له هناك، في ظل مبارزة انتخابية «قواتية» مع الثنائي الشيعي في منطقة البقاع الشمالي، من هنا يُطرح السؤال هل سيخرق هذا المقعد من جديد على غرار ما حصل في انتخابات العام 2018؟ بحيث شكّل فوز حبشي انتصاراً كبيراً لـ «القوات» في منطقة انتخابية صعبة جداً، على الصعيد السياسي والحزبي الذي طبع المنطقة، بنسبة تأييد كبيرة للثنائي الشيعي، إنطلاقاً من المنحى الطائفي الذي يمثل تلك البقعة الجغرافية.
وفي الاطار عينه، هنالك معركة في دائرة بعبدا على المقعد الماروني الثالث، لانّ المقعدين المارونيين الاول والثاني حُسما لمصلحة بيار ابو عاصي وآلان عون، فمن سيكون الثالث؟ هل هو كميل دوري شمعون ام العميد خليل الحلو ام ميشال الحلو؟
وفي دائرة بيروت الاولى وتحديداً الاشرفية، لمَن سيكون المقعد الماروني، لنديم الجميّل ام ايلي اسود ام جورج شهوان؟.
كذلك الامر بالنسبة الى عروس البقاع زحلة، التي تتحضّر لأشرس المعارك الانتخابية وهي بدأت قبل غيرها، من خلال رسم صورة التحالفات بطريقة خفية قبل اشهر من الاستحقاق المنتظر، لكن الحماوة بارزة بين مرشحي «القوات» و»التيار الوطني الحر».
في الختام وبعيداً عن المقاعد المارونية ، لا يمكن إلا ان نشير الى معركة شرسة على احد المقعدين الدرزيين في الشوف، فالاول محسوم لتيمور جنبلاط، اما الثاني فملامح معركته بدأت منذ اشهر، بين النائب المستقيل مروان حماده، والوزير السابق وئام وهاب، فمَن سيفوز به؟.