طلب وزير الدفاع موريس سليم، في مراسلة رسمية في 22 الشهر الجاري، من قيادة الجيش إيداع وزارة الدفاع المستندات اللازمة حول اتفاقيتي بيع الأسلحة اللذين كشفت عنهما «الأخبار» في 20 الجاري.
في المُراسلة المقتضبة التي أرسلها سليم الاثنين الماضي، وحملت طابع العجلة، طلب سليم إيداع الوزارة «كامل الملف العائد للاتفاقيتين اللتين لا يتبين من قيود وزارة الدّفاع حتى اليوم، أنّهما اقترنتا بالإجراءات والموافقات والقرارات الواجبة قانوناً عند بيْع الأموال العامّة المنقولة»، ما يؤكد ما نشرته «الأخبار» عن أن الاتفاقيتين لم تمرا بمجلس الوزراء أو بوزارة الدفاع.
وتأتي المراسلة لتزيد العلاقة بين سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون توتّراً، بعد التشكيلات التي قام بها الأخير داخل الغرفة العسكريّة التابعة لوزارة الدّفاع من دون مراجعة سليم ما عطّل دائرة الشؤون القانونيّة فيها. علماً أن وزراء الدفاع الذين تعاقبوا أثناء ولاية قائد الجيش اصطدموا بما سيسمّيه أحدهم «تفرده وعناده وعدم مراعاته العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش». ومن صور هذا التفرد قبول قائد الجيش هبة من دولة أجنبية من دون العودة إلى مجلس الوزراء وتحويلها إلى حساب خاص وصرفها بقرارات من قائد الجيش.
فقد سمع وزير الدفاع من الإعلام عن الهبة القطريّة للجيش والبالغة 60 مليون دولار ليوزّعها عون بمبلغ 100 دولار شهرياً على العسكريين. الوزير الذي لم يتبلغ بالهبة بالطرق الرسميّة، أرسل إلى كتاباً في 25 آب الماضي ذكّره فيه بالأحكام القانونيّة التي ترعى قبول الهبات والتبرّعات. ولفت في كتابه إلى أنّ «صلاحية قبول الهبات، سواء كانت أموالاً منقولة أو ثابتة أو نقديّة أو سواء ذلك من الحقوق باسم الدّولة، تنحصر بمجلس الوزراء وفقاً للمادة 52 من قانون المُحاسبة العموميّة».
والأفدح أن هذه الهبة الممنوحة لمؤسسة عامّة لم يتبيّن لها أي أثر في القنوات الرسمية. لذلك، عدّد سليم التعاميم الصادرة عن مجلس الوزراء والتي «تشدّد على ضرورة أن يقوم كل من يوكل إليه التصرّف بالهبة بتقديم الحساب عن الأموال التي تُعطى له لإثبات كيفيّة التصرّف بها، على أن يكون الحساب المذكور معزّزاً بالأوراق الثبوتيّة النظاميّة بغية إتمام الإجراءات القانونيّة والإداريّة المرتبطة بها».
وعليه، طالب سليم إيداعه كافة المستندات المتعلّقة بحساب الهبة القطريّة، من دون أن يلقى جواباً، ما اضطّره إلى إرسال كتاب ثانٍ بعد 4 أشهر (في 14 كانون الأول الماضي) فنّد فيه المواد القانونيّة التي تمنع قائد الجيش قبول الهبة والتصرّف فيها بعد أن أضحت أموالاً عموميّة، من دون أن يحرك عون ساكناً، بل تصرّف وكأنّ لا جهة رقابيّة على قيادة الجيش، ولا قانون يضطّره إلى تزويد وزارة الدّفاع بتفاصيل ما يقوم به!