بسمة العواملة – كاتبة أردنية
على ضوء ما يجري من حروب و نزاعات مسلحة ،وما ينتج عنها من تداعيات ،دوما كانت تتعالى بعض الاصوات مطالبة بتوفير حماية للمدنيين غير المقاتلين، من خلال وضع ضوابط رئيسية لوضع قواعد للحرب و كيفية خوض هذه الحروب لضمان توفير الحماية لغير المقاتلين مثل (الجرحى و المرضى والمحتجزين وأسرى الحرب والمنكوبين في البحار ) ومن هنا تم إبرام إتفاقية جنيف الأولى لعام 1864 ، والتي أسست و مهدت لإيجاد ما يعرف بالقانون الدولي الإنساني ،الذي كان يتمحور حول إتخاذ الخيارات الملائمة لصون الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية أثناء الحرب ، و للتميز بين الممتلكات التي يجوز استهدافها بالحرب ، وبين تلك التي يجب حمايتها (الأعيان و المواقع المدنية ) وإعتبار أن إستهداف هذه الأعيان من الأعمال المحظورة (من قبيل جرائم الحرب ) و يتوجب محاسبة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية بإعتبارهم مجرمي حرب .
وقد منح القانون الدولي الإنساني فئة الصحفيين والفرق العاملة معهم صفة المدنيين ، الذين يتوجب توفير الحماية الكاملة لهم ، فالصحفي المكلف بمهام خطرة في البؤر الساخنة ، كذلك مراسلوا الحرب الذين يعتبرون ممثلين لوسائل الإعلام ،يجب أن يكونوا على علم مسبق ،قبل إدراجهم في داخل القوات العسكرية ، بضرورة الإلتزام بالقواعد الميدانية ،التي تلزمهم بمرافقة الوحدة التي تتكفل بحمايتهم .
وعند الحديث عن الحماية لا بد من التطرق للمقرات الصحفية ،بإعتبارها اعيان مدنية لا يجوز بأي حال من الأحوال إستهدافها.
ونتيجة للصعوبات والمخاطر التي تواجه الصحفي أثناء نقله لما يجري من أحداث ، وما يقع على عاتقه من إيصال للمعلومات حول ما يجري في مناطق النزاعات المسلحة ، لإيصال الصورة الى وسائل الإعلام كافة ، لا يجب عليه أن يتخطى الى عمق المناطق العسكرية ، حتى ينأى بنفسه عن تهمة التجسس او إتهامه بإرتكاب أعمال عدائية و بالتالي تنزع عنه الصفة و الحماية المدنية .
وعلى الرغم من الحماية التي اقرها القانون للصحفيين أثناء تغطيتهم للحروب والنزاعات المسلحة ، الإ أنه كثير ما يتعرض الصحفيين لمجموعة من الإنتهاكات الجسدية والتي تمس الجسد او الكرامة الإنسانية مثل الضرب والتعذيب الإغتصاب وغيرها من ضروب المعاملة اللأنسانية، بل وقد يصل الأمر الى الخطف وإنهاء حياتهم.
فمعاهدة جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني بالشكل الحالي لا تمنح الصحفيين الحماية المطلوبة ، من هنا يتوجب على المجتمع الدولي إبرام معاهدة دولية خاصة بحمايتة الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة لتعزيز الحماية القانونية لهم، كذلك حث المنظمات الدولية مثل الصليب والهلال الاحمر الدوليين ومنظمة مراسلون بلا حدود ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات المعنية، للإسراع في تقديم مسودة أولية لهذه المعاهدة والعمل على تشجيع الدول كافة للتوقيع عليها بعد إقرارها.