مختلف المعطيات السياسية تؤشر على ان هذا الاسبوع سيكون حاسما على الصعيد الحكومي، على اعتبار أن رئاسة الجمهورية باتت أقرب إلى الفراغ منه إلى الصيرورة، وفق الشواهد الظاهرة للعيان.
المصادر المتابعة ترى الحكومة في وضع المخاض، آملة ولادتها بحدود يوم الخميس المقبل الذي قد يصادف ايضا يوم الجلسة الانتخابية الخامسة لرئاسة الجمهورية.
والمطروح لهذه الجلسة الانتخابية، وفق المصادر الديبلوماسية في بيروت، انتخاب شخصية مارونية تتمتع بالمواصفات التوافقية المطلوبة، مع القدرة على اتخاذ الموقف، وهنا يتردد اسم وزير الداخلية السابق زياد بارود، وإذا لم يتأمن النصاب لهذه الجلسة ايضا يكون الذهاب إلى الفراغ.
وفي حال حل الخميس ولم يوقع الرئيس ميشال عون مرسوم تشكيل الحكومة الميقاتية يغدو لبنان أمام فراغين، الفراغ في رئاسة الجمهورية والفراغ في السلطة التنفيذية، وليس بعدهما سوى الفوضى الدستورية والأمنية التي لوح بهما رئيس «التيار الحر» جبران باسيل، ومن باب الفوضى يدخل التدويل.
هذه الصورة القاتمة بوشر بتداولها في بيروت منذ فشل جولة الانتخاب الرئاسية الثانية، وفي المعطيات المتداولة أن القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701، والمكلفة بمساعدة الدولة اللبنانية على إعادة بسط سلطتها على كامل أرضها ستكون جاهزة لتوسيع الانتشار.
ومن المسلم به حتى الآن، أن انتخاب رئيس للجمهورية لم يعد ممكنا من دون توافق دولي وإقليمي، وهذا التوافق مازال غير واضح الامكانية في القريب، مع اتساع دائرة المنخرطين في الحرب الاوكرانية، وخصوصا على الجانب الإيراني المتهم بتزويد روسيا بالطائرات المسيرة المشاركة في القصف على أوكرانيا، تزامنا مع تجدد القصف الاسرائيلي للمواقع الايرانية في سورية وفق هذه المصادر.
ومع اقتراب انتهاء عهد الرئيس عون تشير الاحصائيات الى تميزه سلبيا عن كافة العهود السابقة له، من حيث ان نحو نصف ولايته السداسية كانت تعطيلا وبإدارة حكومات تصريف الأعمال.
وبحسب «الدولية للمعلومات» فإن فترة تصريف الأعمال في حكومة تمام سلام بلغت 48 يوما منذ بدء ولاية عون، أما فترة تصريف الأعمال في حكومة سعد الحريري الأولى فبلغت 255 يوما، في حين أن حكومة الحريري الثانية التي تشكلت عام 2019 بلغت 85 يوما، أما الحكومة الرابعة برئاسة حسان دياب فقد بلغت فترة التصريف فيها 397 يوما، وأما فترة التصريف في حكومة نجيب ميقاتي، وهي الأخيرة خلال ولاية عون، فقد بلغت 165 يوما، والعداد شغال.
وبحسب دراسة للدكتور صالح المشنوق في «النهار» البيروتية تحت عنوان «1290 يوما من التعطيل»، لا يعرف الى متى تبقى في دائرة التصريف.
وتبقى الأنظار الآن على جلسة الانتخاب الرئاسية الرابعة غدا الاثنين، فرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يرى أن الطرف القادر على إنقاذ البلد من الفراغ الحاصل النواب الـ22 الذين يمكنهم الإحجام عن حرق أصواتهم بالرموز والشعارات، وذلك بالتصويت للمرشح الذي نطرحه (ميشال معوض) أو الذي يطرحون، فلعل وعسى أن نتجنب الفراغ مجددا.
لكن، بحساب موازين القوى، مازال دعاة التعطيل يتقدمون على دعاة الانتخاب، على غرار السيناريو الذي جرى عام 2014 و2016، وبين 2007 و2008، والمرجح تكراره غدا، طالما بقي مجلس النواب منقسما ثلاثيا.. ثلث مارس دوره من خلال تصويته لميشال معوض، وثلث ثان انتخب الشعارات والرموز، في حين صوت الثلث الثالث للأوراق البيضاء، أو الانسحاب من القاعة لإسقاط النصاب.
وحدها قوى المعارضة تحاول إحداث خرق حقيقي، وآخر تحركاتها تمثل بزيارة النائب ملحم رياشي لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، في مقره بكليمنصو في بيروت، موفدا من رئيس «القوات» جعجع، بحضور نواب «الاشتراكي»، وتركز الحديث على كيفية دعم المرشح الرئاسي ميشال معوض الذي حقق 44 صوتا في الدورة الانتخابية الثالثة، وفي حال توحد التغييريون والمنفردون وأصحاب الشعارات الورقية حوله، كما يأمل رئيس «القوات»، ويشاركه آماله رئيس «الاشتراكي»، يكفي معوض 22 صوتا اضافيا كي يصبح «صاحب الفخامة».
ولكن ماذا لو بقي قرار التعطيل في قبضة ثلاثي «أمل» و«الحزب» و«التيار»، ريثما يأتي الضوء الأخضر من الخارج؟ يبدو انهم بانتظار ذلك، سيواصل نواب هذا «التحالف الثلاثي» الاقتراع بالأوراق البيضاء والانسحاب من القاعة لإفقاد النصاب بعد الدورة الأولى، فيما يتابع نواب التغيير والاعتدال الهروب إلى الأمام عبر التصويت لرموز قد يكون لها معنى، لكن بلا طعم.