على وقع الحرب في غزة وتوجه انظار العالم الى جبهة الجنوب اللبنانية المرتبطة حكما بميدان غزة، يتصدر الداخل اللبناني ملف قيادة الجيش على ابواب الفراغ الذي يطرق بابها مع بلوغ قائد الجيش سنّ التقاعد، في العاشر من كانون الثاني المقبل، فاي مصير ستكون عليه المؤسسة العسكرية عشية العاشر من كانون؟
حتى الساعة تتقاطع كل المعلومات على عدم التوصل الى حل توافقي بين الجميع ولو ان الاتصالات لا تزال قائمة وهي ستتكثف بحسب المعلومات في الساعات المقبلة لانضاج الصيغة التي تضمن عدم حصول فراغ في المؤسسة العسكرية وسط تباين كبير لدى الفرقاء بين التمديد والتعيين.
فالجلسة المفاجئة التي دعا اليها الخميس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لم تتطرق الى هذا الملف الا من باب الكلمة التي القاها في مستهل الجلسة والتي غمز فيها من قناة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر قوله ان اي قرار سنتخذه بالنسبة لأي استحقاق داهم سيكون منطلقه بالدرجة الاولى مصلحة الوطن واولوية تحصين المؤسسات في هذه المرحلة الدقيقة، وحتماً لن تكون الحكومة ساحة يستخدمها من يريد تصفية حسابات شخصية ومنازعات فردية على حساب المصلحة العامة”، بحسب ميقاتي.
فغالبية الوزراء تفاجؤوا بالدعوة السريعة التي وجهت اليهم بعدما كان مقررا ان ينعقد مجلس الوزراء الاثنين المقبل، وفي محاولة منهم للاستفسار عن الموضوع ولا سيما لجهة ما اذا كان موضوع التمديد لقائد الجيش قد يطرح من خارج جدول الاعمال اتاهم التأكيد ان الامر لن يطرح وبالفعل هذا ما حصل ولا سيما ان معلومات الديار تشير الى ان وزير السياحة وليد نصار الذي يشارك عادة في الجلسات الحكومية اذا اكتمل نصابها اي من دون ان يكون هو من أكمل النصاب كان ابلغ ميقاتي بانه لن يسير بالتمديد بغياب التوافق الكامل.
معلومات الديار من مصادر موثوق بها تكشف ان حزب الله هو الذي تمنى منذ الجلسة السابقة على ميقاتي التريث في طرح الموضوع رغبة منه باعطاء فرصة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ليفكر مليا في الحل الانسب ويتخذ قراره في ما خص التعيين، وتشير المصادر الى ان حزب الله الذي لا يمانع لا التعيين ولا التمديد، وهو ابلغ المعنيين بهذا الامر، يكثف اتصالاته توصلا الى حل يرضي الجميع ولا “يحشر” فيه باسيل الرافض وحده التمديد لعون او حتى تأخير التسريح لفترة زمنية محدودة.
لكن تروي حزب الله والفرصة التي يمنحها لباسيل لن تكون مفتوحة المدى، فانفتاح الحزب وقبوله مبدأ التعيين بغياب رئيس للجمهورية لا يعني حكما الموافقة على الآلية التي يطالب بها باسيل، فما يطرح في الكواليس السياسية، بحسب المعلومات هو سير حزب الله بما يريده باسيل لجهة التعيين اي تعيين قائد جديد للجيش ورئيس للأركان ومديرين للإدارة العامة والمفتشية العامة، شرط الا يصدر تعيينهم عبر مرسوم جوّال يوقّعه جميع الوزراء ال 24 كما يطالب باسيل كي لا يعطي حكومة تصريف الاعمال شرعية التعيين بظل غياب رئيس للجمهورية ، فالحل الانسب، بحسب مصادر مطلعة في 8 اذار، يأتي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، اذا ما قرر باسيل السير بالتعيين، اي بان يعمد وزير الدفاع ويرفع اقتراحاته للتعيين بجلسة يحضرها سليم والوزراء المسمون من قبل التيار ويمر الموضوع بتوقيع كل من ميقاتي ووزير الدفاع ووزير المال وهذا ما لا يزال باسيل يعارضه حتى الساعة بحسب المعلومات. علما ان الموقف النهائي لرئيس مجلس النواب نبيه بري لم يتبلور بعد لما هو ميال باتجاهه ولو ان رئيس المجلس يقول في مجالسه انه لا يمانع لا التعيين ولا التمديد، فيما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يفضل راهنا التمديد على التعيين والانسب بالنسبة له تمديد يشمل كل الاجهزة الامنية او تعيين مجلس عسكري مع التمديد لقائد الجيش.
وفيما تؤكد اوساط مطلعة على جو وزير الدفاع موريس سليم انه مستعد للقيام بما يلزم من جهته لتعيين قائد جديد للجيش وملء الشواغر في المجلس العسكري ، ولا سيما انه يعتبر ان ما يحكى عن تأخير التسريح هو مخالفة واضحة لقانون الدفاع الوطني وتحديدا للمادة 55 منه وتجعله عرضة للطعن.
وتجزم الاوساط بان سليم ابلغ كلا من بري وميقاتي بانه مستعد للقيام بواجباته للتعيين.
كما تكشف معلومات خاصة للديار ان السفيرة الاميركية دوروثي شيا استمعت خلال اللقاء الذي جمعها الخميس بوزير الدفاع لاقتراحات الاخير حول الاسماء البديلة لعون وقد مرر سليم اسم مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ولم يلق هذا الاسم “معارضة اميركية”.
كما تفيد المعلومات بن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي هو على تواصل دائم مع المسؤولين الاميركيين يدخل ايضا على خط هذا الملف وقد علمت الديار ان بوصعب سأل المعنيين المتابعين اللبنانيين للملف ولا سيما بعدما سارت معلومات عن النية لاصدار قرار بتأجيل تسريح العماد عون في مجلس الوزراء، باعتبار ان الدراسة التي اعدها مكية تبرر تأجيل التسريح في مجلس الوزراء ولو بغياب الوزير المعني، ما اذا كان المعنيون انفسهم يقبلون اتخاذ قرار مماثل فيما لو كانت القضية تتعلق بغياب أحد وزراء الشيعة فيما لو كان هذا الوزير هو المعني بالملف.
بالانتظار، يبدو واضحا ان لا اتفاق ناضجا بعد علما ان المعلومات ترجح ان يكون الاسبوع المقبل حاسما باتجاه التوصل الى صيغة ما وقد يأخذ المعنيون وقتهم الكافي حتى اخراج الحل.
فهل يتنازل باسيل عن مبدأ المرسوم الجوال وتوقيع الـ 24 وزيرا بغياب رئيس الجمهورية ويسير بالتعيين عبر مجلس الوزراء بتوقيع ميقاتي والوزيرين المعنيين؟ فيطيح التمديد المحتمل لجوزيف عون وما يتبعه من بقاء عون في اليرزة وبعد ذلك ارتفاع حظوظه ليصل الى بعبدا او ان ما لم يقبله رئيس التيار سابقا لن يقبله اليوم تحت اي مبرر؟
مصادر مطلعة على جو التيار تؤكد ان التيار حتى الساعة متمسك بصيغة الـ 24 وزيرا، وانه في حال لم تمر هذه الصيغة فالافضل بالنسبة للتيار استلام الضابط الاعلى رتبة، الا ان اوساطا بارزة مطلعة على جو الثنائي الشيعي ترجح أن يقبل باسيل تمرير الموضوع بجلسة تخرج بتواقيع المعنيين الثلاثة ميقاتي وسليم وخليل. فهل يكون التعيين هو الحل الذي يعمل عليه او اننا سنكون امام تأجيل تسريح موقت ينال موافقة الجميع باستثناء التيار ولو انه سيكون عرضة للطعن امام شورى الدولة؟