كما توقعت «الأنباء»، احتل النقاش الدستوري الوقت الأوسع، من جلسة الانتخاب الرئاسية السادسة في مجلس النواب، وتحديدا في موضوع «نصاب الثلثين» بين من يراه ضروريا في أول جلسة وكل جلسة، كرئيس المجلس نبيه بري وفريق الممانعة، ومن يراه في أول جلسة فقط، ليهبط النصاب الى النصف زائدا واحدا، أي إلى 65 صوتا من وجهة نظر الفريق الداعم لترشيح النائب ميشال معوض.
وقد انتهت السجالات على طريقة «للبحث صلة!»
أفضل توصيف لجلسة أمس الانتخابية، كان للنائب جميل السيد، صاحب الورقة التي كتب عليها: «فالج لا تعالج، بدها عصا..».
وأخطر التوجهات التي احتواها صندوق الاقتراع، هي ورقة باسم رجل الأعمال النائب ميشال الضاهر الذي ينتمي الى الطائفة الكاثوليكية، ما يشكل خرقا للعرف المتبع بأن يكون رئيس الجمهورية مارونيا، ما يعني أن من وضع ورقة باسم نائب كاثوليكي في صندوق الاقتراع على منصب هو عرفا للموارنة، إما انه يريد «التنمير» على النائب ضاهر، أو يريد التهويل بالعودة الى المرحلة الانتدابية، حين كانت الرئاسة لمسيحي بالمطلق، من بترو طراد الأرثوذكسي الى أيوب ثابت الكاثوليكي.
وفي جلسة أمس أيضا، كان الجديد وجود ورقة باسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مرشح فريق الممانعة غير المعلن، وذلك لأول مرة.
واللافت أيضا، كان اعتياد النواب على حضور جلسات انتخاب رئيس، يعلمون مسبقا بأنها لن تكون أكثر جدية من سابقاتها، فقد تحول الخميس النيابي، من يوم للانتخاب إلى يوم لانتظار الضوء الأخضر الخارجي لينتخبوا الرئيس المطلوب.
وهنا توقعت قناة «الجديد» دخول واشنطن مباشرة على خط الرئاسة اللبنانية، حيث تقول إن الإدارة الأميركية ستوفد رسولا إلى بيروت ممن تربطهم علاقة ودية بسليمان فرنجية، وهذا لن يبعد عن فرنسا دورا تضطلع به.
المرشح الرئاسي ميشال معوض، وحده تحدث عن «لبننة» الاستحقاق الرئاسي، فبعد رفع الجلسة التي هبط فيها عداد أصواته من 44 في الجلسة الفائتة الى 43 أمس، تحدث لوسائل الاعلام قائلا: «المعركة مستمرة بين من يريد محاولة جدية أخوضها للبننة الاستحقاق، وبين من ينتظر القرار الخارجي..».
وأضاف: «من الواضح اليوم ان المعركة التي نخوضها الآن، هي معركة خنادق، كما أصفها، مع من يحاولون انتظار التسوية الدولية، حتى ان أحد النواب قال بصراحة، لا ينتخب رئيس في لبنان من دون تدخل خارجي..».
وهنا يبدو ميشال معوض كمن يحارب طواحين الهواء.
فالواقع ان انتخاب الرئيس اللبناني يجري عمليا وتقليديا، خارج مجلس النواب، وربما خارج لبنان، وتحديدا في بضع عواصم معينة، وهو اذا لم يكن في قلب اهتمامات هذه العواصم حتى اليوم، بسبب الحرب الأوكرانية المقلقة للجميع، فثمة من يتوقع له أن يتقدم الصفوف، مع فراغ الإدارة الأميركية من الانتخابات التشريعية النصفية وتداعياتها.
وللدلالة على ذلك، وجود رئيس التيار الحر جبران باسيل في باريس، بوصفها نقطة الارتكاز الغربية، بما يعني لبنان.
والظاهر، حتى الآن ان لقاءات باسيل في باريس، لم تحقق الكثير، قياسا على مستوى هذه اللقاءات من الجانب الفرنسي، واقتصرت على اجتماعات غير رسمية، ولم تسجل في محاضر الاليزيه كما تقول قناة «الجديد».
لكن مصادر متابعة في بيروت، تناولت جانبا آخر من وجود باسيل في باريس، يتعلق بالإشكالية الحاصلة مع شركة توتال الفرنسية التي تدير مشروع الغاز في حقل قانا اللبناني.
ونقل مقربون من التيار الحر كلاما قاله النائب باسيل، أمام عدد من محازبيه في أحد مقاهي البترون قبل زيارته إلى قطر، سخر فيه من طموحات رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، وقال بصوت عال أمام الجميع، «خلي فرنجية يحلم، ما رح يشوفها حتى بالمنام».
وأضاف «أنا المرشح للرئاسة، وبطمن الكل، علاقاتي متواصلة مع الاميركيين بعيدا من الإعلام، ويللي انا بعرفو، فرنجية ما معو خبرو».