المصدر: عربي 21
ما زالت الأوساط العسكرية الإسرائيلية، منشغلة بقلق في ما حصل مع الطائرة المسيرة التي أطلقها حزب الله باتجاه أجواء إسرائيل ولم تنجح الطائرات الإسرائيلية المقاتلة والمروحيات وصواريخ القبة الحديدية في إسقاطها، لتعود سالمة إلى لبنان، ما يضع تحديا جديدا على الاحتلال لم يكن في حسبانه في جولات عسكرية سابقة، لا سيما أنها طائرات بسيطة للغاية، يمكن الحصول عليها الآن بالشراء عبر الإنترنت، وهناك طائرات بدون طيار أكثر خطورة.
وكان الحزب قد استخدم في السابق طائرات صغيرة حصل عليها من إيران، وبعضها صنعها بنفسه، ما حدا بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية للبحث عن حلول رخيصة التكلفة لهذا التهديد الذي بات ينتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، رغم الإعلان مؤخرا عن جاهزية منظومة الاعتراض القائمة على الليزر، لكن دون نجاح يذكر.
ليعاد أوسمو ويسرائيل موسكوفيتش وإيتمار إيخنر، كتبوا مقالا مشتركا في صحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته “عربي21″، جاء فيه أن “توغل الطائرة المسيرة داخل الحدود الإسرائيلية من جنوب لبنان تسبب في حالة من الذعر لدى مستوطني الشمال، ورغم إطلاق طائرات حربية هليكوبتر عليها، وتفعيل القبة الحديدية، وإطلاق جهازي إنذار في المنطقة، فإن الطائرة استطاعت الإفلات من كل هذه المنظومات والعودة الى أجواء لبنان من جديد دون أضرار أصابتها”.
وأضافوا أنه “طالما كانت الطائرات بدون طيار والطائرات الصغيرة، التي يزيد صغر حجمها في صعوبة اعتراضها، تقوم بنشاطات منذ فترة طويلة في كل ساحة معركة في الشرق الأوسط، وبعد أن كان هذا السلاح فقط بحوزة الدول والجيوش القوية، فإنها الآن باتت تصل لأيدي القوات المحلية والتنظيمات المسلحة مثل حماس وداعش وحزب الله والحوثيين، ربما نظرًا لأنها غير مكلفة نسبيًا، لكنها في ذات الوقت تشكل تهديدًا كبيرًا، ما حدا بالمؤسسة العسكرية للبحث لفترة طويلة في كيفية التعامل معها”.
لم يعد سرا أن الطائرات بدون طيار باتت تشكل مصدر تهديد وقلق كبيرين لدى إسرائيل، فقد بات من السهل جدا تنفيذ هجمات معادية عبرها، لا سيما أنها رخيصة الثمن، ويمكن الوصول إلى حيازة أسراب منها.. في المقابل فإن تكلفة اعتراضها باهظة للغاية، رغم أنها لم تنجح في الفترة الحالية، بالتزامن مع ترويج رئيس الوزراء نفتالي بينيت لبدء العمل بنظام اعتراض الليزر كونه أقل كلفة، لأن تكلفة كل صاروخ اعتراض من القبة الحديدية تصل إلى 50 ألف دولار، ما يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي التعامل مع أسراب من الطائرات بدون طيار في وقت الحرب.
في الوقت ذاته، يبدو الاحتلال بحاجة لاستجابة أرخص ثمنا وأكثر كفاءة، في ضوء أن هذا النوع من الطائرات بات تقريبا بحوزة جميع المنظمات المعادية للاحتلال، وجميعها تشكل تهديدات موجهة ضدها، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن إيران من أكثر الدول نشاطا في مجال الطائرات الشراعية والصغيرة، حيث تقوم بتطويرها على أراضيها، لكنها لا تحتفظ بقدراتها لنفسها، بل تنشرها بين كل أذرعها من المليشيات المسلحة في المنطقة خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وحاولت هذه الطائرات المسيرة مرارًا وتكرارًا التسلل إلى المجال الجوي الإسرائيلي، مقابل انخفاض كبير في عدد الطائرات المسيرة الإسرائيلية العاملة في الأجواء اللبنانية وقطاع غزة، بعد أن اعتادت على نشرها هناك لجمع المعلومات.. لكن اليوم فإن الوضع بات مختلفا، لأنها أصبحت تتعرض لخطر الإسقاط داخل لبنان وغزة، ولذلك فإن أي طائرة مسيرة تدخل هذه الأجواء هي بحاجة لحماية سلاح الجو.
وتبدي المحافل العسكرية الإسرائيلية قلقها من فشل مختلف المنظومات الدفاعية في إسقاط طائرة مسيرة واحدة، فكيف سيكون الحال إن تم إطلاق أسراب منها، ومن عدة جبهات، في وقت واحد، ما يطرح التساؤل عن كيفية التعامل في لحظة الحقيقة مع التهديدات الأكثر جدية، خاصة أنها نقلت مشكلة صفارات الإنذار من الجبهة الجنوبية مع غزة إلى الشمالية مع لبنان، ما يزيد من مخاطر هذه الطائرات، ويدفع جيش الاحتلال للبحث عن حلول حقيقية لها، وليست خيالية.