لا يزال لبنان يشهد في الفترات الأخيرة، حالة صعبة جدًا يكاد ينىسى خطورتها، بعد أن لامس الدّولار الواحد المئة ألف ليرة لبنانية، وباتت العيشة فيه أغلى من دول العالم وأكثرها تكاليفًا.
وبحسب منظّمة «هيومن رايتس ووتش» فإنّ غالبية الناس في لبنان، عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسط أزمةٍ إقتصاديةٍ خانقةٍ، حيث تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر.
وتبين إنّ قرابة الـ 70% من الأسر قد واجهوا صعوبة في تغطية نفقاتهم أو تأخروا دائمًا عن دفع النفقات الأساسية في العام السابق.
ولكن، هل نتج عن هذه الأزمة بعض الإيجابية؟
يشير شوفير التاكسي إدمون في حديثه للديار، إلى أنّ «الوضع في لبنان إختلف في الفترة الأخيرة. فصحيح أنّ الأوتوستراد العام يشهد إقبالًا من السيارات (إلى حدٍ ما)، لكنّه اختلف عن باقي السّنوات التي كنا نشهد فيه زحمة سير من الصباح حتّى المساء، وفي كافّة أيّام الأسبوع».
وســأل: «بعد أن لامــست صفــيحة البنزين المليوني ليرة، من يستــطيع بعد الآن أن يقود سيّارته يوميًّا إلّا للأسباب المهمّة مثل الحالات الحرجة والذهاب للعمل؟». وأكّد لنا إدمون أنّه باع سيّارته لانّه مهنته «ما عادت تطّعمي خبزا».
وأيضًا، لم يسلم قطاع استيراد السيارات من الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، لاسيّما بعد تعديل الدولار الجمركي من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد إلى 15 ألف ليرة، ومن ثم 45 ألفاً، وذلك خلال شهرين فقط واليوم حسب سعر صيرفة.
وبسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته المحروقات والمتزامن مع أزمة ارتفاع الرسوم الجمركية، تخلّى معظم اللبنانيين عن السيارات الكبيرة وتم استبدالها بأخرى صغيرة واقتصادية. وبعد أن ارتفعت صفيحة البنزين إلى مليوني ليرة، تراجع استهلاك المحروقات وخفّت زحمة السيارات وبالتالي تراجعت أرباح المحطات، وأصبح الخوف من إقفال عددٍ منها.
الأزمة الإقتصادية خفّفت من حوادث السّير
يقال «ربّ ضارةٍ نافعة»، وهذا ما حصل في لبنان في الآونة الأخيرة، بعد إنهيار العملة الوطنية أمام الدّولار وإرتفاع الأسعار والسّلع والخدمات، وبما فيها المحروقات، ما سبّب في إنخفاض نسبة حوادث السّير.
ويعود السبب الى ان اكثرية السائقين لم يعد يؤمن كاملا على السيارة بعد ان اصبح التامين بالعملة الصعبة وهذا ما حدا الى تجنب الحوادث تحسبا من فاتورة تاتي بالفراش لدى الكاراجات.
ووفقًا للدولية للمعلومات، يسجّل لبنان بدءًا من العام 2020، تراجعا كبيرا في عدد حوادث السّير وأعداد القتلى والجرحى الناتجة عنها. ويعود ذلك، بالدرجة الأولى، إلى حالة الإقفال بسبب الكوفيد- 19 والحجر الصحي، وحركة السير الخفيفة التي تأثّرت بالأزمة الاقتصادية وغلاء سعر صفيحة البنزين.
ولكن، إزاء تراجع عدد الحوادث، كان لافتًا إرتفاع عدد الضحايا. ففي العام 2018، كان هناك 9 ضحايا في كل 100 حادث سير، وأصبح 16 ضحية عام 2022.
وخلال فترة الأشهر الخمسة الأولى من العام 2023، مقارنةً بالفترة عينها من العام 2022، تراجع عدد حوادث السير بنسبة 6.5%، وتراجع عدد الجرحى بنسبة 5.5% وارتفع عدد الضحايا بنسبة 17%.
أبعد من حوادث السير..
سألت «الدّيار» عن أسبابٍ أخرى يمكن أن تؤدّي إلى إنهاء حياة المواطنين في لبنان. ولعلّ هذا السؤال بات يخطر في بال كلّ شخصٍ يعيش في هذه البلاد المنكوبة. ليتبيّن فعلًا أنّ الذي مصيره أن يعيش في لبنان، حتمًا سيموت ولو بطريقةٍ ما..
ولعلّ أبرز أسباب إنتشار آفة الإنتحار، تعود إلى الأزمة الإقتصادية وسوء الأحوال المعيشية لاسيّما بعد أزمة 2019.