الأمطار في صيدا تحوّلت من نعمة إلى نقمة، إذ كشف هطولها للمرة الثانية في غضون أسبوع واحد، مدى استفحال مشكلة النفايات من ألفها إلى يائها، حيث أدّى تراكمها على الطرقات وبين الأحياء السكنية إلى انسداد المجاري وقنوات التصريف وتحويل المدينة مستنقعات متفرّقة في شوارعها، في مشهد غير مألوف سابقاً.
وصيدا التي تفاخرت أمام أترابها من المدن اللبنانية على مرّ السنوات الماضية وعند العواصف واشتداد الأمطار، بأن لديها بنى تحتية سليمة وقوية، تحوّلت اليوم مدينة عاجزة عن معالجة مشكلة تراكم النفايات بعد التأخير في عملية تلزيم شركة جمع ورفع ونقل النفايات، إذ لم تتقدّم أي شركة لذلك.
مقابل العجز، تقوم حملة «الأوفياء لصيدا» بمبادرة مع التجار وأصحاب المؤسسات برفع النفايات وجمعها، ولكن كمية النفايات كبيرة وتفوق طاقتها على الدفع المالي، ويرفض منسّق الحملة فادي الكيلاني تحميلها مسؤولية ما جرى مع كل شتوة، ويعزو السبب أيضاً إلى عدم التعاون وإلقاء الحمل على الآخر.
وتشير مصادر بلدية لـ»نداء الوطن» إلى أنّها «تعمل حالياً على محورين: الأول إجراء الاتّصالات وعقد اللقاءات لإتمام عملية التلزيم بالتراضي لأنّ لا حلّ من دون ذلك أمام العقبات التي تحول دونها لجهة عملية الدفع شهرياً أو على أي سعر صرف للدولار الأميركي، والثاني الاستعانة بشركة «بلو سيتي» للمساعدة في عملية رفع النفايات ريثما يتمّ التعاقد معها».
ويقول رئيس البلدية حازم بديع: «نعمل على إيجاد حلّ عاجل ومستدام لأزمة النفايات التي تعاني منها صيدا وبلدات اتّحاد البلديات في صيدا الزهراني، بالتنسيق مع وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين، وكثّفنا جهودنا لإيجاد الحلّ ولا سيّما بعد فشل المناقصة الأخيرة مطلع الشهر الجاري في تلزيم شركة جديدة لجمع النفايات ورفعها في صيدا والجوار».
بديع الذي زار رئيس مجلس النواب نبيه بري للمساعدة في إيجاد هذا الحلّ، عقد لقاءات مع رئاسة ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام ومع الوزير ياسين ومع الشركات وهيئات المجتمع المدني المعنية بملف النفايات من أجل تلزيم شركة جديدة أسوة بما تم تطبيقه مع بلديات بيروت وطرابلس وجبل لبنان. كما عقد لقاءً تشاورياً مع إدارة شركة «سيتي بلو» حول تفاصيل التلزيم والأسعار، وما زالت الأمور في مرحلة التفاوض.
ويؤكّد بديع أنّ «سيتي بلو» قد «لبّت طلبنا بالمساعدة على رفع النفايات من شوارع المدينة إلى حين التوصّل لتلزيم شركة جديدة وتمّ إرسال شاحنتين إلى صيدا ومن المتوقّع أن ترفع عدد الشاحنات إلى 4 منتصف الأسبوع الجاري لتسريع أعمال رفع النفايات من مختلف الشوارع».
وتؤكد مصادر بلدية صيدا أنّ الإشكالية ليست في تنظيف مجاري الصرف الصحّي ولا قنوات تصريف مياه الأمطار، وإنما في أكوام وأطنان النفايات التي تتراكم في الشوارع والساحات وبين الأزقّة والأحياء السكنية والتي سرعان ما تسدّ القنوات عند هبوب الرياح وتساقط الأمطار لتتحوّل الشوارع إلى برك ومستنقعات.
مقابل المساعي، تحرّك النائب عبد الرحمن البزري الذي شارك في اجتماع عُقد في البلدية بحضور بديع ومدير عام مؤسسة مياه لبنان الجنوبي الدكتور وسيم ضاهر، حيث تمّ الاتفاق على التحضير للبدء بإصلاح شبكة الصرف الصحي في منطقة القياعة وفصل شبكة المياه الآسنة عن الأنهار (نهري القملة والبرغوت) للحدّ من تلوّث مياه البحر قبالة شاطئ المدينة.
أما الأمين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» النائب أسامة سعد فكتب على منصة «أكس»: «أضراره بالغة على صيدا ومغدوشة والغازية والضواحي… يستوفي شروط المحاصصة اللبنانية… وزير البيئة والنيابة المالية على دراية بجرائمه وكلاهما ساكت، يخالف بنود عقده مع بلدية صيدا وهي ساكتة، تحرّكنا مراراً وتكراراً وسنبقى مستمرين ولن نسكت مع الساكتين، معمل النفايات في حمى الفساد».