نضال العضايلة
أشارت آخر الإحصائيات إلى أنّ استهلاك الأردنيين للدّخان تزايد بنسبة 52% خلال فترة جائحة كورونا نتيجة لزيادة الضّغوط النّفسية الأمر الّذي يدقّ ناقوس الخطر في ظلّ أكثر من 4 مليارات دينار ( ما يعادل 5 مليارات دولار) ينفقها الأردنّ على التّدخين سنوياً.
وبمناسبة اليوم العالميّ للامتناع عن التدخين، الّذي صادف 31 أيّار الماضي، تبرز الحاجة إلى التّعامل مع هذه المؤشّرات المقلقة من خلال حوارات مجتمعيّة متكاملة تضمّ جميع القطاعات للخروج بإجراءات وتوصيات تقود إلى تفعيل حقيقيّ على الصّعيد التّشريعي.
كما ينفقون 508 ملايين دينار سنوياً نقداً على شراء منتجات التبغ، وفق ما نقله موقع غرفة تجارة عمّان.
ولا تقتصر هذه الكلفة على التّبعات الاقتصادية بل الصحّية والاجتماعيّة أيضاّ، حيث إنّ ما ينفقه الأردنيون على شراء منتجات التبغ يمكن به إنشاء ثمانية مستشفيات على غرار مستشفى الزّرقاء الجديد بسعة 500 سرير والبالغة تكلفته 65 مليون دينار.
وتنطوي هذه الظّاهرة على أرقام مقلقة خصوصاً أنّ هناك 39 فرداً يموتون أسبوعيّاً محلّياً و9 آلاف مواطن أردني يموتون سنويّاً نتاج أمراض تتعلّق بالتّدخين.
وعلى الجانب التّشريعي، أصدرت وزارة الصحّة الأردنيّة خلال عام 2020 قراراً يحظر التدخين بكافة أشكاله، أي السّجائر، والسّجائر الإلكترونية، والأراجيل في الأماكن المغلقة إلا أنّ هذا القانون بحاجة إلى تفعيل بصورة كبيرة.
وتشكّل الحوارات الاجتماعيّة الفاعلة الّتي تضمّ جميع الجهات من مختلف القطاعات كلمة السرّ للتّوعية الفاعلة بالكلف الحقيقية المترتبة على ظاهرة التّدخين الّتي تضرب بجذورها في المجتمع.
وتحت عنوان “منشآت خالية من التّدخين” عقد في حاضنة أمنية لريادة الأعمال The Tank وبحضور ممّثلي وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعي بالإضافة إلى عدد من الطلاّب وأعضاء الهيئة التّدريسية في الجامعة الألمانيّة الأردنية، جلسة عمل لبحث وتدارس هذه الظاهرة.
ودقّ الخبراء ناقوس الخطر خلال الجلسة من خلال تسليط الضّوء على حقائق وأرقام صادمة تتعلّق بظاهرة التّدخين في الأردنّ حيث تطرّقت الدكتورة دينا الزعبي، مديرة كسب التأييد وتطوير الأعمال في الجمعية الملكية للتوعية الصحية، إلى الوضع الرّاهن لاستهلاك التبغ في الأردن، حيث وصل عدد المدخنين بين الذّكور لـ 66%، وبين الإناث لـ 17.4%، و15.9% من الذكور و 2.6% من النّساء يستخدمون السّجائر الإلكترونية والتّدخين الإلكتروني، بينما يتوفى سنويّاً 9000 أردني بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين منهم 56% يموتون قبل سنّ السبعين عاماً بالإضافة إلى تعرّض 80% من الأردنّيين للتّدخين السّلبي.
وعلى عكس ما هو شائع أشارت الدكتورة الزّعبي إلى أنّ الابتعاد عن التّدخين في المطاعم والمنشآت السياحيّة في الأردنّ سيسهم في تعزيز السّياحة وإنعاش الاقتصاد خصوصًا أنّه بحسب دراسة أشارت لها فإنّ 5٪ فقط من الزّبائن يبحثون عن مقاهي تقدّم الأرجيلة أو السّجائر حيث إنّ تركيزهم ينصبّ فقط على الخدمة الجيدة والمنتج ذي الجودة العالية.
الطّريق إلى مطاعم ومنشآت وأماكن عامّة خالية من التّدخين يبدأ بحسب الدكتورة لاريسا الورّ، عضو مؤسس وأمين سر جمعية “لا للتدخين”، بتعزيز مستوى الالتزام بمنع التّدخين في الأماكن العامّة وخاصة المغلقة للوصول إلى الهدف المتمّثل في “أردنّ خالٍ من التّدخين” مع التّشديد على أنّ الهدف قد يكون جماعيّاً، إلا أنّ الجهد يجب أن يبدأ من كلّ فرد وضمن دائرته من أصدقائه وأفراد عائلته لتحقيق التّغيير المنشود، خصوصاً أنّ الأسباب الاجتماعيّة تتربّع على رأس قائمة الأسباب الكامنة وراء الانتشار الكبير للتّدخين في الأردن.
ولأنّ تقديم نماذج إيجابيّة يسهم في تسريع وتيرة التّغيير المنشود فقد شارك فراس شبانة وهو شريك في مقهى محلّي يمنع التدخين داخل منشأته؛ مقهى سترادا، تجربته وأبرز الإيجابيّات المترتّبة عليها وخصوصاً أنّه يسعى إلى تشجيع المزيد من المنشآت على أن تحذو حذوه.