نضال العضايلة
يواجه الأردن منذ سنوات تحديات كبيرة على الحدود الشمالية تهدد أمنه واستقراره وتستنزف موارده، فالحرب المستمرة في سورية ساهمت في زيادة تهريب المخدرات والعمليات الإرهابية.
ومع الارتفاع المضطرد والكبير في عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى المملكة الأردنية، وفي الوقت الذي تتم هذه العمليات بشكل منظم من قبل شبكات تمتد إقليميا على مساحة أكثر من دولة، ينفتح الأردن أكثر فأكثر على دمشق من اجل ان يجد هناك اذاناً صاغية لعلها تستمع اليه، وتعمل على لجم من يقف وراء هذه العمليات.
أن يحبط الأردن 361 عملية تهريب من الأراضي السورية خلال العام الماضي، ضبط خلالها نحو 15.5 مليون حبة مخدر من أنواع مختلفة، وأكثر من 16 ألف عبوة “حشيش مخدر”، وبحلول منتصف العام 2022، بصادر الأردن أكثر من 20 مليون حبة “كبتاغون”، ونصف مليون كفّ حشيش، أي بمعدل عملية تهريب واحدة يومياً منذ مطلع العام الحالي، أمر ليس بالهين، وليس بالسهل، خصوصاً وان إيران هي التي تسهل عمليات التهريب تلك.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن ملف المياه مع سوريا لا يزال يراوح مكانه، فمع بداية فصل الصيف كل عام، تعود أزمة المياه إلى الواجهة في كل من سورية والأردن، وتتعالى مطالب الأردن بضرورة التزام سوريا بتمرير كمية المياه المتفق عليها بين الجانبين، والتي تحدد حصة كل منهما في الأحواض الحدودية المشتركة.
النظام السوري رفض طلبا ببيع الأردن 30 مليون متر مكعب من المياه مؤخراً، وفي الوقت الذي يطالب فيه الأردن باستمرار بتفعيل اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك مع سورية الموقعة عام 1987، فإن الجانب السوري تجاوز حقوقه بموجب هذه الاتفاقية من خلال زيادة عدد السدود والآبار على مداخل سد الوحدة، ما تسبب بتراجع كميات المياه التي تصل إلى السد وقلل من حصة الأردن.
وتنص اتفاقية 1987 على حق الأردن بالحصول على نحو 200 مليون متر مكعب من مياه اليرموك سنويا، بينما تبلغ حصة سورية من مياه النهر بموجب الاتفاق 90 مليون متر مكعب سنوياً، الا ان ما يحصل عليه الأردن هو 58 مليون متر مكعب، في المقابل تحصل سوريا على 270 مليون متر مكعب.
وفي هذا السياق فإن النظام السوري لا ينشغل حاليا كثيرا بهذا الملف إلا بمقدار توظيفه سياسيا للضغط على الأردن من أجل تسريع خطوات تقاربه مع النظام، الذي يفتقر إلى الموارد الكافية للتحكم بمياه الجنوب السوري.
واما في ملف اللأجيئن السوريين ومع عدم ظهور أي علامات في الأفق تنبئ بقرب نهاية الحرب في سوريا، وعدم وجود مخرج حقيقي لما يبلغ 1.4 مليون لاجئ سوري في الأردن، يعيش 15% منهم في المخيمات ويتضاءل عددهم، يواجه الأردن وضعا طويل الأجل يتطلب حلا شاملا لتلبية الاحتياجات إلى التعليم والصحة والخدمات الأساسية الأخرى، فضلا عن مسألة حصول اللاجئين على فرص عمل قانونية.
ورغم ان الجدل يتواصل حول تأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني، مع إشارة بعض الدراسات إلى العبء الذي يشكلوه على البلاد، بينما تنوه أخرى إلى التأثير الإيجابي لهم على النمو الاقتصادي من خلال تخفيض الأجور الذي يعمل بمثابة محفز لمؤسسات الأعمال، فضلا عن شراء السلع الإنسانية في الأردن، وإنفاق المعونات النقدية فيه، والاستثمارات السورية.
ورغم حرص الحكومة على إبراز التحليلات التي تبين فوائد الأزمة الحالية على النمو الكلي، فإن الواقع هو أن هذا النمو لا يترجم تلقائيا إلى تحسن في مستوى معيشة اللاجئين السوريين أو الأردنيين الأشد فقرا، كما أنه لا يخفف من استنزاف الموارد المائية الشحيحة ولا من الأعباء على قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الأخرى.
ملفات تكاد تكون معدومة الحل، والسبب هو ان العلاقات الاردنية السورية التي تراوح مكانها في نقطة محددة، مستقرة بين اللونين مع الميل الى الرمادية على الرغم من الرسائل الإيجابية التي يبعث بها الطرفان.