بات لبنان على قاب قوسين من دخوله شهر آذار، وليس هناك اي جديد او اي مبادرات جديدة على صعيد الاستحقاق الرئاسي يمكن ان تؤدي الى الخرق، حتى التسويات العربية والاحاديث عن اجتماعات في مسقط يلزمها خمسة اشهر حتى تتوضح الصورة، وبالتالي لا رئيس للجمهورية للبنان خلال هذه الفترة. وفي المقابل، كشفت مبادرات رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وجولات النائب تيمور جنبلاط، ان الاراء بعيدة بين كل القوى المسيحية كـ «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب»، وبين القوى المسيحية والاسلامية على اسم رئيس.
وتقول المعلومات، انه في الاجتماع الخماسي الذي عقد في باريس، تمت مناقشة اسمين هما رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، على قاعدة ان فريق الممانعة مصر على فرنجية ولا يريد النائب ميشال معوض.
توازيا مع جولات السفراء لدى المرجعيات السياسية شن فريق الممانعة بالتضامن مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حملة على قائد الجيش، وهي رسالة للغرب بان العماد جوزاف عون غير مرغوب فيه. وهنا كان للسعودية موقف بانها لن تقبل بمرشح ينتمي لـ 8 آذار.
حتى اللحظة، يتمسك حزب الله بفرنجية، حيث سيبقى على موقفه اذا لم يجد مرشحا رئاسيا يُطمئن المقاومة من انها لن تتعرض للغدر، ذلك ان حزب الله يعلم استحالة وصول فرنجية رئيسا للجمهورية، بما ان اصوات النواب غير كافية لفوزه.
اما زعيم المختارة، فلديه خيار واحد وهو دعم سليمان فرنجية للرئاسة اذا قرر التخلي عن دعم النائب ميشال معوض. ولكن هل هو في هذا الوارد؟ بالتأكيد كلا، تجيب مصادر سياسية مطلعة، لانه اذا دعم فرنجية فسيكون قفز من موقع الى موقع آخر في ظل ظروف غير موضوعية. وبمعنى آخر ان جنبلاط عندما قام بوضع لائحة من ثلاثة اسماء، لم يضع بها لا اسم سليمان فرنجية ولا ميشال معوض، وهذا يعني ان جنبلاط يريد مخرجا رئاسيا توافقيا.
وامام الانسداد الداخلي الواضح هل يمكن ان يحصل اختراق خارجي؟ هل يمكن بعد اللقاء الخماسي في باريس، فضلا عن تكليف قطر بالتواصل مع ايران، ان تذهب الامور الى بعض من الايجابية بين طهران وواشنطن، فتتنفس الساحة اللبنانية الصعداء رئاسيا؟
خلاف ميقاتي – باسيل يحتدم ومنافسة داخل «الوطني الحر»
كلما طال الشغور الرئاسي، كلما تفاقمت الخلافات وتحديدا بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل. فميقاتي يهاجم في مجالسه بشكل عنيف باسيل ويحمّله مسؤولية تعطيل العمل الحكومي، وبالمقابل يرى باسيل ان ميقاتي تجاوز الدستور مرارا وضرب صلاحيات رئيس الجمهورية. وتقول المعلومات ان الجلسة الحكومية المقبلة ستزيد من نسبة المشاكل بين «الوطني الحر» من جهة، وميقاتي وحزب الله من جهة اخرى. اما اللافت، ان وزير السياحة وليد نصار الذي حضر جلسة الحكومة السابقة، يشير الى انه لم يطلع على جدول اعمال ولن يناقش في اي بند مطروح على الجلسة، وبالتالي فانه سيقرر الحضور بعد معرفته جدول الاعمال، واذا كانت هناك بنود اساسية تستدعي عقد الجلسة.
وحول العلاقة بين حزب الله و«الوطني الحر» هناك اتفاق على تمرير المرحلة بدون تشنجات، بعد ان اجريت اتصالات وتحديدا بين النائب جبران باسيل والحاج وفيق صفا، حيث اكد باسيل ان كلامه الاخير لا يستهدف سماحة السيد حسن نصرالله، وعليه تم التوافق بين الجانبين على وقف السجالات الاعلامية، فضلا عن ان البيان الاخير لـ «التيار الوطني الحر» حمل اشارات ايجابية لحزب الله، ابرزها ان رئيس الجمهورية المقبل لن يكون له علاقة بالارهاب واميركا والفساد، وعليه تنفيذ الاصلاحات. يُذكر هنا، انها المرة الاولى الذي يبتعد «التيار» عن الاسماء، ويركز على المواصفات السياسية لرئيس الجمهورية.
اما داخل «التيار الوطني الحر» فالاجواء مشحونة بين عدد كبير من اعضائه، حتى وصلت الامور الى حد انقسام حاد بين مؤيدين لرئيس التيار جبران باسيل، وبين داعمين للنائب آلان عون، فالذين يفضلون آلان عون يرون انه اكثر حكمة واتزانا وانفتاحا على الآخرين من باسيل. اما الاعضاء المؤيدون لجبران باسيل، فلا يزالون يعتبرونه القائد الامثل للتيار الوطني الحر، والذي سيحمي نفوذ التيار اينما كان، وسيقطع الطريق على سليمان فرنجية، الذي يشكل تهديدا لسلطة «الوطني الحر» في الشمال والحكم اينما كان.
«تفاهم مار مخائيل» لم ينته
الى ذلك، اكدت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان من يعتقد ان «تفاهم مار مخائيل» انتهى، وان «الوطني الحر» اختار الابتعاد عن حزب الله وانتقاء سياسة اخرى فهو واهم، ذلك ان هناك تقاطع مصالح كبيرة تجمع «الوطني الحر» بحزب الله، اكثر من النقاط التي تحدث اختلافا او تباينا في الرأي.
من يريد تخويف المسيحيين؟ وما الهدف ؟
صحيح ان بكركي نفت كل ما تم تداوله عن احصاء عدد المسيحيين في لبنان انما ما صدر على هذا المستوى ليس بريئا ابدا، بل هي محاولة لتخويف المسيحيين بأن اعدادهم تراجعت وتضاءلت، وبالتالي عليهم بالتسليم بهذا الواقع الديموغرافي، ومع هذا الاختلال بالتوزان بين المسيحيين والمسلمين، وعليهم الركون الى مرجعية سياسية خارجية او مسلحة من اجل التعويض عن هذا التراجع الديموغرافي للمسيحيين، وفقا لاوساط سياسية، التي تؤكد ان هذه التسريبة ملغومة ولها اهداف سياسية، حيث ان جهة دولية اعدت تقريرها ان عدد المسيحيين هو فوق 30% من التركيبة اللبنانية، علما ان 30% هي النسبة التي بانت عند الانتخابات النيابية، وعليه فان نسبة المسيحيين اكثر من 30%.
وتابعت هذه الاوساط السياسية بالقول، ان تصوير الهجرة على انها مسيحية محض فهو عار عن الصحة، حيث ان الهجرة التي تحصل اليوم تشمل كل الطوائف نتيجة التدهور الاقتصادي والمالي، وصعوبة الاوضاع المعيشية والاجتماعية. والحال ان الانهيار اصاب كل الفئات اللبنانية وليس فئة دون اخرى.