أكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميه أن إطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة محطة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات “بمثابة رسالة إصلاحية للعالم أجمع ضمن عملية تفعيل عمل المرفأ واعادة اعماره”، متوجّهاً إلى “الأهل في جوار مرفأ بيروت ليطمئنهم إلى أن إعادة إعمار المرفأ لن تكون على حسابهم مطلقاً، وهي – بالتأكيد – لن تكون إلا لخدمة الصالح العام، وفي مقدّمها المحافظة على بقائهم في أماكن سكنهم حيث هم، وللبنانيين جميعاً توجّه بالقول: لا بيع لأصول الدولة مطلقاً، وحسن النوايا يجب أن يكون مع الدولة والناس معاً.
كلام الوزير حميّه جاء خلال إطلاقه اليوم المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مبنى ادارة مرفأ بيروت، في حضور وزراء: الصناعة جورج بوشيكيان، السياحة وليد نصار، البيئة ناصر ياسين، والعمل مصطفى بيرم، رئيس اللجنة النيابية للأشغال والطاقة النائب نزيه نجم، الرئيس/المدير العام لادارة واستثمار مرفأ بيروت عمر عيتاني وأعضاء مجلس الادارة، مدير عام الجمارك بالانابة، رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت، رئيس نقابة مخلصي البضائع، رئيس تجمّع متعهدي الشحن والتفريغ، رئيس نقابة وسطاء النقل، رئيس تجمع مشغلي المنطقة الحرة اللوجستية، رئيس جمعية أصحاب السفن اللبنانيين، رئيس مجلس ادارة BCTC مشغلة محطة الحاويات، ورؤساء الأجهزة الأمنية في مرفأ بيروت من جيش وأمن عام وأمن دولة.
بدأ المؤتمر بكلمة عيتاني مثنياً على سعي حميّه لمواكبة العمل في مرفأ بيروت وبكل التفاصيل، مؤكداً على التعاطي الايجابي معه “لما فيه خير ومصلحة المرفأ الذي عانى ويعاني من مصاعب ومشاكل جمة”.
وأضاف أنه عقد منذ 4 أشهر تقريباً مؤتمراً صحافياً شكا فيه من مشكلة كبيرة تعاني منها محطة الحاويات “ولكن بفضل تصميمنا وعزمنا على معالجة كل الصعوبات بالتعاون مع ادارة المحطة والعاملين فيها وجميع موظفي مرفأ بيروت الذين بذلوا الجهد الكبير لتخطي هذه الصعوبات، وهنا لا بد من توجيه الشكر العميق لهم”.
وأكد “اهمية التعاون الوثيق مع الوزير حميّه منذ تسلمه مهامه في الوزارة، مشدداً على ايجابية هذا التعاون لمصلحة المرفأ والعاملين فيه”.
بدوره قال حميّه: من هنا من قلب بيروت النابض بالحياة ، ومن على ركام مرفئها العصي على الموت ، ومن على مقربة من منازل أهلها التي تأبى السقوط رغم فداحة وهول الكارثة التي أصابتها من هنا ، ومن عزم أهالي الشهداء والجرحى ، والذين نستمد منهم عزيمة البقاء والاستمرار ، ومن إرادة الحياة لبيروت ، درة الشرق ونقطة الوصل مع الغرب ، يسرني بأن أطل عليكم اليوم لإطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت.
وأشار الى أنه “منذ اليوم الأول لتسلمي مهام الوزارة، كنت قد عكفت على وضع خطة عمل لتفعيل وإعادة إعمار المرفأ، والذي يعدُ شريانا رئيسيا من شرايين الإقتصاد اللبناني ، وخصوصا بعد أن تعرّض هذا المرفق الحيوي الهام في الرابع من أب أغسطس من العام الماضي لأبشع جريمة دمرت معظم أركانه”.
ولفت الى ان “خطة العمل هذه التي أشار إليها، أظهرت – وبشكل جلي – أمرين رئيسيين: مكامن الضعف، ونقاط القوة في هذا المرفق الإستراتيجي الحساس، لا بل أن الرؤية الوظيفة والمحورية – والتي يجب أن تتبناها الدولة اللبنانية – هي تلك المرتكزة على التطلع إليه لأخذ دوره المركزي بين أقرانه على ساحل المتوسط، وذلك نظرا لموقعه الجغرافي المتميز من بين المرافئ الأخرى في المنطقة”.
أضاف: انطلاقا من هذه الرؤية، لا بد أن تكون النظرة إلى هذا المرفق، ودوره المستقبلي ضمن إطار جيوسياسي، يجعله – وكما هو المفروض – رافعة تنموية، لها الأثر المحوري في نمو الإقتصاد اللبناني وتعافيه مجددا .
وأكد حميّه أن السير في هذه الخطة التي أشرت إليها، سيكون حتما ضمن مسارين متوازيين، لا يقل أحدهما أهمية عن الأخر، وهما : التفعيل وإعادة الإعمار
وأضاف: إن رؤيتنا لتفعيل العمل في مرفأ بيروت، تنطلق من قناعة راسخة ، بأننا لا يمكن تركه، رهينة إنتظار الدراسات والاستراتيجيات، متوسطة كانت أو طويلة الأجل، فالظروف التي يمر بها الوطن والمواطن لا تسمح لنا بذلك مطلقا، على الرغم من أن هذه الدراسات والرؤى الإستراتيجية، لا بد لها أن تسير جنبا إلى جنب مع عملية تفعيل العمل به، لأن هذه العملية هي الضمانة التي- من خلالها-، تبقي المرفأ على قيد الحياة، ومن دون أن تدخله في أتون الضمور لاحقا لا سمح الله.
وتابع: إن التفعيل الذي نتحدث عنه، تمثل ويتمثل في الكثير من الإجراءات التي أضحت منفذة أو هي قيد التنفيذ، فلقد كان هناك إصرار على إنجاز مشاريع عاجلة، والتي كان سيؤثر تأجيلها وعدم تنفيذها سلبا على عمل المرفأ ككل.
وقال: من هنا، فلقد تمت الموافقة على العرض الذي تقدمت به شركة كهرباء فرنسا EDF)) والمتمثل بإعداد دراسة – كهبة مقدمة منها- لإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية، تكون صديقة للبيئة، وكذلك الأمر فقد تم تمديد العقد لصيانة المباني الإدارية ومصاعد المنطقة الحرة ، إضافة إلى العمل على صيانة محطة المحروقات التي تضررت جراء الإنفجار، وكذلك الأمر بالنسبة لدفاعات الأرصفة وخاصة A61 و B61 والتي تمت صيانتها بعد أن كانت مهددة بالسقوط، وقد تمت أيضا متابعة موضوع إهراءات القمح، حيث أعطيت التوجيهات لعزل المنطقة المحيطة بها، بكتل خرسانية، وذلك إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الجهات المختصة، هذا بالإضافة إلى وضع دراسة للتوجه لإعادة النظر بالتعرفة الخاصة بالمرفأ لتصبح بالدولار، وذلك لزيادة إيرادات المرفأ، هذا فضلا عن أن مشروع الرقمنة الذي يترافق مع إعادة الإعمار، سيكون له الأثر في تحسين كفاءة العمل والتشغيل وضمان الجودة .
وتابع: إن إطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات، ومن هنا، ومن على أرض المرفأ، هي بداية، رسالة إصلاحية إلى العالم أجمع، ولهي تاليا بمثابة إعلان صريح عن الإرادة والتصميم والعزم على بث الحياة من جديد في المرفأ، هذا فضلا عن أنها في قلب عملية التفعيل التي نتحدث عنها.
وشدد حميه، على أن “هذه المناقصة العالمية العمومية، ترتكز بشكل أساسي على دفتر شروط يراعي الشفافية المطلقة، والتي تمثلت بإرسالها إلى إدارة المناقصات، والتي وافقت عليها دون أي تعديل، والتي تسمح لإي كان، ومن أية دولة كانت (باستثناء العدو الإسرائيلي) يستوفي هذه الشروط، بالتقدم إليها، ومن دون أية ثغرة قانونية لإمكانية محاباة أحد، أيا كان، فالقاعدة الثنائية التي يتم مراعاتها فقط، ترتكز على تحسين الخدمات من جهة، وزيادة الإيرادات من جهة ثانية” .
وقال: محطة الحاويات، والتي تعد ركناً أساسياً من أركان الحركة التشغيلية في المرفأ، فلقد تراجع العمل فيها في شهر حزيران الماضي إلى ثلاث رافعات فقط، وذلك من أصل ستة عشر! ولكنها اليوم- وبفعل الارادة والعزم والتصميم والإيمان بنظرية التفعيل- ، تستعيد روحها رويدا رويدا، وليرتفع عدد الرافعات المشغلة فيه إلى عشرة، والعمل مستمر لرفع هذا العدد إلى الثلاثة عشر، وذلك من اليوم وحتى نهاية شهر كانون أول ديسمبر المقبل.
وأكد أن “هذه المحطة تشكل ما يقارب الـ 85% من حركة المرفأ الإجمالية، حيث استقطب هذا الأخير كبرى شركات الملاحة الدولية، الأمر الذي جعله مرفأ إقليمياً بامتياز، فلقد استقبل في فترة سابقة، حوالي 1300000 كونتنر في العام 2018، وذلك قبل تشرين الاول من العام 2019، وجائحة كورونا، والإنفجار المشؤوم في الرابع من اب من العام الماضي .”
أضاف: في ما يتعلق بمسار إعادة إعمار مرفأ بيروت، فإنه يسير أيضا ضمن ثلاثة مسارات متوازية مع بعضها البعض، مشيراً الى أن تحديد الهوية القانونية لمرفأ بيروت، هو أول هذه المسارات ، ولما يعنيه ذلك من تشريع وقوننة لإطار جديد له، وذلك عبر طرح الحلول المناسبة، كالشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع ضمان الحفاظ على سيادة الدولة، وزيادة الإيرادات للخزينة العامة، وتحسين الخدمات وجلب الإستثمارات.
وتابع: أما ثاني المسارات، فيتمثل بإعداد رؤية استراتيجية، ترتكز على مبدأ التناغم والتكامل بين المرفأ وسائر المرافئ اللبنانية الأخرى، لتنافس باقي المرافئ غير اللبنانية .
في حين أن ثالثها، فيتمثل بإنجاز الدراسات التقييمية للوضع الحالي في المرفأ، وإعداد المخطط التوجيهي العام له، والذي يعدُ ركنا أساسيا للبدء بمشاريع محددة ومقسمة وفقا للأولويات والإعتمادات المتوفرة والإستثمارات المطروحة، وآلية طريقة التنفيذ .
وقال حميه: إن زيادة الإنتاجية التي نتطلع إليها جميعا في مرفأ بيروت، سترتفع حتما، إذا ما تم إنشاء سكة للحديد، تنطلق من هنا من المرفأ إلى كل لبنان، وصولا إلى سوريا، فالعمق العربي. فوجود تلك السكة، سيجعل من المرفأ ممرا للعبور بين البحر المتوسط وعمق لبنان العربي ودول غرب أسيا .
وختم: من الناس أتيت، وإلى الأهل في جوار مرفأ بيروت أطمأنهم بأن إعادة إعمار المرفأ لن تكون على حسابهم مطلقا، وهي– بالتأكيد- لن تكون إلا لخدمة الصالح العام، وفي مقدمها المحافظة على بقاءهم في أماكن سكنهم حيث هم، وللبنانيين جميعا أقول: بأنه لا بيع لإصول الدولة مطلقا، وحسن النوايا يجب أن يكون مع الدولة والناس معا، فإطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات، ما هي إلا البداية، فنحن اليوم في المرفأ، وفي مقبل الأيام في مطار رفيق الحريري الدولي، وفي كل المرافق اللبنانية المولجة بالأشغال والطرق والمباني والتنظيم المدني ومصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، إضافة إلى النقل البري والبحري، والغاية الأساس التي تحكم استراتيجيتنا وتوجهاتنا دائما، هي تفعيل القطاعات وتحسين خدماتها وزيادة إنتاجيتها، وذلك وحده – وبرأيي المتواضع – هو المعبر الرئيس لإنقاذ لبنان من أزماته التي يتخبط بها، وذلك ضمن حكومة معا للإنقاذ إن شاء الله تعالى.
وفي ختام المؤتمر جال حميّه والوزراء الحاضرون برفقة المدير عمر عيتاني، في محطة الحاويات، وأرصفة المرفأ ومحطة الركاب على الرصيف 5 والسوق الحرة حيث اطلع الوزراء على سير العمل، واختتم الوزير جولته بزيارة مبنى الشركة المشغّلة لمحطة الحاويات BCTC .