في تطور غير مسبوق في سياق حرب غزة، وتالياً مواجهات الجنوب التي تخضع لـ»قواعد الاشتباك» المعروفة، اغتالت إسرائيل أمس صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس». ونفّذت عمليتها في الضاحية الجنوبية لبيروت ما أدّى الى مصرع العاروري والقائدَين في «كتائب القسام» الجناح العسكري للحركة، هما: سمير فندي «أبو عامر»، وعزام الأقرع «أبو عمار»، إضافة الى أعضاء في الحركة هم أحمد حمّود ومحمود شاهين (لبناني) ومحمد الريّس ومحمد بشاشة. وجرح 5 أشخاص لم تعلن هويتهم. وأفادت معلومات أنّ العاروري عند خروجه من مكان الاجتماع في بناية على اوتوستراد هادي نصرالله مساء أمس، وركوبه السيارة، استهدفته مسيّرة إسرائيلية بصاروخ مباشر، كما استهدفت المكتب الذي غادره بصاروخ أو صاروخين.
أما «حزب الله» الذي وقعت عملية الاغتيال في قلب المنطقة التي تمثّل ثقله السياسي والأمني والشعبي، فأكدت أوساطه أنّ أمينه العام حسن نصرالله، سيركّز في كلمته في السادسة مساء اليوم على «التطور الخطير الذي وقع في الضاحية». يُشار الى أنّ إطلالة نصرالله كانت مقرّرة سابقاً، لمناسبة الذكرى الرابعة لمقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني و»أبو مهدي» المهندس القائد في «الحشد الشعبي» العراقي. كما ستكون لنصرالله إطلالة ثانية بعد غد الجمعة في ذكرى أسبوع وفاة النائب السابق محمد ياغي المعاون التنفيذي للأمين العام.
وليلاً، أصدر»حزب الله» بياناً جاء فيه أنّ إسرائيل عمدت الى «سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية طوفان الأقصى»، وأنّ اغتيال العاروري هو «استكمال» لاغتيال «القائد السيد رضي الموسوي» القائد في الحرس الثوري الايراني الذي اغتالته إسرائيل الشهر الماضي في دمشق. واعتبر البيان أنّ اغتيال العاروري ورفاقه في «قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات، وتطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة». وخلص الى أنّ «هذه الجريمة لن تمرّ أبداً من دون ردّ وعقاب، وأنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، ويدها على الزناد».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هدّد في 27 آب الماضي باغتيال العاروري، وذلك قبل أشهر من عملية «طوفان الأقصى». وفي اليوم التالي، أي في 28 آب أوردت «نداء الوطن» أنّ وفداً من مخابرات دولة عربية صديقة معنية بالشأن الفلسطيني سيصل خلال ساعات الى بيروت لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحركة «حماس». ولفتت المعلومات الى أنّ «النصيحة» التي ستسدى الى قيادة «حماس» في لبنان، هي مغادرة العاروري. وفي اليوم نفسه، أوردت مقدمة تلفزيون «المنار» التابعة لـ»حزب الله» في نشرتها الرئيسية مساء أمس، أنّ نتنياهو «ذكر اسم لبنان في معرض تهديده العاروري»، وقالت: «لا بأس من تذكير نتنياهو بأنّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله قد حذّر كيان الاحتلال في التاسع من آب العام الماضي من أنّ الاعتداء على أي مسؤول فلسطيني في لبنان لن يبقى من دون عواقب ومن دون ردّ».
وفي سياق متصل، وبناء على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أوعز وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الى كل من مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك هادي هاشم والى القائم بأعمال سفارة لبنان في واشنطن وائل هاشم، إجراء الاتصالات اللازمة وتقديم «إحتجاجَين شديدَي اللهجة حول العدوان الإسرائيلي الخطير».
وفي الإطار نفسه، كانت لافتة امس حركة حجوزات مبكرة للسياح الذين قدموا الى لبنان بمناسبة الأعياد.
ميدانياً، ساد هدوء حذر جبهة المواجهات على الحدود الجنوبية بعد اغتيال العاروري، وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري إنّ الجيش في «مستوى عالٍ جداً من الاستعداد».