ما كان متوقعاً قد حدث، أما الشخصية الرفيعة المستهدفة، فهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري (58 عاماً)، الذي سقط شهيداً بعملية اغتيال غادرة في احدى الشقق السكنية في شارع رئيسي من الضاحية الجنوبية بمسيَّرة اسرائيلية، ضربت في قلب الضاحية للمرة الاولى منذ 2006، وفي اخطر خرق للقرارات الدولية، ولقواعد الاشتباك، وسقط معه قياديان في القسام، هما سمير فندي (ابو عامر) وعزام الاقرع (ابو عمار)، اضافة الى 3 شهداء آخرين وعدد من الجرحى.
ونعى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، العاروري مع ستة شهداء من الحركة، عدا الاقرع وسمير فندي، وهم محمود زكي شاهين ومحمد بشاشة ومحمد الريس واحمد محمود، ووصف ما حصل بأنه عمل «ارهابي».. واعتبر ان المقاومة لن تهزم، وهي اشد قوة واصراراً.
ودعت الفصائل الفلسطينية الى الحداد الوطني العام، والاضراب الشامل، والتحرك الثوري في كل الساحات والجبهات والرد على جريمة الاغتيال بقوة في كل الساحات والجبهات، وبدأت ليلاً التظاهرات والتجمعات الحاشدة في كل مناطق الضفة الغربية.
واعتبرت مصادر سياسية جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه بالضاحية الجنوبية في بيروت، بانه تصعيد إسرائيلي خطير بالوضع في خضم المواجهة الجارية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية وفي الحرب الدائرة بين الحركة واسرائيل في قطاع غزّة، وقد تكون لها تداعيات ومخاطر غير محسوبة على الحدود الجنوبية وحولها، لكنها استبعدت ان تؤدي إلى حرب واسعة تطال العمق الإسرائيلي والداخل اللبناني، لحسابات ومحاذير عديدة، ابرزها ان قرار مثل هذه الحرب يتجاوز امكانيات وقدرة الطرفين، وهو حصرا بيد الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وهما ليس بوارد خوض مثل هذه الحرب في هذه الظروف، بالرغم من الخلافات بينهما ورسائل التهديد والوعيد المتبادل بينهما بشكل نافر، كما اظهرت بوضوح وقائع الاحداث والتطورات الاخيرة.
واشارت المصادر الى ان اكثر من رسالة سعت إسرائيل لتحقيقها جراء هذه الجريمة النكراء، اولا قدرتها على الاختراق الامني لمربع حزب الله بالضاحية الجنوبية بالرغم من كل الإجراءات والتدابير الامنية التي يتخذها الحزب في عقر داره واستهداف اي قيادي اومسؤول حزبي، وثانيا ممارسة اقسى الضغوط في اي مساعي او مفاوضات مرتقبة، لتهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية، لاتاحة المجال امام اعادة سكان المستوطنات الإسرائيليين المهجرين وابعاد مسلحي الحزب إلى مناطق لا تهدد هؤلاء المستوطنين مستقبلا، والرسالة الاهم كانت موجهة للداخل الإسرائيلي المحبط من نتائج التدخل العسكري الإسرائيلي الفاشل ضد حماس والذي لم يحقق ايا من الشروط التي اعلنها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لدى بدء حملته ضد الحركة في غزة، ولاسيما إعادة المخطوفين الإسرائيليين والقضاء على الحركة ووقف اطلاق الصواريخ الى العمق الإسرائيلي ومنع التهديد الامني ضد المستوطنات الإسرائيليه في حزام غزة وغيره، بالرغم من مرور قرابة الثلاثة اشهر على هذه الحملة العسكرية.
وقالت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحادثة التي سجلت في اليوم الثاني من العام الجديد في الضاحية الجنوبية والتي أسفرت عن استشهاد العاروري تستتبعها قراءة من المعنيين لما حصل، ولم تستبعد أن تشكل نقطة تحول لما يجري في حرب غزة وجبهة الجنوب،مشيرة إلى أن السيناريوهات المحتملة بالتصعيد أو الرد من قبل حركة حماس وحزب الله قائمة بنسبة كبيرة إنما توقيتها مرتبط بهذين الفريقين.
وأفادت الأوساط نفسها أن حزب الله يفتح تحقيقا إن جاز القول بالإنفجار الذي وقع لاسيما أن هناك شكوكا حول خرق ما في امن الضاحية.
على صعيد آخر، قالت المصادر نفسها ان تحريك الملف الرئاسي على الصعيد المحلي قد يستأنف بعد متابعة تداعيات انفجار الضاحية، وتتركز الأنظار على إدارة رئيس مجلس النواب نبيه بري محركات اتصالاته في هذا السياق قبل جلاء المشهد المتعلق بالحراك الخارجي للملف نفسه.
ونعت «حماس» نائب رئيس المكتب السياسي العاروري، الذي سقط مع 6 آخرين، قرابة الخامسة والنصف من مساء امس بصواريخ اطلقتها مسيَّرة في اتجاه شقة وسيارة على اوتوستراد السيد هادي نصر الله في الضاحية، حيث تصاعدت سحب الدخان، وشوهدت الاشلاء في مكان الانفجار، وتحركت فرق الاسعاف والدفاع المدني، وعملت على نقل المصابين الى المستشفيات واطفاء النيران المشتعلة ورفع الركام.
وحسب المعلومات فإن العملية نفذت عبر مسيَّرتين وكمية من المتفجرات، في اول استباحة للضاحية الجنوبية وبيروت منذ 17 عاماً، اي الـ2006 عندما توقفت الحرب.. الامر الذي يضع لبنان والمنطقة على شفا انفجار واسع.
ونعت حركة الجهاد الاسلامي العاروري، وجاء في بيان لها: ان اغتيال القائد الشهيد العاروري ورفاقه هو محاولة من العدو الصهيوني لتوسيع رقعة الاشتباك وجرّ المنطقة بأسرها الى الحرب.
موقف نصر الله اليوم
وتتجه الانظار الى المواقف التي سيعلنها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الاحتفال التكريمي لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في ضاحية بيروت الجنوبية عند السادسة من مساء اليوم، وبعد غد يتحدث نصر الله الساعة 2٫30 في ذكرى رحيل النائب السابق محمد ياغي.
وقال حزب الله في بيان له ان هذه الجريمة لن تمر بلا عقاب، وان حزب الله يده على الزناد، وان المقاومة ستقوم بالرد وهي على اقصى درجات الجهوزية.
ووصف جريمة الاغتيال بأنها اعتداء خطير على لبنان وشعبه وامنه وسيادته ومقاومته، وتطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة.
الموقف الرسمي
وبعد ان ادان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الانفجار، وصف الانفجار بانه جريمة اسرائيلية جديدة تهدف حكماً الى ادخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات، بعد الاعتداءات اليومية، موعزاً لوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب تقديم شكوى الى مجلس الامن.
الموقف الاسرائيلي
في اسرائيل، منع رئيس الحكومة الاسرائيلي وزراءه والمقربين منه من التعليق على جريمة الاغتيال.
وزعم مستشار نتنياهو ان الهجوم في بيروت لم يستهدف الحكومة اللبنانية ولا حزب الله، رافضاً اعلان المسؤولية عن الاغتيال.
ونقل موقع اكسيوس عن مسؤول اسرائيل كبير: اسرائيل لم تحذر الولايات المتحدة، لكنها اخطرت ادارة بايدن وقت تنفيذ العملية، واتهم الموقع اسرائيل بتنفيذ جريمة اغتيال العاروري.
الوضع الميداني
ميدانياً، اعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف التجهيزات التجسسية المستجدة التي وضعها العدو على رافعات قرب ثكنة راميم بالاسلحة المناسبة، وسجلت اصابات مباشرة، كما استهدفت المقاومة الاسلامية موقع بركة ريشا بالاسلحة المناسبة، وحققت فيه اصابات مباشرة.