BLACK FRIDAY «باي باي» والـ SALES الوهمي بات «الحيلة والفتيلة».. شمّاس لـ «الديار»: لتبَنِّي الدولار الجمركي على سعر 8 الاف

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

تعرف التخفيضات حيلا آسِنة تلجأ اليها المتاجر لإغراء الزبائن بهدف التخلص من البضاعة والمنتجات المتكدّسة لديها. يحاولون استخدام كل ما يغري الزبون من مفردات وتعابير ترويجية تعمل على العقل الباطني للفرد، انه اذا اشترى في هذه الفترة من التنزيلات هو الرابح الرئيسي في المعادلة فيَسِيل لعاب التجار مستغلين الأوضاع والظروف الاقتصادية من خلال استخدام حيل تسويقية، وبالطبع لا شيء يثير شهية العميل للتبضع أكثر من تخفيض كبير في سعر المنتج وايهام الزبائن ان عروضا كهذه قد لا تتكرر في الأيام المقبلة لا سيما ان ما يمر به لبنان هو الأسوأ بلا مبالغة ومع ذلك الكثير من الخدع يمارسها ارباب المحلات التجارية سواء التقليدية او الرقمية مع الإشارة اننا سنتحدث عن هذا الباب في تحقيق منفصل.

«BLACK FRIDAY» او التنزيلات كانت تقام في شهر تشرين الثاني في اميركا منذ العام 1869 لأسباب متعدّدة منها الاحتكار او كساد البضائع أو التي تنتج من توقف او شلل في حركة الشراء نتيجة أزمات اقتصادية كبيرة كالتي في لبنان، فما كان من التجار اللبنانيين الا ان عمدوا الى اجراء تخفيضات على مختلف السلع والبضائع في شهري آب وأيلول من هذه السنة مستبقين عيدي الميلاد ورأس السنة بعد الجمود الذي حصل في عيدي الفطر والاضحى. فما صحّة هذه التنزيلات وهل فعلا يتم كسر السعر عمّا كان عليه؟ ولماذا يعمد التجار الى استخدام السعر بالدولار حيناً إذا كان مرتفعا وأحيانا أخرى بالليرة اللبنانية عندما ينخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء؟ وأين التجار من رفع الدولار الجمركي؟

تخفيضات وهمية

نشر موقع « سكاي سبورتس» دراسة تؤكد ان التخفيضات في الأسواق التجارية وهمية، ما يكشف عن حيلة كبرى تستخدمها المحلات والمولات التجارية بهدف تسويق منتوجاتها بخاصة في الفترة التي يتم اعتماد الإعلان عن الحسومات ليتهافت الكثيرون على الشراء والتبضع وليقع بعضهم في فخ النصب بالحصول على عروض مزيفة. كما حصل في لبنان مع ارتفاع سعر صرف الدولار عمد تجار المواد الغذائية الى التسعير على سعر مرتفع مستغلين عدم استغناء الناس عن شراء المواد الأساسية ووزارة الاقتصاد لا علم لها بما يحدث ويوما توظّف مراقبيها و10 أيام VACATION وهكذا كل القطاعات غير خاضعة لمراقبة وملاحقة المسؤولين وهمهم فقط «اللهم نفسي».

عن هبّة التنزيلات التي يعتمدها التجار اللبنانيون والأسواق التجارية بمختلف المناطق اللبنانية والتفاوت في التسعير للمنتج نفسه ما بين سوق تجاري وآخر ماذا يقول نقولا شمّاس رئيس جمعية تجار بيروت عن هذه الخصومات وكيف يشخّص الواقع التجاري بعد الازمة الاقتصادية؟ وهل القطاع التجاري يخضع لمراقبة جمعية تجار بيروت؟

المدافع في مَقام المسؤول ربما مُحِقُ!

أشار رئيس جمعية تجار بيروت في حديث «للديار» بالقول نحن كجمعية تجار بيروت نتابع الحركة التجارية عن كثب، ويمكننا القول انها تشهد تراجعا دراماتيكيا في لبنان منذ سنة 2011 أي مع بداية الازمة السورية وطبعا الانتكاسة الأكبر بعد احداث ثورة 17 تشرين 2019 وصولا الى اليوم.

وأردف نحن في القطاع التجاري لدينا أربع محطات أساسية خلال السنة وتتمثل بعيدي الفطر والاضحى وعيدي الميلاد ورأس السنة. وعبّر شماس عن تكدّره لتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين وانهيار القطاع حتى خلال الفترات التجارية التقليدية. ولفت بالقول في الأشهر القليلة المنصرمة صودف عيد الأضحى مع بداية فصل الصيف ونحن نعوّل عليه شأننا شأن القطاع السياحي ان يشهد هذا النشاط نوع من الاستجابة او اقله انتعاشا محدودا للمبيعات الا انه للأسف هذا ما لم يحصل وجلّ النفقات السياحية ذهبت باتجاه مطاعم ومقاهي وملاهي ليلية وفنادق والقليل اتجه للمحلات التجارية والأسواق والمولات.

المبيعات تتضمن الضروريات

وما يجدر ذكره على هذا المقلب انه بالإجمال القطاعات الوحيدة التي ما زالت تتحرك تجاريا هي تلك الأساسية والضرورية كالمأكل والمشرب إضافة الى المعقمات والاحتياجات الضرورية المنزلية وغيرها. وأضاف شماس، القطاعات الأخرى التي نسميها « السلع المعمّرة» كالسيارات، المفروشات، الالكترونيات او الكماليات التي أضحت تشمل الألبسة للأسف. لافتا، الى ان ميزانية الاسرة في ظل الظروف الراهنة امست محدودة باعتبار ان هذا القطاع بما فيه الأحذية باتوا من الإكسسوار.

واتبع، التاجر اللبناني بالإشارة الى تراجع ارقام اعماله منذ نحو ثلاث سنوات وحتى اليوم بنسبة 80%، وألمح شمّاس الى ان الكثير من الزملاء التجار لم يصمدوا فأغلق ما يقارب الـ 40% من المحال والمؤسسات التجارية، والمتبقي يصارع الموت ليبقى على قيد الاستمرار مشيرا الى انها تبذل الغالي والنفيس لتبقى قائمة ومنتصبة على ارجلها بهدف المحافظة على موظفيها والسمعة التجارية النظيفة التي بنَتها على امتداد عقود، ولهذا نجد ان قطاع الألبسة والذي هو موضوعنا اليوم فإن التجار اللبنانيين ومع صعوبة الاستيراد وعمليات تحويل الأموال اضف الى شح الزبائن، ما زلوا يحاولون تجديد المواسم، والتحكم بالأمور لكيلا تفوتهم فائتة. بمعنى ان من يدخل على أي محال يوجد بضائع تعود لسنوات فائتة الا انهم في المقابل يواكبون كل جديد من الموضة.

التوقعات خابت

استتبع شمّاس حديثه بالقول، كنا نتوقع ان تكون الصيفية مميزة ولهذا السبب عمد بعض التجار الى تخزين البضائع بهدف توفير النوعية والجودة والموديلات الأفضل للزبائن والمستهلكين المرتقبين. الا ان هذا التمني لم يترجم على الأرض ليتبقى في موسم انتهاء الصيفية مخزون كبير من هذه البضائع لعدد كبير من التجار وهاجسهم أولا ان يُسيّلوا مخزونهم ليكون لديهم سيولة نقدية ليعاودوا الشراء لموسم جديد. ومن هنا حلّ التفاوت عند معظمهم فكل بائع يقول انا اريد ان احافظ على تسعيرتي ولا اريد ان الجأ الى كسر السعر للمحافظة على الرأسمال، وآخرين برغماتيين أكثر اتبعوا مبدأ التصفية لإعطاء حوافز للمتسوقين وتخفيف ما يمكن لكيلا يصبح «ستوك» قديم كما، هذا التباين نشهده بين منطقة وأخرى واحيانا يفوق 50% وأرمز الى انه لا يعتبر بمثابة ممارسات تجارية غير لائقة من بعض أصحاب المحال، وأكمل، في كافة القطاعات يوجد تجار لا ضمير مهني لديهم بالحد الأدنى لافتا الى الأغلبية من هؤلاء اوادم ويخافون الله ويريدون المحافظة على سمعتهم وعملائهم ويعولون على الاستمرارية بل ينتقون منها الأفضل كتخفيض الأسعار او ما يسمى بالـ SALES او OFFERS.

BLACK FRIDAY في خبر كان

وألحق شمّاس، تعرفون بالعالم التجاري يوجد شيء اسمه BLACK FRIDAY وهو مناسبة مهمة تقام في شهر نوفمبر كما هو الحال في اميركا ويهدف الى التخلّص من البضاعة المخزّنة قبل الأعياد. اليوم هذه المواسم المحددة لم تعد قائمة والتاجر الذي يشعر ان لديه كمّا من البضاعة لا ينتظر أي مناسبة. وأستَتَمّ، ما قبل الازمة كان يوجد انتظام بما يخص التخفيضات وتقام في المناسبات والاعياد الرئيسية وتخضع لمراقبة من قبل وزارة الاقتصاد وتعتمد على مهل معينة لئلا يصار تكسير أسعار واغراق من ممارسات ليست من صلب المهنة التجارية ولكن اهتمام وزارة الاقتصاد منصّب اليوم على أمور أكثر أهمية كالمأكولات والمولدات وبطبيعة الامر الواقع الخبز والقمح والطحين، مشيرا الى ان طاقات الوزارة المعنية ذاهبة باتجاه آخر وما يمكنني قوله ان الضابط الأساسي للإيقاع التجاري هو المنافسة بحيث يوجد كَمٌ من التجار إضافة الى العرض الكبير والطلب القليل من قبل الزبائن باعتبارهم ضابط الإيقاع.

التجار غير ملتزمين بمواعيد

وفي سؤال عن التفاوت في السعر في المنتج نفسه بين سوقين تجاريين في نفس المنطقة؟

برّر شمّاس عدم التزام التجار بمواعيد لما يسمى بالتخفيضات او الـ SALES، معلّلاً الضوضاء في الأسواق التجارية بالحاجة الى تأمين السيولة فيلجأ هؤلاء الى التنزيلات العشوائية تارة ولتكديس البضاعة لديهم تارة أخرى بهدف المحافظة على الرأسمال، مبرهناً ان الفرق بالأسعار مردّه الحالات المختلفة لدى التجار ويعود الى الدافع أكثر من فكرة المناطق واعني التكلفة التي قد تتفاوت ما بين مكان وآخر لجهة ايجار المحال والنفقات التشغيلية وهذا ما يجعل الأسعار في مناطق منخفضة عن غيرها من المناطق كما انه يجب التأكد ما اذا كان الصنف ذاته الذي نتحدث عنه اضف الى ان التاجر قد يكون لديه كمية كبية من هذا المنتج ويريد التخلص من الكمية عن طريق التخفيض.

وعن التجار الذين يتمسكون بالدولار صعودا فقط؟

أكد شمّاس هذا النوع يسمى تداهي او تشاطر والذي لا اؤيده، ولكن الأسعار منذ سنوات ارتفعت بالليرة اللبنانية ونسب التضخم بلغت 700% و800% في الثلاث السنوات الأخيرة وانما البضائع المسعّرة بالدولار تشهد انخفاضا ما يعني ان التاجر كان لا يضاعف أرباحه بشكل خيالي. وزكّا هذا الامر، بالتكاليف التي ما زالت تدفع بالليرة اللبنانية من بدل ايجارات للموظفين والضرائب للدولة فأضحى قادرا على البيع بالدولار بأسعار منخفّضة عمّا كانت عليه في الماضي.

الازمات تُبيح المحذورات

بيّن شمّاس ان هذه القضايا تخضع لتفسيرات وتحتوي على مبررات اقتصادية وعنوانها الأبرز طموح او إرادة التجار في الاستمرار والمقاومة للبقاء على قيد القطاع التجاري وتأمين الحد الأدنى من خدمات التنوع للمشترين للمحافظة عليهم، وما يجدر التلميح اليه ان هذا الامر لا يخلو من الذبذبات بالأسعار فقد يدخل التاجر بالدولار ويخرج بالليرة اللبنانية والغاية المثابرة وعندما نجد ان رقم اعمال التجار ينخفض 80% أؤكد ان الأخير لم يعد يقوى على التحكم بالأسعار وكما يقال «بينطر الطير الطاير ليفوت ويبيعو» وبالتالي هذا التاجر لا يرتجي خسران متسوقيه. وعلى مقلب تجاري آخر هناك من يقوم برفع أسعاره بطريقة عشوائية لا مبرر لها هذا لا يطلق عليه اسم تاجر كما ان عمر مهنته لا يدوم لان التجارة مهنة النفس الطويل والربح المتواضع والمشروع وانما على المدى الطويل.

مؤسسات تسيء لهذا القطاع

أكد شماس في حديثه «للديار» ان بعض الأشخاص والمؤسسات تسيء واساءت لهذا القطاع ولكن السواد الأعظم من زملائنا باتوا يعيشون يوما بيوم وما يُظهر التخبُّط بالممارسات التجارية مردّه التكيف مع هذه الأيام الصعبة والتي جعلتنا نعيش ساعة بساعة للمفاجآت التي نلتمسها في كل لحظة. وأردف شماس المبتغى الأساسي اليوم هو البقاء على قيد الحياة والتأقلم مع الضغوطات بالأعباء التشغيلية التي نشهدها في كل يوم على سبيل المثال كلفة المازوت التي كانت لا تشكل أي عبء مقارنة بالمشقات التجارية، امست اليوم بمثابة حجر الرحى وبالتالي أحدثت خللا في كل المعادلات المالية ضمن القطاع التجاري مشيرا الى انه لا أحد يلام بمعاركته بشتى الوسائل لينافس ويصارع ما قد يحدث في القادم.

ما مدى انعكاس إقرار

الدولار الجمركي على «التجارة»؟

شَرَّحَ شماس هذا الموضوع بالقول، نحن كجمعية تجار بيروت وهيئات اقتصادية بالمطلق نوقن بضرورة تأمين إيرادات إضافية للخزينة، ونحبّذ تخفيض النفقات من زيادة الضرائب، خاصة في الظروف الراهنة، ونحن واعون انه يوجد اعتباران:

الأول: مد الخزينة ببعض الموارد المالية والتي هي بحاجة لها وخاصة من اجل تحسين وضع الموظفين في القطاع العام وتأمين الحد الأدنى من حقوقهم، فكان لا بد من رفع الدولار الجمركي.

ثانيا: ويعد أساسي، باعتبار ان أي زيادة للأعباء لا سيما من خلال الدولار الجمركي ستؤثر على حركة الاستهلاك والذي هو المحرّك الوحيد الكبير المتبقي في لبنان. كما ستؤثر على ميزانية الأُسر والقدرة الشرائية لهم. بالتوازي غمز شماس، حاولنا ان نوازن بين هذين الاعتبارين وطرحنا هذا الموضوع منذ عدة شهور على الحكومة في ان يتبنوا دولار جمركي بحدود الـ 8000 الاف باعتبار انه يساعد على تحسين ظروف الموظفين من جهة وعلى مقلب آخر لا يشكل ضربة قاسية للقطاع التجاري.

وأسِف شمّاش عن التأخر في البت في هذا الموضوع مما سيؤدي الى تفاقم الأوضاع، واومأ بالقول لقد فسّرنا لهم ان أي كلام عن دولار جمركي بحدود 20000 ألف او أسوأ من ذلك على سعر صيرفة هو بمثابة كارثة على البلد كما انه باب من ابوب التهريب الذي هو في الأصل مشرّع على مصراعيه. وشدد اكرر المطالبة بتبني الدولار الجمركي على 8000 الاف كما انه يتوجب على الدولة التحرك والعمل لزيادة الإنتاجية في الاقتصاد بشكل عام وفي نفس السياق يجب ان تزول هذه الضبابية لنعرف على أي بر امان سيرسو الدولار الجمركي وأشار يتكشّف لي حاليا ان موازنة 2022 سيصار الى اجراء حسم على حد سواء في موضوعي سعر الصرف الذي سيستخدم والدولار الجمركي.

لا دور رقابي لجمعية تجار بيروت

ألمح شماس الى ان جمعية تجار بيروت ليس لديها أي دور رقابي او الزامي ويقتصر دورها بالتوجيه والتوعية وعملها بمثابة اقناع واقتناع ولا اكراه فيما تقوم به بل على العكس نحن بمثابة عائلة تجارية واحدة ولا نسعى لفرض أي شيء على زملائنا التجار الا باللجوء الى الحجج العلمية والمنطقية والتواصل مستمر ويبقى لكل تاجر الحق الكامل في التصرف بما يراه مناسبا. «ويا شعب دبّر حالك»!

Exit mobile version