في نيويورك “قبة باط” اميركية سمحت بتمرير قرار بوقف اطلاق نار في غزة، معلق التنفيذ على اجندة اليمين “الاسرائيلي” المتطرف، بعد ستة اشهر من الحرب والمحاولات. وفي موسكو “غض نظر” روسي عن التحذيرات، تسللت منه “داعش” لتضرب ضربتها بعد اسابيع من “طوفان الاقصى” و “صحوة” السنية السياسية. وبين الاثنين شرق اوسط في قلب عاصمته بيروت، المعلقة على حبلي الحرب جنوبا والشغور الرئاسي داخليا، العالقين عند تجاهل الطبقة الحاكمة الواضح لكل الدعوات والتحذيرات الدولية، طمعا بالتمديد لسلطة بات بقاؤها مرتبطا بالفراغ والانهيار.
هكذا دخلت البلاد، مدار الاعياد من فصح غربي الى فطر عربي، على وقع التساؤلات حول مصير رفح التي باتت تشكل المنفذ الانسب والافضل للافلات من قرار مجلس الامن، ما يعني انفجارا وتصعيدا اكبر في المنطقة، قيل انه سيخاض من غرفة عمليات شكلت واتخذت من الضاحية الجنوبية مقرا لها، خصوصا مع تراجع الوساطات الدولية، وتعليق الوسيط الاميركي اموش هوكشتاين مبادرته للمرة الثانية.
مصادر ديبلوماسية اشارت الى ان ما حصل في موسكو هو اول غيث سلسلة من العمليات التي لن تتوقف، والتي بنظر الغرب مرتبطة عضويا بمنطقة الشرق الاوسط وتطوراتها، والكتلة السنية الموجودة داخل الاراضي الروسية، والتي تشكل ما نسبته الـ 20 % وهي آخذة الى الازدياد، وتحديدا بالوضع في سورية، ذلك ان التقارير الاستخباراتية التي يملكها اكثر من جهاز اوروبي، كما المخابرات الاميركية، تشير الى وجود ارتباط بين المجموعات التي خططت ونفذت لعملية موسكو، وتلك التي نفذت عملية “قبر سليماني” في طهران منذ حوالى الشهرين.
وتتابع المصادر ان روسيا ادارت استراتيجية وجودها في المنطقة بعد دخولها سورية بشكل خاطئ، اذ انها خاضت المعركة ضد سنّة المنطقة، في الوقت نفسه الذي عمدت فيه الى “التحالف” ودعم بعض تلك الجماعات المتطرفة، التي حاربتها في سوريا كحركتي حماس والجهاد الاسلامي عبر خطين: الاول حزب الله في لبنان، والثاني الرئيس الشيشاني ومخابراته، وهو ما تطور مع الوقت وصولا الى تلزيم “فاغنر” عمليات نقل السلاح المتطور من غنائم حرب اوكرانيا الى غزة ولبنان، ردا على ما رأت فيه موسكو موقفا عدائيا تجاهها واصطفافا الى جانب كييف.
من هنا، ترى المصادر ان المعادلة الجديدة الحاكمة اليوم باتت واضحة بالنسبة للغرب، خصوصا بعد طوفان الاقصى، والفرصة التي منحت لرئيس الوزراء “الاسرائيلي” لتنفيذ خطته في ما خص رفح، هي لبنان وسورية مقابل اوكرانيا، بعدما عادت وحدة المسار والمصير الى الواجهة مع دخول الحزب كشريك اساسي في الساحة السورية.
لذلك، ترى المصادر ان الفترة المقبلة ستشهد عملية شد حبال كبيرة على الجبهتين اللبنانية والسورية، وهي بدأت فعلا: سوريا مع اعادة انقرة لتموضعها، ولبنانيا في ظل عمليات “التصفية” التي بدأتها “اسرائيل” ضد كوادر حزب الله القيادية، التي تلقت تدريبات على يد مجموعات روسية خاصة في سوريا وخارجها، فضلا عن القياديين المسؤولين عن الاتصال والتواصل مع الروس.
عليه يبقى السؤال الاهم: كيف ستتطور الأمور بعد تهديدات الرئيس الروسي المعاد انتخابه؟ بهذا المعنى الخيارات ضيقة امام الرئيس بوتين، فهو حدد اوكرانيا كوجهة انتقامية، الامر الذي لن يسمح به الغرب واميركا وحلف الاطلسي الذي اعد العدة للمواجهة، هذا من جهة. ومن جهة اخرى، نحو الداخل الروسي، لاتمام الانقضاض على المعارضة، خصوصا بعد الروح التي بثتها عملية “اغتيال” نافالين في سجنه؟ فهل يفتح الهروب الى الامام، باب جهنم في لبنان وسورية؟