زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني اليوم إلى بيروت، لن تختلف كثيراً عن مثيلاتها من زيارات كبار الدبلوماسيين الأوروبيين والأميركيين، والهادفة إلى الطلب من المسؤولين اللبنانيين تبريد جبهة الجنوب، والعمل على تطبيق القرار الأممي ١٧٠١، ومندرجاته القاضية بإنسحاب حزب الله من جنوب الليطاني.
الطريف أن الوزير الفرنسي قادم إلى بيروت من تل أبيب، وبعد محادثات روتينية مع نتانياهو وفريقه اليميني المتطرف، والتي إنتهت، مثل نظرائه الذين سبقوه إلى المنطقة، بتحميله رسائل تهديد ووعيد للدولة اللبنانية، في حال لم تتجاوب مع مطلب سحب مقاتلي حزب الله من المناطق الحدودية، دون أن يأخذ بعين الإعتبار أن تاريخ تطبيق قرار مجلس الأمن ١٧٠١، حافلٌ بمئات من الخروقات الإسرائيلية، جواً وبراً وبحراً، ومعظمها موثقٌ في شكاوي لبنان إلى الأمم المتحدة، فضلاً عن تقارير قيادة اليونيفيل الدورية للأمين العام للأمم المتحدة، والتي تشهد على الخروقات الإسرائيلية المتكررة.
على ضوء هذا الواقع، من المستبعد أن يكون الوزير الفرنسي يحمل جديداً في حقيبته الديبلوماسية، كما أنه من المتوقع أن لا يسمع ما يسبر أغواره، لأن الموقف اللبناني الرسمي واضح، وسبق لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن أعلنه في منتدى دافوس، كما في مناسبات أخرى، مؤكداً إستعداد لبنان لتطبيق القرار الدولي، شرط إلتزام الجانب الإسرائيلي وقف خروقاته للسيادة اللبنانية، والإنسحاب الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر اللبنانية، والعودة إلى إتفاقية الهدنة ١٩٤٩، التي حدّدت الخط الحدودي بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويبدو أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين يتصرف بتحفظ سياسي واضح، حيث يربط إستئناف وساطته بإحراز تقدم في الموقف الإسرائيلي، الذي يمتنع حتى الآن عن الخوض في الإنسحابات المطلوبة من الأراضي اللبنانية، خلال هذه الفترة بالذات، لعدم جهوزية الوضع الحكومي، المهزوز أصلاً بسبب إخفاقات الحرب على غزة، للبحث في هذا الملف، حتى لا يُفسر في الداخل الإسرائيلي بمثابة تنازل جديد من تل أبيب تجاه حزب الله.
لذلك فإن قدوم هوكشتاين إلى بيروت ليس مؤكداً حتى كتابة هذه السطور، تاركاً للديبلوماسي الفرنسي الشاب فرصة التحرك في الوقت الضائع، مما يعني بالأمثال اللبنانية: زيارته حركة بلا بركة!