بدأت الزينة السنوية الخاصة بعيدي الميلاد ورأس السنة تظهر في بيروت، سواء في المجمعات التجارية أو على واجهات المحال الكبرى، وهي تعكس الأجواء الاحتفالية للمناسبتين، وتهدف الى جذب الزبائن وتحريك العجلة الاقتصادية من بوابة التسوق وشراء الهدايا.
لا يخفى على أحد أن طبول الحرب مع إسرائيل تقرع على إيقاعات مختلفة، وفق تصاعد العمليات الحربية على الحدود الجنوبية للبنان. ومعلوم أيضا أن «الأجواء الحربية» تطغى في بعض المناطق، وتنعكس ركودا وشللا في الحركة داخل المجمعات التجارية الضخمة. إلا أن الصحيح في المقابل ان الناس في لبنان أصحاب خبرة في التعاطي مع الأزمات والحروب، انطلاقا من تجارب عدة مرت بها البلاد منذ نيلها الاستقلال منتصف أربعينيات القرن الماضي.
فقد خرجت الزينة الى العلن في بعض الأماكن في موعدها المعتاد، وأخرجت معها أحاديث الناس من أجواء الأزمة وخطط الطوارئ والتموين الخاص بها على مختلف الأصعدة، الى أجواء تمضية عطلة نهاية السنة والاستعداد لاستقبال سنة جديدة، مع ما يرافق ذلك من نفقات خاصة بالمناسبتين لا تغيب عن روزنامة الأسر والأفراد.
وعاد الحديث يرتفع عن لبنانيين راغبين بتمضية العطلة في ربوع الوطن، سيحضرون جوا من بوابة مطار بيروت الدولي، على رغم القيود التي فرضتها شركة الخطوط الجوية الوطنية بخفض جداول الرحلات اليومية.
«اللبناني شجاع ويستبق هدنة الأعمال الحربية، بالتخطيط لمشاريع ترفيهية وغيرها. وبات ذلك من اليوميات»، بحسب سميرة صاحبة المسيرة الطويلة بالعمل في وكالة سفريات معروفة. واضافت: «عاد الطلب على حجوزات خارجية في تركيا ومصر (القاهرة الأقصر وأسوان) وبعض الدول الأوروبية. وفي المقابل، نتعامل مع أزمة مقاعد على الطائرات في ضوء الراغبين في القدوم الى البلاد والعودة، وحركة المسافرين من الداخل لتمضية عطل قصيرة في الخارج».
اما الحجوزات الفندقية في بيروت وخارجها فقد ألغيت بنسب مرتفعة سواء من افراد او عائلات او مؤتمرات.
في المقابل، كشف عدد من أصحاب المشاريع الصغيرة التي تعنى بتقديم خدمات الضيافة بأسعار سياحية تتخطى تلك المعتمدة في عدد من البلدان الأوروبية، «عن طلب كثيف لحجوزات في القسم الثاني من شهر ديسمبر المقبل، تصل الى الذروة بين 23 و31 منه». ويتراوح سعر الوحدة السكنية الصغيرة (غرفة مع صالة صغيرة ومنتفعات خاصة بالمشاريع) بين 150 دولارا كحد أدنى و300.
«ويتوقع ارتفاع الأسعار، في حال تثبيت الاستقرار الأمني، ما يدفع بكثيرين الى القيام بحجوزات مسبقة، لقناعتهم بأن تمضية العطلة في ربوع الوطن، باعتماد السياحة الداخلية، أمر ممكن حتى في حال تفاقم الأوضاع (…)»، بحسب صاحب مشروع سياحي في وسط بلاد جبيل يشهد إقبالا كثيفا على مدار السنة منذ فتح أمام العموم قبل عامين.
من جهتها، بادرت شركة «abc» الى وضع الزينة الخاصة بالأعياد في مجمعاتها، علما ان المجمعات التجارية تشهد حركة أقل مما اعتادت عليه في هذه الأيام من السنة، الا ان القيمين عليها ومستأجري المساحات فيها بادروا الى القيام بخطوات استباقية لجذب الزبائن وتنشيط الدورة التجارية.
وأفادت مديرة في شركة تملك وكالة أنواع عدة من الساعات السويسرية، «الى حركة ناشطة من قبل الزبائن، بعد اعلان الشركة عن حسومات خاصة. وبادر البعض الى حجز هدايا العيد منذ الآن».
لا ينفي التفاؤل والمبادرة لدى اللبنانيين، انهم يتعاملون وفق طريقين متوازيين: «وقت للفرح في ظل التحسب المستمر لأوقات الشدة». وفي الحالتين يدركون، وانطلاقا من خبرة طويلة في الأزمات والحروب، ان الحياة ستستمر، وان «اليوم التالي» قائم لا محالة.