عندما أصبح ترشيح جهاد ازعور رسمياً، لم يتأخر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الدعوة الى جلسة انتخاب حددها يوم الأربعاء من الأسبوع المقبل، على عكس كثير من التحليلات أو «التمنيات» التي ظنّت أن مبادرة القوى السياسية المعارضة و»التيار الوطني الحر» الى تبنّي اسم جهاد أزعور سيحشر رئيس المجلس، وسيجعله يتردد بالدعوة الى جلسة انتخابية.
أفسح بري المجال لأيام تفاوضية قبل انعقاد جلسة الانتخاب، تقول مصادر في حركة «امل»، تحديداً امام البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بدأ موفده جولاته، كذلك على ان يكون «اللقاء الديموقراطي» قد اتخذ قراره، وتم التباحث مع النواب السنّة المستقلين أيضاً، وذلك لبناء موقف قوى الثامن من آذار التي لا يمكنها الادّعاء بأن ما قبل ترشيح أزعور سيكون كما بعده بالنسبة إليها.
على الرغم من السقف العالي الذي تتعامل به قوى الثامن من آذار، مع تبني بعض الكتل النيابية المعارضة و»التيار الوطني الحر» ترشيح أزعور إلى رئاسة الجمهورية، فان ذلك لا يلغي التداعيات التي يتركها هذا التحول على موقف هذه القوى، التي لا تزال تؤكد أن ليس لديها من خطة بديلة لترشيح رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية.
في الصورة العامة، نقطة القوة الأساسية التي لدى أزعور هي دعمه من غالبية القوى المسيحية، حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، الأمر الذي يفتقده فرنجية ويُعتبر من أبرز نقاط ضعفه، بالإضافة إلى ذلك فان أزعور لا يعتبر مرشحاً يمثل فريقاً سياسياً محدداً، بل يشكل تقاطعاً بين قوى مختلفة أصلاً، بينما فرنجية يمثل الخط السياسي لقوى الثامن من آذار، ما يعزز نظرية أنه لا يمثل مرشحاً توافقياً على عكس الأول، وهذه النقطة أساسية في سياق الحديث عن تخلي الفريقين عن مرشحهما، فالتخلي عن دعم أزعور يختلف عن التخلي عن دعم فرنجية بالسياسة.
بالإضافة إلى ما تقدم، تظهر مختلف المعطيات الراهنة أن السباق بين أزعور وفرنجية شديد التقارب، فالأول قادر على جمع عدد أصوات أكبر بقليل من تلك التي من الممكن أن ينالها سليمان فرنجية، في ظل المواقف الحالية للقوى النيابية التي أعلنت تأييدها للأول والثاني، حتى ولو أنه ليس قريباً حتى من الـ 65 نائباً، وبالتالي في أي جلسة انتخاب يتنافس فيها الرجلان سيتقدم أزعور على فرنجية، الأمر الذي يرجح فرضية ذهاب قوى الثامن من آذار إلى خيار الورقة البيضاء، الا في حال قلبت قوى 8 آذار الموازين النيابية واستمالت أصوات النواب الذين لا يزالون في المربع الضبابي وعددهم يصل الى 40 نائباً.
إذا على الورقة والقلم، ودون احتساب أصوات كتلة «الطاشناق» التي تميل الى فرنجية، يتفوق ازعور على رئيس «تيار المردة» بفارق صوت واحد، وبحسب مصادر نيابية مطّلعة فإن «البوانتاج» ولو كان ليس مهماً ولا يغير شيئاً في المعركة الرئاسية، إلا أنه قد يعطي مؤشراً حول موقف القوى الداعمة لفرنجية، فأزعور ينطلق من دعم 32 نائباً من القوى المعارضة والمستقلين و»التغييريين»، دون احتساب أصوات «التيار الوطني الحر» والتي يُتوقع الا تتخطى الـ 11 نائباً، أي 43، بينما عدد أصوات فرنجية المحسومة تصل الى 42، مكونة من «الوفاء للمقاومة» وحلفائها «التنمية والتحرير»، «التكتل الوطني المستقل» ونواب مستقلين.
من اليوم حتى الأربعاء المقبل، يُفترض أن تصبح وجهة الأصوات أوضح، وبناء عليه يُتّخذ القرار بخصوص التصويت وتأمين النصاب، علماً أن الدعوة الى جلسة وضعت أيضاً مؤيدي أزعور تحت الضغط، فعند التصويت سيظهر أن وعوداً كثيرة كانت كلاماً في الهواء، خاصة في تكتل «لبنان القوي» الذي يتفكك يوماً بعد آخر.