في “عصر التوتر” بات القلق داء الشباب، مستنقع “عويص” من الامراض والاضطرابات النفس-جسدية. بدأت تأخذ هذه الحالة حيزا واسعا من الاهتمام المجتمعي والعائلي وأصبح من البديهي ان يسلط الضوء عليها لعلاقتها بالإنسان نفسه كونها تؤدي الى تخريب حياته. كما انها امتداد سريع للكثير من الامراض كالسكري، القلب، السمنة. هذه ظاهرة اصبحت كالنار التي تأتي على الهشيم فتحرقه ولا تبقي منه شيئا. “فالقلق والتوتر” يشكلان أحد العوامل الرئيسية لفقدان القدرة على مواصلة الحياة بصورة طبيعية.
في لبنان، لا يخلو منزل من أحد هذه العوامل وهناك مئات عشرات العائلات تعض على الجرح وتسكت لعدم قدرتها على التعامل مع هذا النوع من الحالات التي تعتبرها طارئة او لم تمر بها من قبل. وسبب شيوعها في الأصل يعود الى الضائقة المادية وعدم القدرة في تأمين مستلزمات الحياة الضرورية من مأكل ومشرب وعلم وطبابة ودواء الخ… بالإشارة الى ان 75% يفتقدون القدرة المادية لعرض أبنائهم او أنفسهم على اختصاصيين لكيلا تتدهور أكثر وتذهب باتجاه لا حلول له.
وفي هذا السياق، ذكرت منظمة العفو الدولية ان الوضع في المنطقة العربية فيه الكثير من التحديات الصعبة في ما يختص بحقوق الانسان وتفاصيل حياته اليومية، فالفرد بحسب المنظمة يقتل لينجو بحياته.
وفي تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشف ان العرب يمثلون 70% من القتلى و60% من اللاجئين حول العالم وان كان الحظ بصفّه ونجا فيبحث عن وطن آمن وعيشة كريمة. هذا الشعور الدائم بالمطاردة عن مستقبل في الأصل مجهول يجعل الاحلام معرضة للخطر والانزلاقات النفسية او ان تذهب سرابا وتختفي في غياهب الفقر والتشتت والقلق والتوتر. والهروب من سيىء الى أسوأ يعد قاتلا للنفس الإنسانية لما للحياة من ضغوط ومصاعب للحصول على المستلزمات الأساسية التي هي واجب على الاسرة لتأمينها.
فالأزمة الاقتصادية على سبيل المثال في لبنان زادت من معدلات البطالة وبلغت نسبتها فوق 40% وكدّرت الحياة في جميع فصولها.
ويرى مراقبون ان الاتي أعظم شدةً والمستقبل تسيطر عليه السوداوية والشعور بالإحباط والخوف والقلق وصولا الى الاكتئاب الذي يعد مرضا عضالا.
في هذا التحقيق سنتناول كيفية معالجة القلق والتوتر والاكتئاب عن طريق موائدنا ونظامنا الغذائي على ان نعاود التطرق الى الأطعمة التي يمكن التصويب عليها في تحقيق منفصل.
النظام والانتظام أساس حياة منعمة بالصحة
يعاني 7.6% من سكان العالم من التوتر اليومي والقلق والعصبية وصولا الى الاكتئاب المرضي الذي اضحى جزءا لا يتجزأ من معاناة الحياة اليومية ومنهم 40 مليون من البالغين، وفي حديث سابق للاختصاصية في علم النفس خديجة ماضي قالت لـ “الديار”: “يوجد ارتباط مباشر بين الاجهاد والقلق والتوتر والمشكلات الصحية البعيدة المدى، مثل السمنة والاكتئاب وامراض القلب والسكري وحتى الوفاة المبكرة. هذه العوامل التي تولد مشاعر السلبية تدفع الناس الى أخذ خيارات غذائية سيئة من ضمنها الوجبات السريعة التي على علاقة وثيقة بتفاقم التوتر وإلحاق المزيد من الضرر بالصحة النفسية والجسدية والفكرية”.
الدكتور المتخصص في الطب التجانسي والصيدلي محمد طرابلسي يقول لـ “الديار”: يوجد الكثير من الأطعمة والتوابل في متناول الافراد وشراؤها ميّسر، بعضها موجود في الطبيعة والاخر ليس باهظ الثمن بالمقاربة مع ثمن دواء واحد. تساعد في تقليل الاعراض وتعزز الشعور بالهدوء، واتباع نظام غذائي صحي يقلل من الاعراض المرتبطة بالقلق ووفقا لموقع ميديكال نيوز توداي: “لا توجد اطعمة تقدم حلا سحريا سريعا للقلق او التوتر بمفرده ولكن مجموع ما يتناول الفرد يؤثر في مستوى هدوئه”.
التوابل
عن هذه البهارات او التوابل او الأعشاب يقول طرابلسي: “كان استخدام الأعشاب والتوابل مهما جدا عبر التاريخ بما تحتويه من خصائص طبية قبل وقت طويل من استخدام الطهي. والعلم الحديث اظهر ان العديد منها يحمل بالفعل فوائد صحية مؤكدة وفي ما يلي سأتطرق الى 10 من أكثر الأعشاب والتوابل صحة في العالم وأثبتت امكاناتها الصحية عن طريق أبحاث اجريتها”.
القرفة
يصفها طرابلسي، “بأنها تحتوي على خصائص طبية مهمة جدا بحيث انها تخفض مستويات السكر في الدم ولها تأثير قوي كمضاد لمرض السكر ويمكن اضافتها للكثير من المخبوزات والوصفات. ويتابع، تحتوي على مركب يسمى سيناماليهيد كما انها تعد مضادا قويا لعوامل الاكسدة وتكافح الالتهابات وتخفض نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية وتبطئ من تكسير الكربوهيدرات في الجهاز الهضمي ورائحتها تهدىء الاعصاب وكوب ساخن يجعل أي فرد مرتاحا كأنه خضع لجلسة من الاسترخاء”.
الميرميّة
عن هذه العشبة يقول طرابلسي، “هي متوسطة واوراقها شديدة الخضار ولها سمعة قوية بالنسبة لخصائصها العلاجية في العصور الوسطى وتشير الأبحاث الحالية ان الميرمية قادرة على تحسين وظائف المخ والذاكرة عند الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر”.
“وفي دراسة استمرت 4 أشهر على 42 شخصا يعانون من مرض الزهايمر الخفيف الى المتوسط، تبين ان مستخلص الميرمية يحسن من وظائف المخ والذاكرة ويلطف مزاج الافراد الذين يشعرون بالقلق والتوتر الدائمين”.
النعناع
رائحته الجميلة علاج بحد ذاته، يقول طرابلسي، “اشتهر استخدامه في الطب الشعبي واظهرت دراسات ان النعناع يساعد في ادارة الألم عن طريق ارخاء العضلات الملساء في القولون ويعمل على الاسترخاء والشعور بالرضى والهدوء ورباطة الجأش”.
الكركم
يحتوي على مادة “الكركمين” ويتميز بقدرته على مكافحة امراض السرطان كونه يؤمن مناعة متقدمة وفريدة للجسم وبحسب الدراسات يقول طرابلسي: ” يحسن من وظائف المخ ويحارب الزهايمر ويقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان وشربها مع مسحوق القرفة يخفف الشعور بالإجهاد والتعب وتوتر العمل وما ينتج منه من قلق”.
الريحان
يساعد الريحان المقدس في مكافحة العدوى ويعزز المناعة، ويلفت طرابلسي بالقول: “لا ينبغي الخلط بينه وبين العادي أو التايلاندي، كما ويعتبر عشباً مقدسًا في الهند. وتشير الدراسات إلى أن الريحان المقدس يمكن أن يمنع نمو مجموعة من البكتيريا والخمائر والعفن كما يعزز وظيفة الجهاز المناعي عن طريق زيادة بعض الخلايا المناعية في الدم”.
الفلفل الحار
“العنصر النشط فيه يسمى الكابسيسين، وقد ثبت أنه يقلل الشهية ويزيد من حرق الدهون في العديد من الدراسات، ولهذا السبب فهو عنصر شائع في العديد من مكملات إنقاص الوزن التجارية”.
الزنجبيل له فعالية “الاسبرين”
عن هذه المادة يقول طرابلسي، “الزنجبيل يمكن أن يعالج الغثيان وله خصائص مضادة للالتهابات وهو نوع من التوابل الشعبية المستخدمة في العديد من أشكال الطب البديل. أظهرت الدراسات أن غراما واحدا أو أكثر منه يساهم في علاج الغثيان بنجاح، بما فيه الناجم عن غثيان الصباح والعلاج الكيميائي ودوار البحر. ويتميز بخصائص قوية مضادة للالتهابات، ووجدت دراسة واحدة في الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان القولون. وما يجدر ذكره، ان الزنجبيل له فعالية الأسبرين وخلطه مع القرفة والمستكة وزيت السمسم يقلل الألم والتصلب الذي يعاني منه المصابون بهشاشة العظام”.
الحلبة
تعمل على تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم أي وظيفة الانسولين. في حين أن تأثيره على مستويات هرمون التستوستيرون غير حاسم. وتحتوي على البروتين النباتي هيدروكسي إيزولوسين. وقد أظهرت العديد من الدراسات البشرية أن غراما على الأقل منه يوميًا يمكن أن يخفض مستويات السكر في الدم (خاصة عند مرضى السكري).
حمض الروزمارينيك له تأثيرات مضادة للالتهابات
الروزماري يساعد في منع الحساسية واحتقان الأنف، والعنصر النشط في هذه العشبة يسمى حمض روزماريني. وفي دراسة أجريت على 29 فردًا، تبين أن تناول جرعات 50 و200 ملغ من حمض الروزمارينيك أثبط من أعراض الحساسية، وخفّض عدد الخلايا المناعية في مخاط الأنف”.
الثوم
يمكن للثوم أن يحارب المرض ويحسن صحة القلب وهناك أدلة مقنعة على النتائج المفيدة في هذا السياق، والسبب الرئيس لاستخدام الثوم يعود لخصائصه الطبية، هذه الآثار الصحية ناتجة من مركب يسمى الأليسين، وهو المسؤول أيضًا عن رائحة الثوم المميزة. ويتابع طرابلسي، “مكملات الثوم معروفة جيدًا في مكافحة الأمراض، بما في ذلك نزلات البرد. اما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول، فيبدو أن مكملات الثوم تقلل الكوليسترول الكلي و / أو الكوليسترول الضار بحوالى 10-15٪ ووجدت الدراسات البشرية أيضًا أن مكملات الثوم تسبب انخفاضًا كبيرًا في ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون منه”.