إعادة التدوير عمليا يعني انتاج سلع جديدة قد تكون اقل او أكثر جودة بحسب المادة. وقد بدأ هذا الطريق يأخذ مناحي بيئية واقتصادية وصناعية ممتازة وذلك بعد ان تنبهت المجتمعات الى مشاكل التلوث في الطبيعة فباتت اغلبية الدول المتحضرة والمتقدمة تلجأ الى إعادة تدوير نفاياتها والتي فائدتها ليست محصورة بحماية الموارد الطبيعية وتقليص معدل القمامة بل على الصعيد الاقتصادي فإن الازمة دفعت الناس بشكل فردي الى الاستفادة من ملابسهم واحذيتهم القديمة او تلك التي لم تعد تتمشى مع الموضة بتحويلها الى ملابس جديدة اما عن طريق تغيير القصات او تحويل الفساتين الى قمصان او تنانير او لصنع حقائب مدرسية وصناديق للطعام او للأقلام والقرطاسية واهم من كل ما تقدم صناعة الفوط الصحية النسائية من المواد القطنية.
بالإشارة الى ان نفايات الملابس البالية تعد الأخطر على البيئة وتأثيرها سلبي ويساهم في الاحتباس الحراري كالبلاستيك تماما، والجدير ذكره في هذا الإطار وجود 72 مادة كيميائية سامة في المياه المستخدمة في صباغة المنسوجات والثياب والاحذية وبالتالي تعد المسؤولة عن 17% الى 20% من تلوث مياه الصرف الصحي.
في سياق متصل، فان الملابس تحتوي على مادة البوليستر بنسبة 65% والذي هو نوع من البلاستيك مصنّع من مادة الوقود الاحفوري، والذي يستهلك انتاجه حوالى 70 مليون برميل من النفط كل عام وبالتالي فإن بعض المصادر قدرت ان صناعة الملابس مسؤولة عن 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتي سببها البشر.
وبحسب GLOBAL FASHION AGENDA فإن أكثر من 80% من الملابس ترمى في القمامة لتتحلل او تحرق ما ينتج كميات كبيرة من الكربون والغازات السامة في الغلاف الجوي للأرض الامر الذي يسهم في ارتفاع التلوث والاحتباس الحراري.
لذا في حال كان لديكم اكوام من الخرق القديمة او الملابس فإن التفكير في توظيفها بإعادة تدويرها يعد نصف الحل انطلاقا من الاقتصاد على الجيب والحد من التلوث البيئي وتراكم النفايات او ربما توزيعها للعائلات المحتاجة او الجمعيات التي تعمد الى إعادة تدويرها او المساهمة بها لتوزيعها ضمن إطار مجاني والذي يعد من المبادئ الإنسانية.
طرق وأساليب تدوير الملابس
مؤسِّسة جمعية RECREATE السيدة نسرين شمص تشرح لـ «الديار» طرق وأساليب الاستفادة من الألبسة والأقمشة القديمة فتقول:
إن موضوع الاستدامة ليس فقط Trend للعديد من الناس ولكن هو في الحقيقة حاجه ضرورية لمواجهة الوضع الاقتصادي الخطر الذي يعاني منه اليوم العديد من سكان الأرض. تتابع، وفي عالم إعادة صناعة الأزياء وغيرها من الصناعات المنزلية المستدامة أصبح ايضا التفكير في المردود المادي من هكذا حركات بيئية هادفة لما تحمل من فرص عمل وتوفير مواد خام، بحيث إن نسبة التكلفة المادية المقبولة لصناعة اي منتج تشجع الناس على إعادة ابتكار حلول لملابسهم أو لقطع منزلية أو اكسسوارات مختلفة وتحويلها الى تصاميم جديدة».
موضة عالمية
تعتبر شمص، «ان الفن البيئي او فن إعادة تدوير الملابس عبر الـ Upcycling موضة عالمية انتهجتها معظم دور الأزياء والماركات العالمية لتحد من خسارتها المادية، فقد عمدت كبرى الماركات إلى إعادة صناعة ملابسها من الأزياء الجاهزة الموجودة في مخازنها لسنوات، بالإشارة الى أن بعض الجامعات الخاصة في عالم التصميم تحث تلاميذها لاعتماد مواد صديقه للبيئة في تصاميمهم وذلك يعود الى أهمية هذا المجال في نشر الثقافة. وتشير، في لبنان برزت في الآونة الأخيرة عدة علامات تجارية تعنى بهذا الخط، كـ Wear Salad حيث ترتكز هويتها الفنية على إعادة صناعة البِذْلة الرجالية الجديدة او المستعملة وتحويلها إلى قطع مريحة وعملية بدرجة أكبر. وتضيف، منذ فترة ليست بالبعيدة أقيم حدث في كل من الاردن والإمارات يهدف الى نشر أفكار وابداعات مستمدة من الملابس الرجالية والبدلات وطغى عليها اللون الأسود»!
بث ثقافة الوعي البيئي
تقول شمص، «في السنوات الأخيرة برز اسم Recreate وهي جمعية صديقة للبيئة انطلقت من الشوف لتجوب كل المناطق والمدارس والبلديات مع الأتيليه-المتنقل. وفي الواقع يرمي الى بث جوهر ثقافة الوعي البيئي والفني عند الاطفال والشباب وتعتمد على إقامة دورات مجانية في هذه المواضيع الضرورية في الجوانب الحياتية، والبيئية، وتشدد على ضرورة فرز الألبسة من المصدر، اي المنزل».
تقسيم الاقمشة
تشرح شمص كيفية فرز الأقمشة فتقول: «تقسّم الى عدة أنواع، منها القطنيات وغيرها من الانواع، كالكتان، وغيره.». وكل نوع من القماش ينتمي الى عائلة ما، حيث يستطيع أي فرد أن يصحح ملابسه ويعدل في تصاميمها كتصحيح الثقوب والأماكن المهترئة بوضع طبعات معينة تكون عصرية وكثيرا ما نجدها على سراويل وجاكيتات الجينز».
انتعاش قطاع الحرف اليدوية
وتتابع، «على امتداد الوطن هناك قطاعات أعيدت الحياة إليها في ظل الازمة الاقتصادية والاجتماعية والوضع المعيشي المتعثر وانقباض المداخيل وانتشار البطالة وهو قطاع صناعة الحرف اليدوية وإعادة تأهيل الملابس وغيرها من الاقمشة. وتلفت، الى تحسّن إنتاج هذا القطاع بصورة لافته».
الفرز بحسب مكونات المادة
في هذا السياق تقول شمص، «إذا أردنا ان نتحدث عن الأقمشة أو الملابس التي تتكوّن من البوليستر أو الجلد الصناعي أو غيرها من الملابس الغير صديقة للبيئة ومن الصعب ان تتحلل في التربة، هناك عدة معامل تجمع هذه المواد وتدخلها في عالم الصناعات التحويلية حيث يضاف إليها البلاستيك المضغوط والكاوتشوك من دواليب سيارات وتحويلها الى ارضيات آمنه لملاعب الاطفال وغيرها. كما يمكن لبعض الاقمشة أن تحوّل إلى حقائب واكسسوارات، وبعض الماركات تؤدي دورا مهما في التسويق لمنتجاتها بحجة أنها صديقة للبيئة، حيث حولت مصانعها لتنفيذ تصاميم صديقة للبيئة والتنمية المستدامة وذلك لحماية الطبيعة وحفاظا على تحقيق الأرباح واستمراريتها».
وتستكمل بالقول: «مثلا ممكن ان نصنع من قطعتين جينز حقيبة كبيره للمدرسة، بالإشارة الى انه يمكن الاستفادة من الفضلات المتبقية من القماش لصناعة المقالم والحقائب الصغيرة للأطفال والطلاب».
أزياء فلكلورية
تتطرق شمص الى عملية الفرز الصحيحة والتي توفر لنا عدة احتمالات، يمكن ان توظّف في انتاج ازياء فلكلورية مستدامة، او ازياء مسرح خاصة للأطفال.
وتخلص بالإشارة الى معمل في المدينة الصناعية، بادر الى صناعة الفوط الصحية عندما ارتفع سعرها وذلك باستخدام الاقمشة القطنية التي كانت تأتي عن طريق الـ donations وتشير الى ان النساء كن يعملن على تنفيذها، فاللبناني مبدع وجل ما يحتاج اليه القليل من الاستقرار و»شوفو شو بيعمل»!