ان مفهوم الاخبار المضللة هو ما يتم نشره او اذاعته عمداً لغاية معينة وشخصية، وهو ما يجسد مصطلح «التلفيق» أي الكاذب ولكن يُعْمد الى نشره في جميع الأحوال. وهذه الاخبار يطلق عليها تسمية «الترند» لتجميل الشائعة لدى المتابعين من جهة، ولتصغير الاضرار النفسية للجهة المقصودة من جانب آخر. لإيهام الجمهور ان ثمة شيئا جديدا ومميزا يتفرد به هذا الموقع او الوسيلة، والواقع يكون «محتوى احتيالي» لتشتيت او تقليب الرأي العام او لتوجيههم لمتابعة موقع ويب معين.
الظاهر حقيقي والباطن كاذب
الاخبار المضللة تتقمص هيئة اخبار حقيقية وتكون مضللة قصداً لإثارة الفتنة او التلاعب بالرأي العام، او اخبار مضللة الا انها تحتوي على بعض العناصر الصحيحة.
والمعلومات المفبركة حالة ليست حديثة فقد ظهرت في القرن التاسع عشر، الا ان الوسائل المتاحة اليوم في عصر رقمنة المعلومات والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غيّرت في طريقة حبكها وحياكتها وترويجها. وقبل الاعلام الرقمي كان الناس يتلقون الاخبار من مصادر إعلامية يثقون بها، حيث كان الصحافيون يومذاك يتبعون قواعد صارمة لجهة توخي نقل الاخبار والتحلي بالمهنية والموضوعية في نشرها. فأتى الانترنت ليطيح هذه السلوكيات والممارسات، وليفتح ابوابا جديدة لنشر الاخبار والمعلومات المغلوطة، بالإشارة الى ان كثرة المواقع غلبت التنظيم وأسقطت معايير التحرير والتحري والصدق والشفافية فأضحى الناس يستقون الاخبار من مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت ومواقع الويب ومعظم المعلومات ليست مصدر ثقة للتفريق ما بين الاخبار الموثوق بها وتلك الملغومة!
وسائل متعددة والحقيقة تملكها قِلّة!
في عصر التكنولوجيا وانتشار مواقع الويب التي باتت لا تعد ولا تحصى وعددها يفوق 1000 موقع بحسب رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، ومع توافر الانترنت ويُسْر استعماله، تعددت الوسائل التي باتت تسمح لأي فرد بتلقي الاخبار اليومية لحظة بلحظة، وامسى تصفّح الاخبار لا يقتصر على قراءة عناوين الصحف الورقية او الاستماع الى نشرات الاخبار التلفزيونية او عبر الاذاعة، بل ذهبت الأمور الى مكان يخلق مشاكل لا تحمد عقباها على متلقيها وناشريها على حد سواء. وانتشار هذه الظاهرة يتضاعف يوما بعد يوم لتتكشّف معها حالة الاخبار الزائفة والركيكة والتي لها تأثير سلبي في جيل الشباب بشكل خاص.
أنواع الاخبار الزائفة
أنواع الاخبار الكاذبة كثيرة ومتفرعة، تبدأ من الإعلانات الرنانة، والصحافة الركيكة التي تفتقد الى المصادر المسنودة للخبر المذاع، المانشيتات المفبركة والتي تكون في اغلبية الأحيان خبرا صحيحا، الا انه يستخدم عنوانا مضللا يوظّف في التنمر لحث القراء للنقر عليه، الى جانب «المحتوى الاحتيالي» وهذا يتم في حال انتحال شخصية المصادر الحقيقية بتلفيق اخبار واهية لخداع الجمهور او تضليلهم، الاذلال او «الاستهزاء» الذي يرمي الى الترفيه ويحتوي على المبالغة في المزاح حول الاخبار او المشاهير على سبيل المثال موقعي THE DAILY MASH THE ONION.
الصحافي المتخصص في علوم الاتصال والتواصل فيليب أبو زيد لـ «الديار»: «ترند الاخبار المضللة FAKE NEWS أوMIS INFORMATIONS هدفها التضليل في أحيان كثيرة ويقع الجمهور ضحية هذه المفبركات او الاخبار بسبب عناوينها الجذابة، وفي معظم الأحيان يتم استغلال حدث معين على سبيل المثال نشر خبر عن المنتخب الفرنسي في المونديال ان الفريق مصاب بفيروس ولن يتمكن من اللعب في نهائي كأس العالم، فيُقصد فبركة هذا النوع من الاخبار لمصلحة وغايات قد تكون لرفع نسبة مشاهدتها بجر الناس الى النقر على «اللينك» والدخول الى الموقع او الوسيلة تلك».
طُعم
في هذا الإطار يشرح أبو زيد، «الهدف هو ما يسمى CLICK BITE او الطعم للقارئ وهي طريقة جذب مدروسة لإجبار المتابع بتسجيل الدخول الذي يقوده للنقر على الدعايات والاعلانات التي تكون منتشرة داخل الخبر وهذا ما يضاعف نسبة المشاهدة للخبر والموقع للاستفادة من عرض معيّن او بيع منتجات محددة تكون مدرجة في داخل الصفحة».
ويتابع، «يتعمدون اتباع طرق متنوعة والاهداف رخيصة لا غاية منها سوى تحقيق الربح المادي».
أسئلة بديهية
يقول أبو زيد، «أسئلة بديهية يجب ان يطرحها المتابع او القارئ على نفسه في هذا الشأن ويشرح، يوجد جزء كبير من الاخبار ينتقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدا منصات الواتسأب، مفادها ان بعض الأشخاص يلجؤون الى رمي الاخبار المخادعة بهدف التسلية، ويتم تناقلها بين الناس فيرسلون معلومات مختالة قد تؤثر سلبا في صحة الناس وتنال من سمعتهم او كرامتهم».
ويضيف، «هنا يفترض توعية الناس على ان الاخبار التي يتصفحونها يجب التحقق من المصادر المسنودة اليها ومن الرابط الذي يعود للخبر والوسيلة والكاتب وهذه أسئلة طبيعية يجب ان يكون كل شخص ملّما بها لجهة المعلومات العامة والتي لا تتطلب جهدا او بحثا مطوّلا، وأيضا التمتع بذهنية نقدية منطقية دون الرضوخ للعوامل العاطفية التي هي أساس في استثارة هذه الاخبار، والتحقق من الحقائق التي صِيغ منها الخبر كما ان التحقق من التعليقات قد يساهم في اكتشاف الاخبار المفبركة إضافة الى الصور وما اذا كانت في اطار الدعابة ومن بين المواقع التي تساعد في كشف الاخبار المضللة:
SNOPES .1
POLITFACT .2
FACT CHECK .3
BBC REALITY CHECK .4
MESBAR .5
اخبار مضللة تستغل احداث عالمية
في هذا الإطار يتابع أبو زيد حديثه، «ان بعض الاخبار الزائفة تستغل احداث عالمية معيّنة وذلك للتأثير على رأي ناخبين، صنّاع القرار، او على انتخابات معيّنة. على سبيل المثال: «كامبريدج اناليتيكا» هي عبارة عن فضيحة سياسية كبرى اسْتَعْرت في أوائل العام 2018 وذلك عندما تم الكشف ان الشركة المذكورة تعمل على جمع البيانات وتحليلها ثم التوصل الى استنتاجات عند العمليات الانتخابية. ويضيف، « حوالى أكثر من 90 مليون مستخدم تم استغلال معلوماتهم بشكل مسرّب عن طريق الفيسبوك ووظفت هذه المعطيات لبث دعايات تصب لمصلحة «دونالد ترامب» ومصدرها كان روسيا بعد ان أجريت تحقيقات موسّعة في هذه القضية، والجدير ذكره ان «مارك زوكربيرغ» مثُل امام الكونغرس الأميركي للتحقيق معه في هذه التهمة.
الواقع اللبناني من الاخبار المغالطة
اما عن الواقع اللبناني يقول أبو زيد، « أحيانا البعض ينشر الاخبار المضللة بهدف الفتنة، فيستغل احداثا معيّنة ويقذف معلومات زائفة لتأجيج الشارع وهذه تعدّ مسألة جدا خطرة.
يستكمل، « لنأخذ الاحداث في طرابلس مثال على ذلك، كأن يختلق بعض المضللون خبرا فحواه ان أهالي باب التبانة يطلقون النار على أهالي جبل محسن، والواقع ان هكذا خبر لا يمت الى الحقيقة بصلة وغير واقعي او صحيح وفي الأصل غير موجود. وهكذا اخبار أدت الى انزلاقات امنية مرات ومرات بالإشارة الى استخدام SOCIAL MEDIA لأغراض تهيّج الرأي العام وتثير النعرات الطائفية والمذهبية كونها الوتر الحسّاس في الأساس».
ويخلص أبو زيد للقول، «انا اقترح ضرورة تجريم الاخبار الكاذبة وملاحقة من ينشرها وادعو الى تنظيم كل مواقع الويب والتي باتت منتشرة بطريقة عشوائية وكثيرة، ومعرفة المرخص منها من غير الشرعي ومن يمول هذه الوسائل.