لا يختلف أحد على ضرورة تشكيل حكومة بهذه المرحلة الصعبة التي يمر بها البلد، نظراً لضرورة وجودها من ناحية، ومن أجل عدم زيادة الأزمات من ناحية أخرى والدخول بجدل عدم دستورية حكومة تصريف الأعمال خاصة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والفراغ المتوقع والمنتظر…
المتهم الأول بالعراقيل بالنسبة لرئيس الحكومة المكلّف والذي تحدّث عنها هو فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يُكرِّر أن الإتفاق تم بينه وبين رئيس الجمهورية قبل سفره الى نيويورك برعاية حزب الله لكن عون تراجع عنه، الاتفاق كان على تغيير أربعة وزراء، وزير المالية(الوزير الشيعي) من حصة الثنائي الشيعي يسميه الرئيس نبيه بري، ووزير الاقتصاد (الوزير السُني)يُسميه ميقاتي من عكار لإرضاء نواب المنطقة وبرضى رئيس الجمهورية، وزير المهجرين(الوزير الدرزي) يسميه عون بشكل لا يستفز وليد جنبلاط، ووزيرة التنمية الإدارية (كاثوليك) يسمي مكانها الرئيس عون، وعندما عاد من السفر قال ميقاتي إن عدد الوزراء الذين يُراد تغييرهم زاد عند رئيس الجمهورية الذي يعتبر فريقه أن على ميقاتي إعتماد وحدة المعايير بتغيير الوزراء وكما يحق لغيرهم يحق لهم، هنا يكمن الخلاف الحقيقي، هو أن ميقاتي يريد إجراء عملية ترميم للحكومة بمعنى بقائها مع بعض التعديلات، وفريق رئيس الجمهورية يريد توسعة عملية التغيير بالقدر الممكن. وهذا ما رفضه ميقاتي ودفع برئيس الجمهورية للقول إنه إذا بقي الرئيس المكلف بهذا الآداء يعني أن لا نيّة لديه بتشكيل حكومة، وعملية التشكيل لا تتم إلا إذا طبّق ميقاتي وحدة المعايير بتغيير الوزراء.
وبظل هذه التعقيدات، وبما أن البلد لا يتحمّل المزيد من الأزمات، ومنعاً للإلتباس الدستوري بحكومة تصريف الأعمال، يبذل حزب الله جهداً كبيراً للتوافق بين الأفرقاء لإنجاز هذا الإستحقاق بأقرب وقت نظراً لضيقه.
يعلم حزب الله جيداً حساسية المرحلة وأن الكباش الحاصل بتشكيل الحكومة له علاقة بالرئاسة، فلو كانت عملية الإنتخاب في موعدها لما تعقّدت عملية التشكيل بهذا الشكل، لذا فإن جميع الأطراف يتعاطون معها على أنها لها علاقة مباشرة بما يمكن أن ينجم عن عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية تتسلّم الحكومة بعده البلد، فيكون بهذه الحالة التوافق أكثر من ضروري بين جميع الأطراف الذي يسعى كل منهم الى تعزيز وضعه حكومياً.
من هنا وبناءً على ما تقدّم، فإن لتشكيل الحكومة ضرورة أكثر من أي وقت مضى، نظراً لوضع البلد والإستحقاقات التي تنتظره، لذا فإن المساعي ستستمر لآخر لحظة، حتى الإعلان عنها.