لم تصل الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة الى طريق مسدود، وان كانت قد اصطدمت في الايام الاخيرة بمطالب و”فيتوات” متبادلة بين الرئيسين عون وميقاتي الذي عاد وتكلم اول امس عن عراقيل توضع في وجه عملية التاليف.
ويؤكد مصدر سياسي مطلع ان حزب الله انخرط منذ اكثر من اسبوعين ببذل جهود مكثفة للتوفيق بين الرئيسين، من اجل التوصل الى تفاهم حول الحكومة الجديدة ، واستطاع في المرحلة الاولى ان يقنع رئيس الجمهورية بالتخلي عن فكرة زيادة عدد الحكومة الحالية الى ٣٠ وزيرا باضافة ٦ وزراء دولة، مع تعديل طفيف في الحكومة الحالية لا يتجاوز الـ٣ او الـ ٤ وزراء .
ويشير المصدر الى ان البحث تركز بعد ذلك على اجراء تعديل على الحكومة الحالية مع الابقاء على صيغة الـ ٢٤ وزيرا، وان الاجواء بدت ايجابية، الامر الذي جعل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وبعده نائبه الشيخ نعيم قاسم يبديان تفاؤلا واضحا بامكانية ولادة الحكومة الجديدة خلال ايام .
ووفقا للمعلومات المتوافرة للمصدر، فان الخلاف الذي كان يدور على اسم او اسمين من بين ٤ وزراء مرشحين “للتغيير”، اضفى جوا من الحذر قبل ان تطرأ خلافات اكبر اثر مطالبة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتغيير العدد الاكبر من الوزراء المسيحيين . وتضيف المعلومات ، على ذمة المصدر ، ان باسيل وسّع دائرة مطالبه لتشمل هذا العدد من الوزراء المسيحيين، مبررا ذلك باننا امام عملية تشكيل حكومة جديدة ولسنا ملزمين ابدا بالتمسك بتشكيلة الحكومة الحالية ، والمطلوب التعامل مع هذا الاستحقاق على هذا الاساس .
ويبرر باسيل موقفه ايضا بالحاجة الى ادخال دم جديد للحكومة يفعّل عملها ودورها ، خصوصا في ضوء تجربة بعض النواب غير المرضية . ويرى ان ظروف تشكيل الحكومة اليوم تختلف عن الظروف السابقة ، معتبرا ان هناك حاجة في هذه المرحلة وفي كل الحسابات لوزراء سياسيين بعد ان سقطت شعارات الاختصاص وانخرط الجميع بالسياسة في ضوء الانتخابات النيابية .
وفي المقابل، يواجه باسيل اتهامات عديدة بانه كلما اقترب الانفراج الحكومي يعمد الى استحضار شروط جديدة لتعقيد عملية التأليف ، وانه بات واضحا انه يسعى للمجيء بفريق عمل سياسي داخل الحكومة يكون مرتبطا مباشرة به في كل الاعمال والحسابات . ويرى اصحاب هذه الاتهامات ان رئيس التيار الوطني الحر يفضل استبدال الوزراء المسيحيين الحاليين المحسوبين على التيار بوزراء “باسيليين” يستطيع من خلالهم لعب دور افعل داخل الحكومة الجديدة ، خصوصا اذا لم ينتخب رئيس جديد للجمهورية، وهو الامر المرجح حتى الآن .
ويتهمه هؤلاء ايضا، بانه يتجاهل نتائج الانتخابات النيابية ويثقل عملية تأليف الحكومة بمطالب تفوق مطالبه السابقة ، مستغلا رفض الفريق المسيحي الآخر المشاركة في الحكومة . ويعتقد هؤلاء ان باسيل يتعامل مع المرحلة بنوع من المغامرة او المقامرة ، لذلك يسعى الى التشدد في مفاوضات الحكومة لتحقيق اكير قدر من المكاسب.
اما ميقاتي فتتهمه مصادر قريبة من التيار بانه يسعى الى التجديد للحكومة الحالية من دون تعديل او مع تعديل طفيف، بحيث يبقى مطلق اليدين اكثر في ظل التشكيلة الحالية، بعد ان تبين ان بعض الوزراء غير المحسوبين عليه باتوا اقرب اليه من الآخرين . وترى المصادر ان رئيس الحكومة المكلف يريد ان يكرس الامر الواقع الحالي في الحكومة الجديدة ، ويحسب الحساب للمرحلة المقبلة، خصوصا اذا تعذر انتخاب رئيس الجمهورية في المهلة الدستورية .
ورغم هذه الحسابات المتضاربة التي فاقمت من ازمة تأليف الحكومة، يعتقد مصدر نيابي في كتلة الوفاء للمقاومة، ان الجميع محكومون بتشكيل حكومة جديدة ، واهمية وجود حكومة اصيلة تلعب دورها كاملا في هذه الظروف الصعبة التي تشهدها البلاد، بغض النظر عن مصير الاستحقاق الرئاسي وما اذا كان سينتخب الرئيس الجديد في المهلة الدستورية ام لا . ويضيف بان مسعى الحزب ينطلق من هذه القناعة التي يفترض ان تكون قناعة الجميع ، لافتا الى ان الجهود مستمرة في اجواء من المسؤولية لدى الرئيسين والاطراف المعنية .
ووفقا للمعلومات في الساعات الماضية، فان البحث يتركز على احداث تعديل وسط في التشكيلة الحالية يُوفق بين وجهتي نظر عون وميقاتي، لان التعديل الكبير والواسع لا يواجه اعتراضا من ميقاتي وبعض اطراف الحكومة فحسب، بل يفتح عيون الاطراف الاخرى من خارج الحكومة خصوصا الاطراف المسيحية .
ويركز حزب الله في مسعاه على تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، ويبدو ان بكركي تلتقي معه في هذا التوجه تحسبا لازمة حكم قد تحصل اذا حل الفراغ الرئاسي. لذلك ناشد المطارنة الموارنة في بيانهم امس الرئيسين عون وميقاتي التعاون الوثيق للخروج بحكومة تثبت كيان المؤسسات وتمنع اي جهة ان تحكم البلاد من خلال حكومة مرممة.