منذ زمن بعيد وتربط لبنان علاقات قوية مع فرنسا . الفرنسيون الذين لطالما اهتموا بالملفات اللبنانية قاطبةً، سيما تلك التي تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية والحكومة والقيام بالاصلاحات، خصوصاً بعد الأزمة التي بدأ يعاني منها لبنان بعد العام ٢٠١٩. وعلى الرغم من تركيز فرنسا على الملف الأوكراني، وزيادة التوتر بينها وبين روسيا نتيجة الحملة العسكرية الروسية المستمرة في اوكرانيا منذ شباط الماضي، الا أن كل هذا لم يمنعَ فرنسا ورئيسها من القيام بدورها في لبنان، فكيف سينعكس هذا الدور على المشهد اللبناني؟
مصدرٌ سياسي متابع أكدَّ أن “هناك مساعٍ أميركيّة تجري على قدمٍ وساق لمحاولة الضغط على فرنسا من أجل تغيير رأيها تجاه حزب الله، وإدراج جناحه السياسي كما جناحه العسكري على لائحة الإرهاب”، واشار المصدر الى أنّ “الدورة ال 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك الشهر الحالي، شهدت لقاءً ثلاثيّاً ( أميركيا ـ سعوديا ـ فرنسيا ) تضمّن عناوين إقليميّة ودوليّة عدّة تمّ خلاله الطلب من فرنسا اتخاذ قرارٍ جدّيٍ يقضي بإدراج الجناح السياسي لحزب الله على لائحة الارهاب”.
فهل سيضغط الأميركيون على الفرنسيين من أجل تحقيق هدفهم الذي يعتبرونه مصيرياً بالنسبة لهم ؟ وهل ستحتكم الاليزيه للبيت الأبيض؟ بحسب المصدر ان الأميركيين “يصرون على الفرنسيين للضغط على أوروبا لإدراج الجناح السياسي للحزب كما الجناح العسكري على لائحة الإرهاب أيضاً”، لكن الفرنسيين لا يبدون قبولاً لهذا الطلب”، ويتابع المصدر “أن الرد الفرنسي يقول بأن الفرنسيين مرتاحون في لبنان ولا يعيشون المخاطر وهذا ما يدفعهم للتأكيد بأن قرارهم تجاه حزب الله هو قرارٌ صائب ولن يدخلوا في خلافٍ مع حزب الله السياسي”.
ويشير المصدر الى أن “فرنسا التي تعقد لقاءات علنيّة وغير علنيّة مع العديد من المسؤوولين اللبنانيين لمناقشة الأوضاع اللبنانية، لا ترى أنها في موقع الخطر، حيث أنها و سفارتها وديبلوماسييها ورعاياها بمأمن من الأحداث الأمنية في لبنان، وأنّ حزب الله بات يشكّل واحداً من أبرز اللاعبين السياسيين في الساحة اللبنانية وهو لا يشكّل خطراً داخلياً، و فرنسا تركّز اليوم على استمرار العملية الروسية في أوكرانيا وحاجة أوروبا الملحة للغاز، سيّما مع اقتراب فصل الشتاء القاسي”.
كل هذا الأحداث ستنعكسُ حتماً في الداخل اللبناني، يضيف المصدر، وفي مقدمتها ملفّ الإستحقاق الرئاسي الذي يشكلُ نقطة مركزية، و يلعبُ دوراً كبيراً ينعكسُ على الأجواء المتشنجة الداخلية، و يشير المصدر الى أن “هناك محاولات حثيثة وتحركات تقوم بها أميركا والسعودية لتحجيم دور محور الممانعة، مما سيؤثر على عرقلة الإنتخابات الرئاسيّة، لذلك يُثار كل الكلام حول ولادة الحكومة في القريب العاجل الذي سيولّده الفراغ الرئاسي والذي يتقاطع مع عدم امكانية انتخاب رئيس للجمهورية، خاصّة بعد عودة التدخل السعودي بشكلٍ واضحٍ في الساحة الداخلية اللبنانية من خلال اللقاءات التي عقدت في الآونة الأخيرة، والتي كان آخرها مأدبة الغداء التي أقامها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري من أجل اعادة تعزيز الواقع السني المتراجع في ظل استمرار غياب الحريرية السياسيّة”، كما و يستبعد المصدر “عودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وإلى العمل السياسي في الوقت الراهن، نظراً لأن الفيتو السعودي لا زال مفروضٌ عليه”.
ويتابع المصدر أن “المملكة تعتبر عودة الحريري عاملاً مساعداً لمجيء رئيسٍ للجمهورية مقرّب من محور الممانعة، ومن الممكن أن يكون الرئيس هو الوزير سليمان فرنجيّة الذي تربطه علاقة وثيقة به، وهو ما تعتبره السعوديّة غير مناسب في هذه المرحلة، سيما وأن دورها سيضعف، وهي تعمل جاهدة للحفاظ عليه نظراً لأن لها أهدافاً باتت معروفة”.