لا تزال معركة رئاسة الجمهورية ضبابية، رغم التصريحات التي بدأت تأخذ مداها حول هذا الاستحقاق الذي تسعى القوى المسيحية لأن يكون لها كلمة الفصل فيه، فهل يتم الاتفاق على فرنجية رئيساً؟
تقول مصادر نيابية معارضة لحزب الله أنه من غير المتوقع أن تذهب القوى السياسية المسيحية الأساسية إلى دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، فبحسب المواقف المعلنة حتى الآن، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كان يصفه قبل 6 سنوات، بمرشح قوى الثامن من آذار الأصلي، حين كان يصف رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون بـ»المرشح التايواني».
أما بالنسبة إلى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، فهو ذهب في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، إلى الحديث صراحة عن أنه لا يرى حالياً سبباً لإنتخاب فرنجية، في ظل الخلافات الكبيرة بينهما في الملفات الداخلية، الأمر الذي من الممكن أن يوضع في سياق طلب المزيد من الشروط أو الضمانات مقابل دعمه، في حال تبنيه من جانب حزب الله، الفريق الوحيد القادر على تقريب وجهات النظر بين الجانبين.
في مطلق الأحوال، هناك معادلة لا ينبغي تجاهلها عند مقاربة ترشيح فرنجية، تقوم على أساس أنه من دائرة الشمال الثالثة، حيث مركز «تيار المردة» الشعبي في قضاء زغرتا، ومن المتعارف عليه في لبنان أن أي رئيس للجمهورية ترتفع نسبة المؤيدين له في السنوات الأولى من عهده، فهل من الممكن توقع دعم الفريقين المسيحيين الأكبر أو أي منهما لمرشح من الدائرة التي توصف، منذ إقرار قانون الإنتخاب الحالي بـ»الدائرة الرئاسية»؟
بالمقابل تُشير مصادر قريبة من «التيار الوطني الحر» إلى أن التيار قرر مدّ اليد للتفاوض والإتفاق مع القوى المسيحية الأخرى على إسم رئيس الجمهورية المقبل، على قاعدة أن لا يتم ضرب المعادلة التي كرسها وصول ميشال عون الى الرئاسة، أي الإلتزام بأن يكون الرئيس قوياً وممثلاً للمسيحيين، لا أن يُفرض عليهم من خارج السياق.
وترى المصادر أن التيار لم يُقفل الباب أمام الإتفاق والتوافق على اسم فرنجية، ولا غيره ممن يلبي المواصفات الأساسية، وبالتالي فلا مشكلة بالتشاور مع «المردة» و»القوات» وغيرهما لأجل محاولة التوافق على إسم، نساعده بالوصول والعمل خلال عهده، لكي لا يقع في نفس العقبات التي واجهت العهد الحالي.
لا يجد «التيار الوطني الحر» نفسه ملزماً بدعم مرشح قوى 8 آذار وحزب الله، ولو لم يُعلن ذلك رسمياً بعد سليمان فرنجية، لكن ذلك لا يعني وقوفه ضد الرجل أيضاً، فباسيل يريد أن يخرج منتصراً في هذه المسألة، فهو بحسب المعلومات لن يكون سوى داعماً لإسم الرئيس الذي يملك الحظوظ الاكبر للوصول الى قصر بعبدا، لكي لا يُقال ان باسيل خسر معركة انتخاب الرئاسة، فهو وإن كان يمنّي النفس بالوصول الى كرسي رئاسة الجمهورية، إلا أنه يعلم بأن وصوله بالدورة المقبلة شبه مستحيل.
إن هذه الرغبة لا تنفي رغبة أي داعم لأي رئيس بأن ينال «أجر» دعمه، لذلك هناك من يقول بأن باسيل قد يدعم فرنجية بحالتين: الأولى هي الحصول على مكاسب سياسية كبيرة خلال العهد، والثانية هي الوعد بدعمه للرئاسة بعد 6 سنوات، أما سمير جعجع فهو سيسعى بكل قوته لوصول رئيس لا لون سياسيا له ولا رائحة، لكنه قد يُعيد تكرار تجربة ما قبل انتخاب الرئيس عون، بحال وجد «الديل» المناسب.