الديار: ميشال نصر
لأن الخيارات ضيقة جدا والوقت مهم جدا”، كما ادعى في كلمته الى اللبنانيين، سارع الرئيس المكلف الى قصر بعبدا متأبطاً تشكيلة حكومية ،”سقطت بالمظلة” على رئيس الجمهورية، يجوز، ليضاف رقم لبناني جديد في كتاب “غينيس” للارقام القياسية، اذ قلما سجل عالميا تقديم تشكيلة حكومية في اقل من 18 ساعة من الاستشارات. سرعة قياسية اثارت شكوك بعبدا التي اعتبرت “ان تشكيلة ميقاتي قُدمت بقصد عدم الموافقة عليها، وهي مؤشر أولي إلى أنه لا يريد حكومة قبل نهاية ولاية “العماد”.
صحيح ان ميقاتي “سلق المراحل” واستعجل قافزا فوق الاعراف، مودعا رئيس الجمهورية مسودة تشكيلة حكومية، قبل ان يطلعه حتى على مشاوراته مع الكتل والنواب، وحتى قبل ان يفاتح الرئيس حول رؤيته لشكل الحكومة وحساسية الدور الذي تؤديه نتيجة الاحداث المقبلة، وهو ما رأت فيه مصادر سياسية انتقاصا من صلاحيات الموقع المسيحي الاول، وهو ما لا يمكن لجنرال بعبدا “ان يمرقه” وان شكلا، فلو تنازل دولته واتبع الاصول، لكانت الامور سلكت مسارا آخر، خصوصا ان باب الحوار والتشاور مفتوح على كل الاحتمالات.
– الاجواء والمعلومات التي وصلته من حارة حريك، وتقاطعت مع ما بلغه من باريس عن اتفاق بان يتولى رئاسة “الحكومة الانتقالية”، وبالتالي تشجيع حزب الله ورغبته في تشكيل حكومة جديدة، والاهم التأكيد على ان موعد الاستحقاق الرئاسي سيتم في موعده.
– موقف بكركي الداعم له، وانتقاد الصرح للاستقالة المسيحية من الواجب الدستوري، فضلا عن تأكيد البطريرك على ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها، واعتبار ذر الرماد في “العيون الحكومية”، ما هو الا عملية إلهاء لتطيير استحقاق تشرين.
عاملان مهمان، حددا مسار وخيارات الرئيس المكلف للفترة المقبلة، خصوصا ان ثمة تقاطعا واضحا بينهما، ترى اوساط متابعة انه يتقاطع عند تحجيم “بعبدا” وافقادها ورقتها الاخيرة في امساك “قلم التوقيع”، كاشفة ان الفترة المقبلة والفاصلة عن نهاية آب ستشهد حفلة مزايدات ومناورات من قبل جميع الاطراف، آملا في تحسين اوراقهم عندما تستحق ساعة الحقيقة، في ظل سباق بين الاطراف على الجهة التي ستكون “الصانعة لملك الجمهورية” القادم.
انطلاقا مما تقدم، تؤكد المصادر الى ضرورة ان يراجع فريق السراي استراتيجيته، وسلوكه الالكتروني “الغاضب”، وعليه على “اهل الخير” تفعيل محرّكاتهم لتبريد الاجواء وتمرير الفترة الحالية باقل الاضرار الممكنة حفاظا على ما تبقى، عل جولة “سجال تسريب المسودة” الدائرة بين الجانبين، والا فلا حكومة ولا حلول ولا انقاذ، وتسليم كرسي بعبدا ليتربع عليها الفراغ.ولكن بعيدا من رأي الرئيس عون، كيف تمكن ميقاتي من انجاز تشكيلة على وجه السرعة؟ فهل ما حصل مفيد للعهد؟ وهل قرر الفريق الرئاسي حرق الجسور مع الرئيس المكلف باكرا؟ أوَلم يكن بامكان ميقاتي ان يُبقي حظوظ التوصل الى تفاهم بين الجانبين قائمة؟ الاجوبة واضحة والنتائج مضمونة…