نضال العضايلة
الأردن عبارة عن جزيرة في بحر متلاطم في منطقة الشرق الأوسط، الصراعات من هنا وهناك وقضية التطرف، لكن الأردن بقي متماسكا بفضل الحالة الأردنية التي يسودها الوئام والاحترام بين أبناء الشعب الواحد.
يحفل سجل الأردن بتاريخ طويل من التعايش والتسامح بين الأديان والذي توج بطرح مبادرة أسبوع الوئام العالمي بين الأديان من قبل الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك الأردن وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع عام 2010، لتصبح المبادرة حدثا رسميا تحييه المنظمة الدولية في الأسبوع الأول من فبراير/ شباط من كل عام.
في هذا السياق يقول الأب نبيل حداد فيقول إن بلاده تحمل سجلا طويلا في التعايش بين الأديان.
وأضاف ندعو كل ذوي الإرادات الطيبة ونقول لهم تعالوا وانظروا إلى الأردن الذي استحق شرف أن يعمل في هذا العالم من أجل نشر ثقافة العيش المشترك، والمحبة، والوئام والتعايش.
وقال أن في الأردن سجل من التعايش عمره 1400 عام، أصبح الحديث عن الوئام الديني ونشر السلام في هذا العالم جزءا من الدبلوماسية الأردنية.
بلدة أدر في محافظة الكرك نموذجاً
مظهر التعايش بين اصحاب الديانتين في الاردن هو نموذج اعتد به وافاخر، وللمتشكك ان يقرأ صور هذا التعايش في مدن الاردن واريافه، وسيقف على لوحات رائعة تتجاوز حدود الوصف ، وهذا سر من اسرار الحالة الاردنية المتفردة.
مثلا، الحارة المسيحية في الكرك تجاور المسجد العمري، وتكاد لا تميز بين المسيحي والمسلم ففي الشارع حين يرفع الاذان للتشابه في كل شيء ، وانتفاء الحساسية بين الطرفين عند رفع الآذان او دق اجراس الكنيسة، واذا ما انتقلنا الى بلدة ادر التاريخية سنجد اطارا حضاريا جميلا له تاريخ باهر وذكر زاهر، ويكفي هذه البلدة ان تكون وقفية ايام سلاطين الايوبيين والمماليك للانفاق على احدى المدارس في القاهرة… فرصيد البلدة من «الصيت» لا يمكن اغفاله…
وعززت هذا «الصيت الذائع» بضرب نموذج رائع للتعايش بين المسيحيين والمسلمين منذ عشرات السنين، فأبناء المدانات والحجازين والبقاعين لا يمكن ان يروا انفسهم خارج الجوار الروحي مع اخوتهم المعايطة، بمثل ذلك لا يساوم ابناء المعايطة على العلاقة الوجدانية مع ابناء بلدتهم من المسيحيين ولا يقف الامر عند حدود ا لحركة المتوازية على سطح هذا التعايش، وانما تضم العلاقة الى عمق التمازج الانساني اليومي، ولولا وجود مظاهر محددة للديانتين من كنائس ومساجد، وخصوصيات دينية لقلنا انهم من اب واحد وام واحدة.
وفي محاولة دائمة للتأكيد على قيم التعايش والتآخي الديني في الأردن، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي وحتى المواقع الإخبارية بنشر صور عن إقامة مؤسسة مسيحية خيرية حفل إفطار لمسلمين، أو صور لشبيبة الكنائس يوزعون التمور والماء على السائقين خلال فترة آذان المغرب.
احتفال المسيحيين مع المسلمين بشهر رمضان والعلاقات القوية التي تربط بينهم ليست بالأمر الجديد ولا المستحدث، فطالما جلسوا معاً على موائد الإفطار وطالما احتفل المسلمون مع المسيحيين في مناسباتهم تحديداً عيد الميلاد والرأس السنة.
إن هذا التواصل والتواضع بين اتباع الديانتين في الاردن ادى الى ترسيخ المحبة الصادقة القائمة على الاحترام المتبادل فنحن جميعا نعبد ربا واحدا والاردن لنا جميعا وهنا تعود بي الذاكرة الى فارس الوحدة الوطنية المصري مكرم عبيد باشا والذي كان كثير الاستشهاد بالقرآن الكريم وهو صاحب المقولة الشهيرة نحن مسلمون وطنا ونصارى دينا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارا، اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين، وفي هذا المقام لا انسى معالي الدكتور منذر حدادين الذي دوما يكون القرآن حاضرا معه مستشهدا به في كل مناسبة او بيان.