اللبنانيون معذورون إذا وضعوا خطة “الطاقة” الجديدة في سلة مهملات الخطط السابقة التي أغدقت عليهم وعوداً “مضيئة” على مدار العقد الماضي وانتهت بإغراقهم في عتمة 24/24… فكيف إذا كانت الخطة “نسخاً ولصقاً” عن سالفاتها، لتعود إلى قديم “الحل الموقت”، أي استئجار معامل انتاج لفترة محدودة، ريثما يصار إلى إنجاز الحل الدائم المتمثل ببناء المعامل. “المشكلة أن هذا الطرح، الجديد القديم، يترافق مع صعوبات في التنفيذ للإفتقار إلى التمويل”، برأي المهندس محمد بصبوص، فنكون بذلك “أمام حل موقت ممدّد لفترة غير محدودة، على غرار ما حصل مع البواخر”.
الصعوبات التمويلية الحالية والمستقبلية لبناء معامل الإنتاج، والقدرة على استقطاب المستثمرين، أصعب بما لا يقاس عن الفترة الماضية. فعدا عن إفلاس الدولة، “سيواجه اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص صعوبات كبيرة في الوضع الحالي”، يقول بصبوص، “خصوصاً أن الخطة تنص على إنشاء معامل إنتاج trie cycle تعمل على الغاز والفيول والديزل، كانت قد رفضت من قبل إدارة المناقصات والخبراء الأوروبيين المستعان بهم في العام 2019 لكلفتها الباهظة، واستحالة القدرة على تشغيلها بواسطة 3 أنواع من الوقود. هذا فضلاً عن العجز الفاضح والواضح راهناً في شراء الديزل أويل المكلف والملوث والأقل فعالية مقارنة مع النوعين الباقيين”.
إفتراض النية الحسنة في ما يتعلق بالحل الموقت، والتسليم جدلاً بصوابية خيار المعامل الثلاثية الاحتراق، يضعنا وجهاً لوجه أمام تمييع “الأولويات” التي تحدث عنها وزير الطاقة، وتركها ضبابية. فاستدراك الخطة تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الطاقة وفقاً للقانون 462 قبل نهاية العام 2022 يثير الكثير من المخاوف حيال الإلتفاف على هذه الهيئة وتفريغها من مضمونها الأساسي. “مع العلم أن الأولويات يجب أن تحددها الهيئة الناظمة”، كما يلفت بصبوص، و”هي تأتي من ضمن الرؤية التي تضعها لجهة تحديد عدد وحجم وموقع المعامل. فاذا جرت العمليات قبل تشكيل الهيئة ماذا يبقى حينها من دور فعلي لكي تمارسه هذه الهيئة؟!”.
أما في المضمون فإن صبغ المشاريع المنوي تنفيذها بطابع الشراكة بين القطاعين العام والخاص “يبعد تلقائياً هيئة إدارة المناقصات – هيئة الشراء العام ونعود إلى تركيب اللجان في مجلس الوزراء”، من وجهة نظر بصبوص. وبالتالي إذا جرى السير بعمليات التلزيم كما نتوقع وفقا للشكل الذي يطرحونه، سواء كان في المشاريع الموقتة أو الدائمة، قبل نهاية العام 2022 فلا يعود هناك دور للهيئة الناظمة المؤجل تشكيلها. فهم يطرحون كل المشاريع التي على الهيئة الناظمة أن تقوم بها”.
الخطة التي تخفي نية مبيتة لإنشاء معمل سلعاتا، هدفها نيل موافقة البنك الدولي على قرض شراء الغاز والكهرباء من مصر والاردن فقط لا غير، ومن بعدها لكل حادث حديث، وحجة “ما خلونا” دائماً موجودة. فأتت أشبه بقطع ألغاز puzzle غير متناسقة مع نفسها ومع الارضية اللبنانية والتطورات العالمية. ذلك أنه حتى الغاز المصري قد يصبح صعب المنال أمام الهجمة العالمية على مصادر الغاز في العالم نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا.