عمان – نضال العضايلة
ليلى عبد الحميد شرف (1940 – ) سياسية أردنية ولدت في بيروت وهي أول وزيرة إعلام في الأردن وأول امرأة أردنية تعين في مجلس الأعيان، وهي زوجة الشريف عبد الحميد شرف رئيس الوزراء الأردني الأسبق.
شغلت شرف مناصب هامة في الدولة الأردنية فقد كانت عضو اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني 1989-1990 وعضو المجلس الوطني الاستشاري 1982-1984 و عضو مجلس امناء المنظمة العربية لحقوق الانسان 1986-1997.
البحث في سيرة ومسيرة ليلى شرف، يثير فضولك أكثر فأكثر كلما انتقلت من محطة إلى محطة في حياتها، ذلك أن لـ”أم ناصر” ذات الأصول الدرزية التي دخلت عامها الثاني والثمانين، مواقف توثق وحكايات تروى، قبل أن تتوقف منذ أعوام عن أي نشاط جراء التقدم في السن وإصابتها بمرض الزهايمر.
وتعد ليلى شرف المولودة في بيروت، وهي زوجة رئيس الوزراء الأسبق الراحل، عبد الحميد شرف، أول وزيرة إعلام في الأردن، وثاني وزيرة في تاريخ المملكة، بعد الراحلة إنعام المفتي التي تسلمت حقيبة التنمية الاجتماعية عام 1979 في حكومة عبد الحميد شرف، كما تعد شرف أو سيدة تدخل مجلس الأعيان، وكانت عضوا في مجالسه من الـ16 حتى الـ24، باستثناء المجلس الـ19.
ومنذ أن كانت طالبة بكالوريوس ثم ماجستير في كلية الآداب بالجامعة الأمريكية في بيروت والتي تخرجت منها عام 1965، وانتسبت فيها إلى حركة القوميين العرب السرية، عرفت شرف بنضوجها الفكري والمعرفي، فاشتبكت على نحو لافت في حقل الصحافة والإعلام، لا سيما عندما عملت محررة ومذيعة برامج ومقابلات خاصة في تلفزيون لبنان والمشرق، قبل أن تقودها السنين إلى التدرج والتنقل في العديد من المناصب المهمة في الأردن، ومنها غير ما ذكر أعلاه، عملها عضو مجلس أمناء في مؤسسة الملك حسين، وعضو مجلس أمناء في الجامعة الأردنية، وعضو المجلس الوطني الاستشاري، وعضو مجلس التربية والتعليم، وعضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وعضو اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني.
المحطتان الأبرز في حياة شرف انتهتا على نحو جدلي، فعندما كانت وزيرة في حكومة أحمد عبيدات عام 1984، قدمت استقالتها بشكل مفاجئ أربك الحكومة وصناع القرار حينها، لا سيما أن خلفية الاستقالة تتعلق بتقييد حرية الإعلام، ولم يفلح رئيس الديوان الملكي وقتها، مروان القاسم، بإقناعها بالبقاء في الحكومة، كما تلقت شرف رسالة من الأمير زيد بن شاكر لثنيها عن الاستقالة، لكنها كانت قدمتها رسميا قبل أن تقرأ محتوى رسالة الأمير.
ولا يمكن المرور هنا عن العنوان الرئيسي الذي اختارته صحيفة القبس الكويتية، في سياق تغطيتها لاجتماع حكومي أعقب الاستقالة، إذ كتبت: “الحكومة الأردنية تجتمع بلا شرف”.
أما المحطة الثانية، فهي استقالة شرف “المدوية” من مجلس الأعيان، عام 2011، وحينها أطلقت تصريحات نارية قالت فيها: “لا أريد أن أخدم في دولة الفساد”، وذلك بعدما أقيل ابنها فارس من منصبه كمحافظ للبنك المركزي، مضيفة في تصريحاتها، أن ابنها حاول محاربة الفساد، كما أبدت استياءها الشديد من قيام قوات أمنية بتطويق البنك ومنع فارس من الدخول إليه.
وكما في استقالتها من حكومة عبيدات، لم تفلح محاولات عدة بإقناعها بالعدول عن الاستقالة من مجلس الأعيان، كان أبرزها محاولة رئيسها طاهر المصري، وهي عادة ما تقول إنها إذا اتخذت قرارا، تكون مصممة عليه ولا تتخذه بشكل ارتجالي.
وبخلاف ابنها فارس، لم يشتبك شقيقه الأكبر ناصر، بأي من الملفات السياسية أو المتعلقة عموما بالشأن العام، فهو عاشق للموسيقى منذ طفولته، ولم يكن يتقن التحدث بالعربية بسبب نشأته في الولايات المتحدة، لكن والدته أصرت بعد مجيئه إلى الأردن أن يتعلم العربية على يد أحد أشهر الأساتذة، وحاول إنجاح مشروع افتتحه يتعلق بالفن والموسيقى، لكنه لم يستمر وغادر البلاد مجددا ليستقر في الخارج.
وجدير بالذكر، أن شرف تعد كذلك من أبرز رواد الحركة النسائية في الأردن، وكان لها دورا بارزا في ملفات تتعلق بتمكين المرأة، وقدمت نموذجا متوازنا في هذا الشأن يراعي الخصوصية الأردنية.
ووفق كثيرون ممن تعاملوا معها خلال مسيرتها، فإن شرف تعد “شخصية جامعة”، وقوية في عملها، وتميل دائما إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، ولا تجامل أبدا في قناعاتها ومبادئها أيا كلف الأمر.
تمكث أم ناصر بمنزلها في عمان لا حول لها ولا قوة، بينما تلهج قلوب عائلتها ومحبيها بالدعاء لها، بأن يمن الله عليها بالعافية ويجنبها سوءات المرض وشروره، وهي صاحبة القلب الذي ينبض حبا وعطاءً وأمل