التقت “الديار” مسؤولاً سياسياً برلمانياً كبيراً لديه خبرة في التاريخ السياسي اللبناني وعاصر وعايش الوضع منذ حرب السنتين عام 1975 وحتى سنة 2021 بكل الويلات التي مـرّت والأزمات التي حصـلت.
والديار طرحت سؤالاً واحداً: ماذا يجري حضرة المسؤول الكبير؟
وكان الجواب ردّ طويل دون مقاطعة بل كتابة ما يقوله المسؤول الكبير السياسي والبرلماني.
ردّ المسؤول الكبير على السؤال الوحيد: «أنا لم أعد أفهم لماذا يجري تعطيل الحلول في لبنان بل أفهم أن هناك مخطّطاً كبيراً لإسقاط لبنان وانهياره وتهجير سكّانه الاصيلين واختصار الحكم والسلطة ببضعة شخصيات على أساس أن الأزمة ستكبر وتصبح خطيرة ويدخل لبنان في النفق المظلم.
لقد سقطت حكومة الدكتور حسان دياب بعد انفجار المرفأ الرهيب. وطالب الجميع بالتحقيق حتى تمّ تعيين محقّق عدلي هو القاضي الرئيس فادي صوان.
وعندما وصل الأمر بالقاضي صوان الى بداية اكتشاف الحقائق والتحقيق مع كبار المسؤولين عن الانفجار في مرفأ بيروت، تمّ سحب الملف من المحقق العدلي القاضي فادي صوان، وعمليّاً جرى قطع الطريق على كشف الحقيقة لأن معظم الطبقة السياسية وليست كلّها لا تريد بدء محاكمة أركانها أي أركان الطبقة السياسية وعندها ستبدأ الفضائح تظهر ويسقط ثلثي الطبقة السياسية بعد انكشاف الفضائح المالية والصفقات واستغلال النفوذ ويحصل تغيّر جذريّ في لبنان.
وتابع يقول: لماذا وقف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي هو كارثة كبرى على لبنان وأدّى الى تدمير 70 ألف منزل وتهجير 300 ألف لبناني من بيوتهم؟
وانتقل المسؤول الكبير ليبدأ بالقول طارحاً السؤال: لماذا تمّت الموافقة على سلسلة الرتب والرواتب والتي هي أكبر من أن تستطيع الدولة تحمّلها دفعة واحدة بدل 3 دفعات على مدى 5 سنوات، ممّا أدّى الى عجز كبير في الموازنة، وهذا الأمر مسؤول عنه الطبقة السياسية بمعظمها لأنها أرادت اكتساب الشعبويّة السطحيّة التي لا تخدم جوهر الاقتصاد اللبناني وقدرة الموازنة المالية على دفع رواتب سلسلة الرتب والرواتب دفعة واحدة.
وتابع المسؤول الكبير: ان القطاع المصرفي في لبنان ازدهر ازدهاراً كبيراً، وقبل انفجار المرفأ بشهرين قام الأثرياء اللبنانيون بسحب حوالى 40 مليار دولار تقريباً والرقم الفعلي هو 37 مليار دولار وأخرجوها الى مصارف أجنبية في أوروبا وغيرها، وانهار ميزان المدفوعات بعدما كان يتلقّى لبنان ما بين 5 الى 7 مليار دولار شهرياً، توقف ارسال السيولة من اللبنانيين العاملين في الخارج وحتى مستثمرين عرب وشركات أجنبية في مصارف لبنان.
والسؤال هنا: يقول المسؤول الكبير: هلّق وقت الحملة على رياض سلامة؟ ولماذا طالبت وزيرة العدل القضاء السويسري بالتعاون لمحاكمة رياض سلامة صاحب الشفافية والكف النظيف رغم أنني مع التحقيق مع رياض سلامة، لكن في ذات الوقت التحقيق مع 158 شخصية سحبت المليارات ومئات الملايين من لبنان، وقسم كبير من هذه الأموال يدخل في عداد تبييض الأموال، لكنهم نالوا البراءة لأن القضاء اللبناني والحكم اللبناني برئاسة رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب لم يقوما بتحريك النيابة العامة المالية للتحقيق في هذا المجال الخطير.
وكيف يستطيع لبنان استعادة الثقة في قطاعه المصرفي طالما أن وزيرة العدل طلبت من القضاء السويسري المشاركة في التحقيق مع رياض سلامة في وقت يحتاج لبنان الى إعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
والجميع يعلمون أن محاكمة رياض سلامة هي قنبلة دخانية ستنتهي بعد شهر أو شهرين بالبراءة لرياض سلامة، في حين جرى ابعاد الأنظار عن الأثرياء الذين سحبوا من لبنان 37 مليار دولار دون محاسبتهم على أساس قانون من أين لك هذا.
أضاف المسؤول الكبير قائلاً إن المصيبة الكبرى هي قيام حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب بعدم دفع فوائد ديون اليورو بوند، مما جعل بالدولار يبدأ بالانهيار ليصل الى 9 الاف ليرة ثمن كل دولار.
ثم جاء الرئيس الفرنسي ماكرون وأبلغ المسؤولين أن 12 مليار دولار جاهزون لصالح لبنان اذا تشكّلت حكومة وقامت بالإصلاح إضافة الى 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي قروضاً للبنان وهبات وكذلك البنك الدولي، شرط اجراء الإصلاحات وتأليف الحكومة.
وحدّد الرئيس الفرنسي ماكرون مدّة زمنية فأطاحوا بها حتى أسقطوا المبادرة الفرنسية القادرة على انقاذ لبنان لو مشى بها المسؤولون كلّهم وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. سقطت المبادرة الفرنسية وأصيب الرئيس الفرنسي ماكرون بخيبة أمل كبرى.
وكان المسؤول الكبير دائماً يهزّ رأسه فيقول: من الذي يقف وراء هذا المخطّط الجهنمي لتدمير لبنان تدميراً شعبياً ونفسياً واقتصادياً ومالياً وعلى مستوى المؤسسات لأن النتيجة ستكون في خراب لبنان وهذا واضح.
وتابع: أنا لا تربطني بالرئيس سعد الحريري علاقة سياسية قوية بل هي علاقة عادية. لكنني أنا أدعم الرئيس الحريري في تأليف الحكومة. فلماذا يتمّ تسريب فيديو معيب ضدّه بهذا الشكل وهم يعلمون أن مخطّط اعتذاره عن تأليف الحكومة ليس وارداً.
لكن على الرئيس الحريري أن يبتعد عن علاء الخواجة رجل الاعمال أو أي صفقة تحصل في لبنان. ثمّ كيف يتمّ استئجار باخرتين تركيتين بقيمة ملياريّ دولار أي ألفي مليون دولار وذلك بالتراضي ودون العودة الى مجلس الوزراء؟ ثم أين أصبح الابراء المستحيل الشعار الذي طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي نسي وعوداً كثيرة وعد بها الشعب اللبناني؟ ثم عندما تدخّل نيافة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في مبادرة للمساعدة في تأليف الحكومة، جرى اجهاض مبادرة الراعي لأن في بعبدا شخصيات لا تريد نجاح البطريرك الراعي في مبادرته.
وكشف المسؤول الكبير أن خلّية أزمة فرنسية برئاسة مدير المخابرات العامة الفرنسية كلّفها الرئيس الفرنسي ماكرون متابعة الموضوع وايجاد حلّ.فكان كل مسؤول فرنسي يأتي الى بيروت يصاب بخيبة أمل ويعود بالسؤال الكبير الذي أحمله أنا وهو «ما المطلوب أن يحصل في لبنان وما هو المخطّط؟».
وانتفض المسؤول الكبير وقال: ان الاتحاد الأوروبــي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وضعوا بتصرّف لبنان 35 مليار دولار والمسؤولون يعرفون ذلك ويعطّلون الحلول.
فماذا يريدون؟ هل يريدون دمار لبنان نهائياً؟ هل يريدون فقراً للشعب اللبناني أكثر؟ جاءت المستشارة الألمانية ميركل وعرضت على رئيس الجمهورية أهمّ معمل لإنتاج الكهرباء بوجود رئيس شركة سيمنز الألمانية لإنتاج الكهرباء على أن يتمّ تقسيط تقريباً نصف المبلغ على 10 سنوات.
وفشلت الزيارة وكتبت عن الفضيحة مجلة «ديرشبيغل» الألمانية كيف رفض وزير الطاقة الكهربائي عرض ألمانيا وهي فضيحة بكلّ معنى الكلمة. ثم قال المسؤول الكبير: لا أفهم ماذا يجري لأنه اذا اعتذر الحريري بعد شريط التسريب الذي جاء بصوت الرئيس العماد عون أن الحريري كذاب، فيعني ذلك أنه لن تتشكّل حكومة اذا اعتذر الحريري، واستنتج أن المطلوب هو بقاء حكومة تصريف الاعمال برئاسة الدكتور حسان دياب حتى آخر العهد.
مع أن الدكتور حسان دياب لا يشارك في هذه الخطّة. وأنهى المسؤول الكبير كلامه وقال: إن اليأس يسيطر على الوضع وأن لبنان ذاهب الى الانهيار الخطير، ولا أريد أن أتوسّع أكثر من ذلك كي لا أسمّي الأمور بالأسماء حرفيّاً، لعلّ الله يلهم المسؤولين وينقذ لبنان من شرورهم وأفكارهم الشيطانية التي يطرحونها كلّ يوم، والنتيجة باتت معروفة وهي انهيار لبنان.