الاقتصاد الهش الذي وصل اليه لبنان يمكن لاي نفحة ريح ان تؤثر به وتزعزعه بعد الانهيار المالي الذي وقع خلال السنتين الماضيتين بحيث ان اي تأثير خارجي يفعل فعله في هذا الاقتصاد فكيف اذا كان على مستوى اعلان الحرب بين روسيا واوكرانيا وتداعياتها السياسية والاقتصادية على لبنان ومختلف الدول القريبة والبعيدة من هذه الحرب.
اولى تباشير هذه التداعيات توقع حدوث ازمة رغيف بإعتبار ان لبنان يستورد من اوكرانيا حاجته من القمح بنسبة ٦٠في المئة من المجموع العام وان ما تبقى يستورده من روسيا ورومانيا وغيرها وقد سارع مجلس الوزراء الى اقرار سلفة خزينة لاستيراد حوالي ٥٠الف طن من القمح المستورد المعد للطحن، لتأمين حاجة الاستهلاك المحلي من الطحين حفاظا على الأمن الغذائي، وإعطاء المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري سلفة خزينة لشراء كمية 50 الف طن من القمح المستورد المعد للطحن وصناعة الرغيف مع جميع النفقات المتممة ومن المتوقع ان يلتقي وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام بوزير المالية يوسف خليل اليوم للاسراع في وضع السلفة موضع التنفيذ بعد الاتفاق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وقد باشر وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام في اتصالاته مع دول ومنها الولايات المتحدة الاميركية ًوكندا واوستراليا والهند قبل ان تتطور الاحداث الحربية وتتوسع وقبل ان ترتفع الاسعار او يشح القمح خصوصا ان هناك اكثر من دولة سارعت الى شراء القمح تحسبا من فقدان هذه المادة خصوصا ان الكميات الموجودة في المطاحن لا تكفي الا لمدة شهر واحد نظرا لعدم وجود اي امكنة تخزين لهذه المادةً بعد انفجار مرفأ بيروت ومنها الاهراءات رغم ان اتصالات قد اجريت من اجل اعادة اعمارها او بناء اهراءات ثانية في مرفأ طرابلس .
كما ان سلام لم يتوان عن طلب هبات من هذه المادة من دول صديقة للبنان من اجل زيادة الكميات التي بحتاجها لبنان.
وقد عمدت وزارة الاقتصاد الى تدارك الازمة التي كانت تلوح في الافق فعمدت الى تكثيف استيراد هذه المادةُ حيث ان الكميات تكفي لحوالي الشهر كما ان هناك حوالي ١٠بواخر قمح في طريقها الى لبنان بعد ان فتحت الاعتمادات لها من مصرف لبنان تجنبا لازمة هو بغنى عنها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
ولكن على الرغم من التطمينات التي تحدث عنها سلام فأنه يبقى هناك من يستغل هذه الظروف لاحداث بلبلة وتهافت على الافران .كما ان الزيوت “دوار الشمس والصويا”ستدوخ الاسعار خصوصا ان ١٠٠الف طن من هذه المواد مستوردة من روسيا واوكرانيا.
واذا كان لبنان قد اتخذ الاحتياطات اللازمة لتدارك ازمة رغيف فأن ازمة اخرى تطل برأسها لا يمكن للبنان ان يفعل شيئا لتداركها الا وهي توقع ارتفاع اسعار المحروقات حيث تجاوز سعر برميل النفط المئة دولار اميركي ووصوله الى ١٠٥دولارات مع اندلاع الحرب الروسية وأشار عضو نقابة اصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس إلى أن “الجدول الذي سيصدر يوم الثلاثاء سيأخذ بالإعتبار التقلبات في سعر النفط على المستوى العالمي”، ولفت إلى أن “تأثير الإرتفاع الكبير لن يكون في هذا الجدول، بل في ذلك الذي سيصدر في الاسبوع الذي سيلي، لأن التسعيرة تعتمد على معدل 4 أسابيع ماضية”. وبيّن أن ” المؤشرات كانت تؤكد، منذ ما قبل الأزمة المستجدة في أوكرانيا ، أن لبنان مقبل على إرتفاعات على مستوى أسعار المحروقات “.
انطلاقاً من ذلك، شدد البراكس على أنه “بحال ترافق ذلك مع تبدل في سعر الصرف فإن الإرتفاع يزيد الأسعار أيضاً، بينما الإنخفاض قد يقود إلى الحد من تداعيات الإرتفاع بالأسعار العالمية”.
في هذا الإطار، فسّر أنه ” فيما لو بقي سعر صرف الدولار على ما كان عليه في منتصف شهر كانون الثاني، كان سعر صفيحة البنزين سيكون اليوم بحدود 450 ألف ليرة، لكن تراجع سعر الصرف أدى إلى عدم تأثر لبنان بالأسعار العالمية”، وفي حين شدد البراكس على أن “أسعار المحروقات سترتفع في الأسابيع الثلاث المقبلة”، أشار إلى أن “سعر صفيحة المحروقات من المفترض أن يصل 400 ألف ليرة لبنانية والخير لقدام في حال استمرت الحرب او توسعت وطالت منطقة البحر الاسود وصولا الى منطقة الشرق الاوسط .
وارتفاع اسعار المحروقات لن يطال فقط البنزين بل سيمتد الى المازوت المؤثر في تعرفة المولدات الخاصة والى الغاز مما سيؤدي الى ارتفاع سعر الفاتورة النفطية واستنزاف المزيد من الدولارات الذي يؤدي الى ارتفاع العملة الخضراء .
ومما سيزيد الضغوط على لبنان تأثير العقوبات الاميركية والاوروبية على روسيا خصوصا ان الاستيراد منها ادى الى ان يتجاوز ال ٥٠٠مليون دولار اميركي وبالتالي سيضطر التجار الى الاتجاه لدول اخرى .
في العام ٢٠٠٨استفاد لبنان من الازمة المالية العالمية ولكن مع الانهيار المالي فأن اي ازمة تطرأ في اي دولة بعيدة او قريبة اصبحت تؤثر سلبا على لبنان .