المركزية-لعل ما حصل اليوم على بشاعته، يشكل صحوة ضمير للجميع، بعدم اللعب بالسلم الاهلي، وباحترام الدستور وتطبيق القوانين، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، التي هي حاضنة لجميع اللبنانيين، اتقوا الله بلبنان واهله يكفيهم ما يعانون من أزمات”. بهذه الكلمات التي أدرجت ضمن بيان علق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على اشتباكات الطيونة. بالتوازي أعرب رؤساء الحكومة السابقون في لبنان عن “صدمتهم البالغة”، وطالبوا بضرورة المسارعة إلى إصدار قانون برفع الحصانات عن الجميع لإحقاق العدالة الكاملة وغير الانتقائية، وقالوا إنه “يجب الالتزام الثابت والكامل باستقلالية القضاء وبعدم التدخل بشؤونه”. وساد الصمت…
قد يكون لـ”صمت” المستقبل تبرير لكن ما لا يمكن تفسيره عدم صدور أي موقف على خلفية كلام أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي صب فيه عبارات التهديد والوعيد لحزب القوات اللبنانية الذي شكل ذات يوم حلفا مع المستقبل ورفعا أيديهما في ساحة الشهداء تحت راية 14 آذار. ليس هذا وحسب إنما ذهب إلى درجة النيل من هيبة وسيادة الدولة وتهديد السلم الأهلي، والتلميح إلى ضلوع مؤسسة الجيش بالأحداث من خلال البيانات الصادرة عنها وأخرها الإصرار على موقفه من “قبع” المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار وبالتالي تعطيل جلسات مجلس الوزراء في حال استمر البيطار في موقعه.
حصل كل ذلك والصمت يلف أروقة تيار المستقبل فهل يبرر الإختلاف الحاصل مع حزب القوات اللبنانية تجاهله لكل ما صدر ويصدر في حقه من تهديدات وإدانات من قبل حزب الله وفريق الممانعة؟ ومن قال إن بذور الفتنة تنمّيها مواقف الحق والعدالة وإدانة كل إصبع يُرفع في وجه الدولة على حساب دويلة السلاح والترهيب وخطف الدولة ومؤسساتها؟
نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش الذي كانت له مواقف وتصاريح إعلامية مما حصل أوضح لـ”المركزية” أن “البيان الصادرعن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري كان واضحا في مضمونه لأنه عندما تسقط نقطة دماء في الشارع فمن الحكمة عدم تأجيج النفوس ببيانات ومواقف من شأنها إثارة الفتن، والإكتفاء بما سيصدر عن نتائج التحقيقات التي يتولاها جهاز المخابرات في الجيش اللبناني ومحاسبة الفاعلين”. وفي ما خص التزام “رؤساء الحكومة السابقين” الصمت واكتفائهم بالبيان الصادر عنهم قال “رؤساء الحكومات ينطقون بإسمهم ونحن نكتفي ببيان الرئيس الحريري”.
تأييد علوش لمواقف المستقبل “العقلانية والهادئة” لم يمنعه من إبداء رأيه الشخصي بما جرى “هناك خلافات مع القوات صحيح وهي واضحة المعالم وترتبط بإدارة البلاد وقانون الإنتخابات، وهذه النقاط الخلافية قائمة أيضا مع أفرقاء وأحزاب أخرى ومما لا شك فيه أن العودة إلى اصطفافات 14 آذار باتت مستحيلة والتفاهم على شعارات لم يعد يقنع أحدا. الناس شبعت شعارات”.
بالتوازي، يلفت علوش إلى أن ما حصل يوم الخميس الفائت وما تبعه من مواقف تصعيدية وتهديد لا سيما في خطاب نصرالله يؤشر إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك “فمجرد وجود سلاح غير شرعي يخدم قضية غير وطنية يختلف عليها اللبنانيون، يؤشر إلى وقوع ما ليس في الحسبان كما حصل يوم الخميس الفائت ويُبقي على فرضية الفتنة والحرب الأهلية، ولا شيء يلغيها إلا نزع هذا السلاح” واعتبر أنه “كان يفترض بحزب الله أن يتوقع هذه النتائج الدموية من خلال استعراضات القوة والشعارات الإستفزازية التي يطلقها”.
إذا سلمنا بمنطق أن لكل فعل رد فعل وغالبا ما يكون الخير مفاجئا، إلا أن توسع رقعة رد فعل حزب الله سيبقى محدودا بحسب علوش “لأن إيران ليست في وارد تدويل القضية اللبنانية أو الدخول في مفاوضات مع المجتمع الدولي في حال وقوع أي حرب أهلية أو إذا تمادى حزب الله في ما يعتبره رد الإعتبار لبيئته لأن من شأن ذلك أن يدفع المجتمع الدولي إلى التدخل ورسم خطوط جديدة. أما إذا حاول بعض جماعة الحزب أو حركة أمل القيام بأعمال شغب أو رد الصاع صاعين بشكل إفرادي، فهذا يعني الدخول في دوامة عنف مما يدفع المجتمع الدولي إلى توسيع رقعة عمل قوات الطوارئ إلى الداخل وهذا يعني تقسيم لبنان”.
بغض النظر عن نوايا الحزب المبيتة قد يأتي من يريد صب الزيت على النار ويكون رد الحزب بالإغتيالات والثأر لجمهوره وهذا وارد لكن علوش على اقتناع “بأن الحزب حريص على عدم الوصول إلى هذا المنحى ليس حرصا على هوية لبنان التي يقر ويجاهر بأنها تابعة للولي الفقيه إنما لأنه يريد أن يضع يده على كل لبنان. في المقابل وفي حال لم تصدر نتائج التحقيقات بشكل شفاف وتسمي الأشياء بأسمائها، وأستبعد صحة اتهام القوات والوقائع تثبت ذلك، عندها سيجد الحزب نفسه أمام مأزق داخلي من جديد”.
ويختم علوش: “لا شك في أن حزب الله قادر على تدمير لبنان بـ 100 ألف مقاتل لديه أو حتى بـ 20 ألف لكن أي قرار عسكري أو أمني قد يتخذه من شأنه أن يفتح أبواب جهنم على مشروع إيران في المنطقة” معتبرا “أن الحل يكون بعودة القوى السيادية إلى التفاهم على مشروع وطني ومن ضمنها القوات اللبنانية، لأننا شبعنا شعارات”.