كتبت لارا يزبك في “نداء الوطن”:
تزدحم الساحة المحلية في الأيام القليلة المقبلة، بوفود وشخصيات عربية وغربية، ستحطّ في بيروت، العاصمة التي وجّهت إلى العالم، في 5 و7 آب، رسالة انتظرها طويلًا، أبلغته فيها بأنها قررت أخيرًا أن تبني “دولة”.
“نحن خَلفكِ”
الخطوة الكبيرة، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية سيادية لـ”نداء الوطن”، التي تمثلت بحصر السلاح بيد الدولة وبسحب الشرعية عن سلاح “حزب الله” ودويلته، والتي ينتظرها اللبنانيون منذ “اتفاق الطائف”، ويشجّع الخارجُ لبنان عليها، أقلّه منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، لتعزيز أمنه واستقراره وضمان مستقبل أفضل لأبنائه، كانت محطّ ترحيب وثناء أميركي وخليجي وأوروبي وأممي. وهذه الأطراف لم تكتف بالبيانات، بل سترسل دبلوماسييها تباعًا إلى بيروت للشد على يد المسؤولين اللبنانيين وتشجيعهم على المضي قدمًا في تطبيق ما أقرّوه، وللإعداد لمؤتمراتِ دولية لدعم لبنان.
في السياق، يزور الموفد الأميركي توم برّاك لبنان في 18 الجاري وقد ترافقه مورغان أورتاغوس، كما يزور وفد قطري بيروت للبحث في فرص تعزيز التعاون بين البلدين، ويحط أيضًا في لبنان الموفدُ الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. كل هؤلاء هدفهم واحد: تهنئة الدولة اللبنانية والوقوف إلى جانبها وتأكيد الاستعداد لدعمها اقتصاديًا وإنمائيًا وإعماريًا ولمساعدة جيشها وقواها الشرعية للإمساك بالـ 10452كلم2. في المختصر سيأتون إلى لبنان ليقولوا لحكومته: نحن خلفك في كلّ ما تقرّرينه.
إيران و”الحزب” وعدّة الشغل
وحدها إيران أزعجها قرارُ مجلس الوزراء، تتابع المصادر. كيف لا، وهو يُحرّر البلاد من نفوذ طهران وسطوتها ويقطع الطريق نهائيًا أمام تحكّمها بمصير لبنان عبر إمساكها بقرار الحرب والسلم فيه، وبحدوده وبأمنه. وعلى وقع مواقف علنية وقحة انتقدت فيها قراراتِ الحكومة وذهبت إلى حد القول إنها لن تُطبّق، يُجري اليوم أمينُ المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، سلسلة لقاءات في بيروت. سيزور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، أي أنه سيلتقي المسؤولين اللبنانيين الذين كادت طهران تنعتهم بالعملاء، وقد اعتبرتهم، كما فعل “حزب الله”، خاضعين للإرادة الأميركية.
هذه اللقاءات شكليّة فقط وبروتوكولية وكان لاريجاني ليتجاهلها لو استطاع. فالرجل آتٍ بهدفٍ واحد: لقاء قيادة “حزب الله” وتنسيق الخطوات معها لمنع قرار الحكومة، مِن سلوك طريقه إلى التنفيذ.
المَسيرات الدرّاجة ومواقف مسؤولي “الحزب” التصعيدية، كافية في المرحلة الراهنة، أقلّه حتى 31 آب تاريخ تقديم الجيش خطته للحكومة، لكن قد تكون هناك حاجة إلى خطط جديدة في المستقبل. وعدّة الشغل متنوّعة: مِن التصعيد في الشارع إلى تكرار سيناريو 7 أيار إلى الاستقالة من الحكومة إلى “تفخيخ” عملية جمع سلاح “الحزب” وتعقيدها كما حصل في زبقين السبت الماضي. فالسلاح ممنوعٌ أن يُسلّم وورقة لبنان و”الحزب” ممنوعٌ أن تفلت من يديّ طهران، لو مهما كلّف الأمر.
ترميم الدويلة
بينما العالم كلّه يدعم الحكومة وقراراتها والمؤسسات الشرعية اللبنانية، إيران في مكان آخر، تحاول إحياء الدويلة وترميمها، وتبحث مع “الحزب” عن وسيلة لتطويق الحكومة والالتفاف عليها والانقلاب على قراراتها. قد تكون نجحت في ذلك أكثر من مرة، منذ العام 2005. إلا أن ما تغيّر اليوم هو أنَ “الحزب” بات معزولًا في الداخل، وأن حاجز الخوف مِن سلاحه، أو ما تبقّى منه، انكسر وسقط مع كلّ مبنى سقط في الجنوب والبقاع والضاحية، في “حرب الإسناد”… لاريجاني سيتكبّد عناء الحضور إلى بيروت من أجل لا شيء إذًا. فمهمّتُه فاشلة سلفًا، تختم المصادر.