شددت السيدة فتوح الدلالي، التربوية والإعلامية وعضو مجلس إدارة “لوياك”، على أهمية تضافر عدة عناصر أساسية لتطوير التعليم، من أبرزها: توفير بيئة تعليمية مناسبة، واعتماد مناهج حديثة، إلى جانب الدور المحوري للأسرة. وأوضحت أنها لا ترى تحقق هذه العناصر بشكل فعّال في النظام التعليمي الكويتي حاليًا. جاء ذلك ضمن حلقة حوار برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون – «لابا»، بموسمه الخامس، بهدف تمكين الشباب من مهارات إعداد وإقامة حلقة حوارية احترافية، وضمت هذه الورشة التدريبية مشاركين من الكويت ولبنان والجزائر واليمن، مع الإعلامي اللبناني زافين قيومجيان، الذي قدمها قائلا: ضيفتنا جمعت التاريخ، والآداب، والتربية. لها مساهمات في نهضة القطاع التربوي من خلال عملها في وضع المناهج، تطوير المواد، وتدريب المدربين.
من التربية إلى الإعلام، فالشأن العام، فالعمل التطوعي الشبابي. وفي إجابتها على سؤال المشارك طلال منيف حول أسباب اختيارها العمل في قطاع التعليم قالت: عشقت التعليم لأنه يتماشى مع شخصيتي. لا أزعم أننا نشكل عقول، ولكنها تجربة فيها محاولة ترك أثر في الأجيال. ولم أفضل الانتقال للعمل الإداري وسلكت المسار الفني كمعلمة حتى وصلت إلى منصب موجه أول. نهاية عصر تبجيل المعلم وحول الفروقات التي لاحظتها بين بداياتها في مجال التعليم ووضعه الراهن، أوضحت أن هناك تغيرات كبيرة طرأت على المشهد التعليمي.
فقد كان الجيل الذي بدأت معه التدريس في أوائل السبعينيات يُجسّد بالفعل مقولة “قف للمعلم وفّه التبجيلا”، إذ كان المعلم يحظى بالاحترام والتقدير لأنه كان يُعلّم بصدق ويُعطي من قلبه. أما اليوم، فقد تراجعت مكانة المعلم، وربما يعود ذلك – جزئيًا – إلى أن المهنة لم تعد تُمارَس بالروح ذاتها التي حملها معلمو الأجيال السابقة، حين اعتبروها رسالة سامية، بل باتت تُختار أحيانًا لكونها الخيار الأسهل للتوظيف. وهذا ما انعكس سلبًا، برأيها، على مسار العملية التعليمية بأكملها.وأضافت موضحة: “لقد عملت في إعداد المناهج، وشهدت بنفسي كيف تدخلت أطراف ذات توجهات متشددة وغيرها في صياغة المحتوى التعليمي، حتى تحوّل التعليم من وسيلة لتنمية العقول إلى أداة لغسل الأدمغة. وهذا ما انعكس سلبًا على مستوى التعليم بشكل عام.”وفيما يتعلق بانتشار ظاهرة الغش في السنوات الأخيرة، أوضحت أن هذه الظاهرة لم تنشأ من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة للأسباب التي سبق ذكرها. وأضافت: “لا أعمّم هذا الحكم على الجميع، ولكن تخيّل أن يشارك بعض أعضاء مجلس الأمة في مظاهرة تضامنًا مع طلبة قاموا بالغش، وذلك رغم أن الدولة كانت تسعى لمكافحة الظاهرة. هذا يعكس إلى أي مدى تدهور واقع التعليم لدينا.”زيادة الوعيأما عن مسألة الفصل بين الطلاب والطالبات في المؤسسات التعليمية، فقد علقت بقولها: “الله تعالى يقول: ‘إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى لتعارفوا’، وهذا يدل على أن الأصل هو التعارف لا العزل. لذا، لا أُحبذ استخدام مصطلح ‘الاختلاط’، بل أفضّل تسميته بـ’التعليم المشترك’. وأتذكّر عندما كنت أُدرس في الجامعة خلال فترة مطالبة المتشددين بالفصل بين الجنسين، وصل الأمر بأحد المتشددين إلى الاعتداء بالضرب على الطالبات، وكانت تلك الحادثة صادمة ومؤلمة .واستطردت موضحة أن الوعي في هذا الشأن الآن زاد كثيرا عما قبل، لأن الفصل حتى لو حدث في الفصول الجامعية فسوف ترى الطلبة من شباب وشابات يقفون معا خارج الفصول: إخوة وزملاء دراسة لأن موضوع الفصل غير طبيعي. وإجابة على سؤال من زافين حول النظام التربوي في الكويت قالت الدلالي إنه “ليس في أفضل حالاته”، موضحة أن الحكومة أحيانًا تسعى لتطبيق أنظمة تربوية متقدمة، لكن يتدخل مجلس الأمة ويعطّل هذه المبادرات. وضربت مثالًا بنظام “المقررات” الذي كانت ترى فيه أداة فعالة لاكتشاف الموهوبين، لكنه فشل بسبب سوء تطبيقه واستغلاله من قبل بعض المعلمين لمنح الامتيازات لأبناء معارفهم.ذكرى أليمةوردا على سؤال من المشاركة فاتن العسيلي روت الدلالي حادثة من طفولتها أثّرت فيها بعمق: حين اتُهمت زورًا بسرقة آلة موسيقية، وتعرضت للظلم لأيام قبل أن تظهر الحقيقة. وأكدت أن هذه التجربة تركت أثرًا نفسيًا عميقًا، ورسّخت في داخلها حساسية شديدة تجاه الظلم، وهو ما يفسر مواقفها الحازمة اليوم ضد أي شكل من أشكال التعدي على الآخرين. وحول نشاطها المبكر في مجالات دعم حقوق المرأة تقول: كنت عضوة في الجمعية الثقافية النسائية لمدة عشرين عاما، وعضو مجلس إدراة في دورتين، وكان للجمعية تاريخ سياسي محترم، ومن أبرز المؤسسات التي تدعم الحقوق السياسية للمرأة. فشاركت في عدد من الفعاليات، وكنا في فترة تسجيل القيد الانتخابي نذهب إلى المخافر لمتابعة عملية التسجيلات، رغم المعوقات.
كنا أيضا نتردد على مخيمات النواب المرشحين، ونتعرض لمضايقات لكن كنا نصر على الحضور. وتحققت أحلامنا بعد القرار الذي صدر في زمن الشيخ جابر رحمه الله. لكني على يقين أيضا أنه لولا تحركنا وإصرارنا ونزولنا الشارع لما تحركت القضية.وأوضحت أن وضع المرأة الكويتية اليوم أفضل كثيرًا؛ فقد أثبتت نفسها وتمكنت. وهو أمر له شواهد مثل وصول ثلاث سيدات لمناصب وزارية، وصحيح أن التمثيل النيابي في البرلمان ليس بنفس الحجم لكن هناك الكثير من التطور في أوضاع المرأة السياسية في الكويت. وإجابة على سؤال المشارك محمد الحارثي عن بداياتها مع مؤسسة “لوياك”، قالت الدلالي إن انخراطها جاء من خلال برنامج “الخيارات المتاحة للشباب” بقيادة فارعة السقاف، الذي اعتبرته صادمًا وإبداعيًا، لأنه شجع الشباب على العمل في وظائف صيفية لم تكن مألوفة في المجتمع الكويتي، مثل خدمات تقديم الطعام. وأضافت أن هذا البرنامج أحدث تغييرًا ثقافيًا كبيرًا، وفتح آفاقًا جديدة للشباب.ورأت أن “لوياك” نجحت في سد فراغ كبير في البرامج الشبابية، إذ لم تكن هناك برامج جادة تمنح الشباب الأدوات اللازمة لصناعة مستقبلهم.
وذكرت من أبرز قصص النجاح، شابًا من فئة البدون حاول الانتحار ثلاث مرات، وتم تبنيه ودعمه في “لوياك” حتى استكمل دراسته وحصل على عمل مرموق وتزوج. وقالت بتأثر: “لو لم أحقق شيئًا في حياتي سوى هذه القصة، لكفاني ذلك”. وإجابة على سؤال المشاركة دانا اخلف حول رأيها في العلاقة بين التعليم والتكنولوجيا قالت السيدة الدلالي: المعلم لا يوصل المعلومة لكنه يعلم الطالب كيف يتعلم الوصول للمعلومة. فالمعلم، أيا كانت أدواته، لديه رسالة يقدمها من خلال وسائل سواء كانت تقليدية أو حديثة.
وإجابة على سؤال للمشترك طلال منيف حول تجربتها في الإعلام قالت السيدة فتوح: الإعلام مدرسة متكاملة، فقد عملت لمدة خمس سنوات في إعداد وتقديم برنامج “مع الأسرة” مع زميلتي فاطمة. التقيت خلالها بالطبيب والأكاديمي والمحامي والاقتصادي وبالتالي صار عندي شبكة علاقات مهمة حققها لي الإعلام وكررتها من في قناة المجلس في برنامج النصف الآخر.



يذكر أن برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي هو البرنامج الأول من نوعه في المنطقة، وقد أطلقته أكاديمية لابا لوياك في عام 2020، بهدف تمكين الشباب العربي من أسس إعداد وتقديم حلقات حوارية ناجحة، وتدريبه على أبجديات الإعلام على يد نخبة من الإعلاميين العرب المحترفين، وتتوج الورش التدريبية بمحاورة ضيوف رياديين تركوا بصمة واضحة في شتى المجالات بالوطن العربي، حيث بلغ عدد ورش «الجوهر» التدريبية حتى اليوم 58 ورشة تدريبية، وزاد عدد مستفيديه على 490 مستفيداً، وينفّذ برنامج الجوهر برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، جريدة «الجريدة»، شركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو) وفندق فوربوينتس شيراتون