ان محو «الامية الإعلامية» يعني القدرة على الوصول الى الاعلام كما هو، دون ترجمة مخلة للمحتوى او تشفير، والذي يسمح لكل فرد في تحليله وتقييمه سلبا او إيجابا. فالتأثير الإعلامي كبير في المجتمعات وله نفوذ على القرارات المصيرية أحيانا والحياتية في أحيان أخرى، ولذلك توجد مؤشرات باتت تقيس «البصمة الإعلامية»، التي ممكن ان تتركها وسائل او مؤسسات إعلامية في المحتوى الذي تقدمه ،على أفكار وقناعات وسلوكيات المتلقين او القارئين او المستمعين او المتصفحين الكترونيا وعبر مجموعات الواتسأب.
ان محو «الامية الإعلامية»، يعد مدخلا تعليميا وثقافيا يهدف الى خلق جسور تحسّن التفاهم بين مجموعات او افراد او شرائح مجتمعية لها خلفيات ثقافية ودينية متنوعة. وهو فرصة للتقارب الثقافي وللحوار الديني وللثورة التكنولوجية والتطور الالكتروني في كافة المجالات، يبدأ من ازدهار مبادرات بناء السلام، ومعالجة الاجتذاب من خلال وضع حد لكل ما يستثير المواجهات الشرسة والاخبار المغلوطة والترندات الكاذبة ،والتي غالبا ما تكون قائمة على الهوية. كما ان محو الامية الإعلامية يمثل تحديا تربويا تضاعف في زمن الرقمنة الالكترونية.
ان اللجوء الى تنفيذ برامج محو «الامية الإعلامية» يبدأ من المجتمعات التربوية الصغيرة، يعني المدارس، الثانويات والجامعات، والتوسّع يدفع كل انسان للوصول الى وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضا الاطلاع على الثقافات الأخرى من مهارات وتطور تكنولوجي، وصولا الى الذكاء الاصطناعي من خلال الانترنت، وبذلك يصبح الكون الواسع عبارة عن قرية مجتمعية صغيرة، يمكن للفرد الاتصال والتواصل مع العالم بأكمله من مكان اقامته.
التدريبات
هذا الطريق يبدأ من التدريبات المختلفة الأحادية والمجموعات، ويتخطاها ليصل الى الشريحة الكبرى، والتي تعد أكثر تخصصا وثقافة، يعني الجامعات، من خلال نشر الموارد التي تهدف في جوهرها الى توفير المضامين المطلوبة للمربين وصانعي السياسات والمناهج التخصصية.
وفي إطار إحصائي، اظهر أهمية التكنولوجيا والاعلام الرقمي والالكتروني للبنانيين، وقدرتهم على الفهم والتعامل مع مناهج جديدة ومبتكرة من عالم الرقمنة الإعلامية والالكترونية.
وبحسب تقرير لـ DATA REPORTAL الصادر في العام الحالي 2022 ، فإن حوالي 6.01 مليون لبناني يستخدمون الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. ورأى التقرير ان عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في بداية السنة الحالية بلغ 5.06 مليون شخص، وهو ما يعادل 75.2 في المئة من عدد سكان لبنان، كما تطرق التقرير الى ان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان ارتقع بنسبة 15.08% بين عامي 2021-2022.
فكيف أتت استخدامات اللبنانيين لوسائل التواصل الاجتماعي من الأكثر الى الأقل: حلّ اليوتيوب في المرتبة الأولى فأتت نسبة استخدامه 5.06 مليون نسمة، يليه الانستغرام في المرتبة الثانية بنسبة 2.20 مليون مستخدم لبناني، اما الفيسبوك المسينجر فحوالى 1.85 مليون مستخدم، وسناب شات بمعدل 1.10 مليون مستخدم.
الشائعات الأكثر خطورة
عن محو الامية الإعلامية واستخدام الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يقول رئيس المجلس الوطني للأعلام عبد الهادي محفوظ لـ «الديار»: «لا أحد يستطيع ان ينكر ان الاعلام الفاعل والمؤثر حاليا في لبنان هو الاعلام الإلكتروني، اذ هناك ما يقارب 1000 موقع اعلامي في لبنان، ولا تكاد تخلو قرية لبنانية من موقع الكتروني او أكثر، وهذا ما يجعل الاعلام في متناول الجميع، وهو ما يسهم فعليا في محو الامية الإعلامية».
ويتابع محفوظ: « ينبغي الانتباه الى ان الكثير من هذه المواقع تفتقر الى المهنية وبعضها ينشر الاخبار الكاذبة او يلجأ الى القدح والذم إضافة الى تعميم الاشاعات، وهذا بحد ذاته يشكل تضليلا إعلاميا قد يكون أخطر من الامية الإعلامية».
ويضيف: «بالتأكيد ان الاعلام الالكتروني الذي يلتزم بالمعلومة الصحيحة والدقيقة والمسنودة الى مصدر موثوق به والذي يرمي الى نشر الوعي، يمكن ان يكون عنصراً تثقيفياً حقيقياً للشباب والشابات من خلال تعريفهم الى حقوقهم واغناء معرفتهم». ويلفت، «يجب ان يكون لهؤلاء الدور الفاعل والاساسي في المجتمع، والمواقع الالكترونية الإعلامية قد تشكل إذا التزمت بالمقاييس الأخلاقية والمهنية الدور الأساسي الفاعل ليس في لبنان وحده للتأثير في دور الشبيبة وحديثي السن، وانما في العالم العربي أيضا».
الاسباب لاستخدام وسائل التواصل
هناك 10 أسباب بحسب DATA REPORTAL لاستخدام وسائل التواصل:
- الفئة العمرية التي لا تستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية تتراوح من 16 وما يزيد عن 64 عامًا حول العالم، لتكون النسب على الشكل التالي:
- التواصل مع العائلة والأصدقاء (47.6 في المائة)، تعبئة الوقت الفارغ (36.3 في المائة)
- قراءة القصص الإخبارية (34.8 في المائة)، البحث عن محتوى كالمقالات والفيديوهات (30.9 في المائة)، متابعة ما يتم الحديث عنه (29.1 في المائة)، البحث عن الإلهام لاستخدام وشراء الأشياء (27.9 في المائة)، البحث عن بضائع للشراء (26.5 في المائة)
- مشاركة ومناقشة الآراء مع الأخرين (24.0 في المائة)، مشاهدة البث المباشر (23.7 في المائة)، التعارف على أشخاص جدد (23.3 في المائة).
وما تجدر الإشارة اليه ان عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تابع ارتفاعه في السنتين الاخيرتين، فسجّل 227 مليون شخص جديد في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعادل النمو السنوي بنسبة 5.6 في المائة بمعدل متوسط يزيد عن 7 مستخدمين جدد في الثانية الواحدة.
في سياق متصل، ذكرت أحدث إحصائيات مؤسسة GWI للبحوث والإحصاءات على أن العالم يمضي 10 بليون ساعة على وسائل التواصل الاجتماعي في اليوم الواحد، وهو ما يعادل 1.2 مليون سنة من الوجود البشري.
محو الامية
في هذا الإطار، تجدر الإشارة الى ان «الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب» بالتعاون مع شركة «ميتا» عمدت في شهر آب من العام الجاري الى إطلاق مشروع يحمل عنوان «محو الأمية الرقمية في لبنان». وقالت فيدا حمد ممثلة شركة ميتا ومسؤولة السياسات العامة في الشرق الأوسط خلال حفل إطلاق المشروع: «الغاية هو بناء مجتمع رقمي آمن وصحي وداعم في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و ضمان اكتساب الأفراد للمهارات وحصولهم على الدعم الذي يحتاجونه من أجل بناء علاقات صحية، البقاء آمنين، تحقيق المزيد من الرفاهية، بناء المرونة، التواصل عبر الثقافات المتنوعة، احترام الآخرين، القيادة بتعاطف والتفكير النقدي حول مساعداتهم في المجتمع»، وأضافت أنه «لذلك أطلقنا برامج محو الأمية الرقمية والسلامة عبر الإنترنت للبالغين، وتم تصميم البرنامج كمنهج دراسي كامل في بيئات التعلّم الافتراضية والشخصية».