في أكثر الأحيان، يعود انتشار الأمراض في مخيمات اللاجئين، التي غالبا ما تكون مكتظة بالبشر، إلى انعدام البنية التحتية الأساسية، مثل نظم الصرف الصحي ونقص إمدادات المياه الصالحة للاستعمال والشرب، مما يزيد من احتمالية انتقال الأمراض بين الأفراد بسهولة أكبر.
المجتمع يعجّ بالأوبئة
ان اهمال النظافة الشخصية يؤدي الى تفشّي عدة اوبئة معدية منها، التسمم الغذائي الناتج من تناول الطعام أو الشراب الملوث بالبكتيريا أو الفيروسات، والذي يمكن أن يحدث بسبب سوء النظافة أثناء عملية التحضير. بالإضافة الى فيروسات “الروتا” و”النورو”، التي تنتقل بسهولة من خلال الاتصال المباشر أو عن طريق الغذاء والمياه المتسخة. اما العدوى البكتيرية، كعدوى الجلد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي، فتنتقل عن طريق الالتزاق بالأشخاص المصابين وقلة التطهير. ناهيكم بالطفيليات الجلدية مثل قمل الرأس أو الجرب والتهاب الكبد الفيروسي.
الفيروسات تستفحل!
وفي الإطار، اكدت مصادر طبية في وزارة الصحة لـ “الديار” “اصابة المئات بالتهاب الفيروس الكبدي الى جانب شيوع الطفح الجلدي بين اللاجئين السوريين في البقاعين الشمالي والاوسط، وهناك إصابات محددة بين التلاميذ في بيروت”. وحذرت المصادر من “انتقال العدوى الى كل لبنان، لان الجهات الراعية للنزوح لم تبادر للقيام بأي إجراءات احترازية طبية مكثفة، لمعالجة هذا الوضع المقلق، وبالتالي حصر المربعات التي انتشر فيها الوباء، وتحمّل مسؤوليتها لجهة المحافظة على الأمن الصحي للاجئين وللدولة المضيفة”.
رفع الصوت يحلّ المعضلة!
بالموازاة، كشف رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري عن “وجود 300 مصاب بالطفح الجلدي والتهاب الكبد الوبائي داخل مخيمات النازحين السوريين في عرسال، معلناً ان البيئة غير النظيفة داخل المخيمات أدت الى تفاقم عدد الحالات”.
وأشار في حديث إذاعي “الى ان منظمة اليونيسيف خفضت من حصة مياه الشفة التي تؤمنها لكل فرد، كما تراجعت الآلية التي كانت تنظم سحب مياه الصرف الصحي بصورة ملحوظة. وبالتالي بتنا امام ازمة لان كلفة شفط مياه الصرف الصحي مرتفعة جداً، وهذا الخلل يؤدي الى فيضان المياه الآسنة في المخيمات وعلى بعض الطرقات المجاورة لها في البلدة. هذا وتحاول بعض المستوصفات المجانية المدعومة من المنظمات الدولية تأمين عمليات الكشف والعقاقير، وفي حال عدم توفره يجري التعاون مع وزارة الصحة”.
القطاع التربوي مهدد!
من جهتها، اكدت ممثلة المتعاقدين في التعليم الثانوي منتهى فواز لـ “الديار” عن “اكتشاف حالتين جديدتين لمصابين بداء الجرب في الدوام المسائي في متوسطة الناعمة الرسمية”، مشيرة الى ان وزارة التربية قد “عملت على احتواء هذا الامر بمتابعة من الارشاد الصحي في الوزارة، وتم تعقيم المدرسة وحجر الطلاب المصابين في منازلهم”.
الجرب والعثّ وجهان لعلّة واحدة!
بدورها، قالت الطبيبة المتخصصة في الأمراض الجلدية والطب التجميلي الدكتورة غادة قصير لـ “الديار”: “الجرب عبارة عن حشرة صغيرة تتكاثر بيوضها، مشكّلة أنفاقاً يصل طولها الى 1 سم تخترق طبقات البشرة، حيث يبدأ السوس بثقب ونهش الجلد، وتسبب طفحا جلديا مصحوبا بحكة شديدة في المنطقة التي يحفر فيها الطفيلي”.
واكدت “ان هذا الداء من الامراض الجلدية المعدية يتزايد في المساحات المستخدمة بكثرة، وخاصة عندما تكون ظروف النظافة العامة والشخصية معدومة. هذه الآفة تنتقل بسرعة من خلال الالتصاق الوثيق، مثل المقرات التي تحتشد فيها العائلة والملاجئ والمربعات العامة. ويظهر هذا الوباء بين الأصابع ومنطقة الابط والارداف وباطن القدمين، لكن اصابة المناطق التناسلية، يساعدنا في معرفة هذا السَقم بوتيرة أعجل”.
واردفت “يمكن للحكة الشديدة الناجمة عن مرض الجرب أن تسبب بعض العوارض الصحية، مثل التهاب الجلد وتهيجه وتورمه واحمراره، وبالتالي حدوث جروح في الادمة، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى البكتيرية، كما ان الفرك المزمن يؤثر في حالة المريض النفسية ويسبب له القلق والاكتئاب”.
وأوضحت قصير “ان علاج هذا الضُرّ سهل ويتمثل باستعمال لوشن “الغاما بنزين هيكسا كلوريد”، لكن باتباع الخطوات التالية: تنظيف البشرة ومن ثم تطبيقه لمرة واحدة بدءا من الرقبة ووصولا الى أخمص القدمين، ويترك على الجلد لمدة 8 ساعات. وهناك مادة البيرمثرين التي تحتوي على مواد كيميائية للقضاء على العث الذي يسبب الجرب وبيضه”.
العلاقة بين التهاب الكبد والجلد
واعتبرت “ان مرض التهاب الكبد الفيروسي لا يعد مرضا جلديا، لكونه يصيب الكبد بشكل مباشر. لكن هذه الحُمَات التي تؤثر في الكبد والخلايا البيضاء في الجسم، قد تؤدي الى تجلّي بعض العوارض الصحية على ظاهر اللحاء. ويعاني المريض من حكة وظهور صفار في منطقة العيون “فوشة الكبد” وبخاصة المصابين بالـ (C)، اذ ان هذا النوع يؤدي الى ظهور الطفح الجلدي قبل استنباء المشكلة الصحية في الكبد. وبعض الامراض الجلدية تترافق مع الضَنى مثل “الحزاز المنبسط او المسطح”.
فيروس شرس!
فوق ذلك، انتشر بتاريخ 23 نيسان الفائت في احدى بلدات قضاء البقاع الغربي التهاب الكبد الفيروسي الالفي، وفتيل هذا البلاء امتد الى عرسال ومخيمات النازحين السوريين. وفي هذا الخصوص قالت مصادر في بلدية كامد اللوز لـ “الديار” ان “عدد الإصابات في المنطقة ارتفع من 40 الى حوالى 80 حالة”.
من جانبها، أوضحت الطبيبة المتخصصة في الصحة العامة والطب العائلي ليا أبو نعوم لـ “الديار” ان “التهاب الكبد الفيروسي هو التهاب في الكبد يحدث نتيجة للإصابة بفيروسات معينة، مثل فيروس التهاب الكبد الفيروسي النوع(A) و (B) و(C) و (D) و(E)، كما يمكن أن يكون حادا أو مزمنا ويتسبب بآثار صحية جسيمة”. وأضافت “بالنسبة للعلاقة بين هذا الداء والنظافة، فإن فيروسات التهاب الكبد الفيروسي عادة ما تنتقل عن طريق الاتصال المباشر مع السوائل الجسمية المصابة، مثل الدم أو السوائل الجسمية الأخرى. لذا، من المهم الحفاظ على النظافة الشخصية وتجنب المواد الملوثة التي قد تحتوي على حُمَة التهاب الكبد الفيروسي”.
وتابعت: يحدث هذا العارض عندما يدخل السّم إلى الجسم ويصيب خلايا الكبد، مما يؤدي إلى التهابها وتلفها، وينتقل عن طريق:
1- التلوث المائي: كشرب مياه مكدّرة بالفيروس.
2- الالتصاق الجسدي: من خلال الاتصال الجنسي مع شخص مصاب.
3- الدم: في حال كان ملوثا بالفيروس، سواء من خلال حقن مشتركة أو إبر ملطّخة.
4- الأم والطفل: يمكن للأم أن تنقل فيروس التهاب الكبد الفيروسي إلى جنينها أثناء الحمل أو إلى الطفل خلال الولادة، وأيضا من خلال ملامسة مواد ملوثة بالفيروس ومن ثم لمس الفم أو العينين أو الأنف”.
وختمت “تلافي المخاطر المحتملة للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي يتطلب الامتناع عن ممارسة الجنس غير الآمن، والتأكد من نظافة مياه الشرب، والابتعاد عن مشاركة الإبر أو الأدوات الحادة المستخدمة للحقن”.