شمس الدين لـ “الديار”: 1659 حادثاً و281 ضحية و 1891 جريحاً في ال 2024
تعتبر حوادث السير في لبنان، ظاهرة مقلقة تتصاعد بشكل ملحوظ، حيث تسجل النسبة الكبرى من الضحايا بين فئة الشباب. تتفاقم خطورة هذه الحالة مع بداية فصل الشتاء، اذ تصبح الطرق أكثر انزلاقا بفعل الأمطار والظروف الجوية الصعبة، مما يضاعف من احتمالات وقوع الحوادث التي تؤثر بعمق في المجتمع اللبناني، حيث تفقد العائلات شبابها، وبالتالي تترك آثارا نفسية واجتماعية واقتصادية سلبية. كما ترفع من الضغط على البنية التحتية الصحية، فضلاً عن ارتفاع تكاليف العلاج والتأهيل للجرحى.
لا إنارة ولا من يُنيرون!
تساهم الإضاءة غير الكافية في زيادة مخاطر الحوادث على الطرقات، لا سيما في الانفاق. كما يواجه السائقون، وبخاصة كبار السن، صعوبات في الرؤية ليلاً بسبب ضعف الانوار أو عدم تنظيفها، مما يؤدي إلى عدم قدرتهم على التمييز بين العوائق أو المركبات الأخرى على الطريق. وتتعاظم الحوادث المأسوية في لبنان، وآخرها الحادث الذي وقع على أوتوستراد القلمون وأسفر عن وفاة ثلاث شابات”.
وتتكرر المآسي بسبب الإهمال في البنية التحتية، كما حدث في منطقة “السان سيمون” في الجناح، حيث أدى تسرب مياه إلى وقوع حادث قبل أيام اودى بحياة شابة. ولم تكن الشابة ريتا ناكوزي بعيدة عن هذا المشهد المأسوي، حيث توفيت إثر حادث سير على طريق فتقا – غدراس، وهي بجانب خطيبها الذي نجا بإصابات طفيفة.
هذه الحوادث المؤلمة تعكس واقعاً مريراً يتطلب إجراءات فورية لوقف نزيف الأرواح على الطرقات اللبنانية.
الارقام صادمة!
من جانبه، يوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ “الديار” انه: “خلال الأعوام 2012 وحتى نهاية شهر آب من العام 2024 ، نلاحظ ان السنة التي شهدت أكبر عدد من حوادث السير كانت سنة 2014، حيث بلغ العدد 4907 حوادث، مما أسفرت عن سقوط 657 قتيلا و6463 جريحا”.
ويضيف “ثم بدأت الاعداد في التراجع، فعلى سبيل المثال سجل عام 2022 (2113) حادثا بينما بلغت في ال 2023 (2303) حادثا. ويعزو شمس الدين أسباب هذا الانخفاض الى انكماش حركة السير حيث بات التنقل اقل، مما أدى الى انخفاض الحوادث. ولو كانت حالة الطرقات والاضاءة أفضل، لتقلصت الاعداد أكثر مما هو مسجل حاليا”.
ويفند حوادث السير بالأرقام قائلا: سجلت سنة 2012 4804 حوادث، أسفرت عن 595 ضحية و6697 جريحا. وفي سنة 2013 وقع 4675 حادثًا، مما أدى إلى وفاة 649 شخصا وإصابة 6137 آخرين. وشهدت سنة 2014، 4907 حوادث، أسفرت عن 657 ضحية و6463 جريحا. وسجلت سنة 2015، 4287 حادثا، ووفاة 576 شخصا وإصابة 5658. وسجل عام 2016، 4474 حادثا، مع 521 ضحية و5911 جريحا. وبلغ عدد الحوادث في عام 2017، 4092، مع 518 ضحية و5354 جريحا. وسجلت سنة 2018، 4185 حادثا، و494 ضحية و5296 جريحا. وسجلت سنة 2019، 4207 حوادث، ووفاة 498 شخصا وإصابة 5358 آخرين. ووصل العدد في 2020 الى 3129 حادثا، ووقوع 409 ضحايا و4137 جريحا. وفي 2021 ،3132 حادثا، مع سقوط 419 ضحية و3470 جريحا. وسجلت سنة 2022، 2113 حادثًا، ووفاة 359 شخصا وإصابة 2366. وبلغ عدد الحوادث في سنة 2023، 2303، مع 439 ضحية و2726 جريحا. وسجل عام 2024، 1659 حادثًا، و281 ضحية و1891 جريحا”.
التقاعس علة العلل!
من جهته، اعتبر وزير داخلية سابق ان “سوء البنية التحتية للطرقات، بما في ذلك نقص الإضاءة، من الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات حوادث السير. وتشير الإحصاءات في هذا المجال إلى أن ما لا يقل عن شخص واحد يفقد حياته يوميا”. وشدد على “ضرورة تحسين الإنارة والحفاظ على نظافتها في المناطق التي يكثر فيها كبار السن، حيث يمكن أن يسهم ذلك في تقليل عدد الحوادث. لذلك، يجب على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات فورية وفعّالة، وتعزيز التوعية المرورية من خلال حملات إعلامية موجهة للسائقين، وخاصة الشباب، للتأكيد على أهمية الالتزام بقوانين السير والقيادة الآمنة، خصوصا في الظروف الجوية الصعبة. كما ينبغي تشديد العقوبات بتطبيق غرامات عالية وسحب رخص القيادة عند تكرار المخالفات الخطرة”.
وكشف لـ “الديار” عن ان “لوزارتي الأشغال العامة والنقل والداخلية دورا محوريا في الحد من حوادث السير في لبنان من خلال مجموعة من المهام المتكاملة. ومن هنا، المطلوب من “الأشغال” تحسين وصيانة البنية التحتية للطرقات، بما في ذلك تعبيد الشوارع وإصلاح الحفر وضمان تصريف مياه الأمطار بشكل فعّال لتجنب تجمعها الذي يؤدي الى حدوث الانزلاقات. كما يجب تركيب وصيانة إشارات المرور والعلامات المرورية الضرورية، وتأمين الحواجز الوقائية في الأماكن الخطرة مثل المنعطفات الحادة والمنحدرات، بالإضافة إلى توفير الإضاءة الكافية على الطرق الرئيسية والمناطق ذات الحركة المرورية الكثيفة، خصوصا في الليل، لتحسين الرؤية وتقليل احتمالات وقوع الحوادث. ويجب على وزارة العدل تسريع محاكمات حوادث السير وإحقاق العدالة، بما يضمن عدم إفلات المخالفين من العقاب ويشكل رادعا للآخرين”.
وتابع “تتولى وزارة الداخلية والبلديات مسؤوليات هامة في هذا القطاع عبر جهاز قوى الأمن الداخلي، حيث تشمل مهامه ضبط حركة المرور وتنظيمها. فضلا عن ذلك، تقوم الوزارة بعمليات تفتيش دورية على السائقين لضمان التزامهم بالقوانين وتفعيل التشريعات بشكل صارم، مثل مراقبة السرعة وضبط الافراد الذين يقودون تحت تأثير الكحول أو المخدرات، بما في ذلك فرض الغرامات وسحب الرخص عند حصول مخالفات فادحة مثل السرعة المفرطة والتجاوزات الخطرة وعدم ارتداء حزام الأمان. وفي إطار جهودها لرفع مستوى الوعي، تنظم الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية حملات توعية للمواطنين حول اتباع تعليمات السلامة المرورية”.
الشتاء الماضي كان رهيبا… ماذا عن هذا الموسم؟
ويؤكد الوزير السابق “أن الشتاء الماضي كان صعبا على المواطنين بسبب حوادث السير المرعبة التي حدثت نتيجة لغياب الصيانة وسوء إدارة البنية التحتية. كان أبرزها فيضان نهر بيروت الذي اجتاح الأوتوستراد وغمر السيارات بالكامل، ما تسبب بخسائر مادية وإصابات بشرية. وقد كشف هذا الحادث عن ضعف الاستعدادات لمواجهة الأمطار والفيضانات، مما يتطلب من وزارة الأشغال اتخاذ إجراءات وقائية فعالة لضمان السلامة العامة في الشتاء المقبل”.
ويختم ” في ما يتعلق بالسواتر الباطونية الموضوعة على الطرقات الرئيسية، فإن هدفها تعزيز السلامة المرورية وفصل المسارات المتعاكسة لمنع التجاوزات الخطرة. تستخدم هذه السواتر عادة في الطرق السريعة والاتوسترادات لتخفيض احتمال التصادم بين المركبات. ومع ذلك، يمكن أن تشكل هذه السواتر خطرا إذا لم تُصمم أو تُوزع بشكل صحيح، حيث يمكن أن تؤدي الاصطدامات بها إلى حوادث مميتة، خاصةً إذا كان السائق يسير بسرعة عالية أو في ظروف رؤية غير جيدة. لذا، من الضروري اصلاح الإشارات الضوئية وتركيب وسائل امتصاص الصدمات في الأماكن التي تشهد حوادث متكررة لضمان تحقيق الأمان وتقليص الحوادث”.