ربع مليون مواطن ينشدون المواقف والخدمات والبنى التحتية
هو صورة متنافرة ومتناقضة صورة بديعة، وربما يمكن القول انه قصيدة نضال، وربما انه شارع الحياة المتجددة في وجه الموت… متجول يبحث عن ملجأ، فيه اهل واحباب هو ساحة للعرض، فيه قصائد حمراء وبيضاء! هو شارع الفقر والرقة والرخاء لكل شيء، وكل زاوية بلا قوافي وشاعر يتوصف فيه بكلمات ومعاني لا تنضب…
تمتد طريق الجديدة، من محلة الحرج شمالا حتى آخر شارع صبرا جنوبا. هذه المحلة كانت تلة رملية تسمى” مزرعة العرب”. ولاحقا، سميت “تلة زريق” نسبة الى عائلة زريق المسيحية التي كانت تملك أراضي شاسعة فيها. وكانت منتزها لأهالي بيروت في عطلاتهم.
ونسأل المختار ك. ع من اين أتت تسمية طريق الجديدة، فيجيب: “هذا المكان كان رملا قبل ان يصبح فيه بناء وكان بالإمكان رؤية مطار بيروت من تلة المقاصد، حتى ان البحر كان يظهر واضحا منها، وقبل النهضة العمرانية، شقت طريق من بيروت سميت طريق الجديدة، وهو في الأساس تابع لكورنيش المزرعة…”
بعض المعالم المهمة
في طريق الجديدة العديد من المعالم المهمة في بيروت منها:
- مدينة بيروت الرياضية: بنيت في عهد الرئيس كميل شمعون عام 1956، ودشنت في 12 آب 1957، ودمرت خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ثم أعاد بناءها الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1993 بتمويل سعودي وكويتي.
- الملعب البلدي: ملعب كرة القدم وسط طريق الجديدة، أقامه الجيش الفرنسي عام 1936 للاحتفالات والمباريات الرياضية.
- محلة السبيل: سميت السبيل نسبة الى سبيل الماء الذي بناه أحد افراد عائلة جلول في اربعينات القرن الماضي.
- سجن الرمل: نقل السجن الى خارج بيروت القديمة الى رمول طريق الجديدة فاكتسب اسمها. وبعد الحرب الاهلية، هدم وأضيف الى ملاك جامعة بيروت العربية وأصبح موقف سيارات لها.
- أبرز جوامعها: جامع الحرش التابع لثانوية جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، جامع الرمل ويعرف باسم مسجد علي بن ابي طالب جامع الشهداء داخل مقبرة الشهداء مسجد عبد الناصر يقع في الناحية الشمالية، جامع الدنا في شارع صبرا، وجامع الخاشقجي في الطرف الشرقي من مقبرة الشهداء.
ومحلة طريق الجديدة تضم اليوم ما يزيد عن ربع مليون نسمة، أي ما يعادل أكثر من ربع سكان بيروت.
قلب المدينة… نبض الحياة
يقول المختار ك.ع، ان هذه المنطقة تستقطب جميع الطوائف. وبالتالي تمثل جميع مناطق بيروت التي تقيم وتعمل فيها.
اما الحاج م. ح وهو من كبار السن الذين عاركوا الحياة فيقول: هذا الشارع هو قلب المدينة لان محيطه العربي والقومي جعله مميزا عن غيره من المناطق…
فلا فرق لعربي على أعجمي الا بالتقوى، وهذه المنطقة هي منطقة الثوار ومنها انطلق المناضلون لذلك اتخذت طابع العروبة…
المشاكل كثيرة… ولا حياة لمن تنادي!!
يقول المختار ك. ع ان طريق الجديدة أصبحت مجمعا سكنيا، والمطلوب من الدولة الان الاهتمام بها، على سبيل المثال تنظيم مواقف لسيارات الأهالي. وتفتقد طريق الجديدة الى مراكز اجتماعية تقوم البلدية على رعايتها من اجل تيسير شؤون الناس، من اتراح وافراح واجتماعات، فمن يريد إقامة فرح او عزاء، فانه يذهب الى خارج، لان المنطقة تفتقد الى مكان للتلاقي…
اما أحد سكان المنطقة الحاج م.ح يقول وفي قلبه غصة هناك نقص في الخدمات الصحية والاجتماعية، والبنى التحتية، وهذه المشاكل ليست بجديدة. فقد عرضت على كثير من نواب المنطقة ولكن لا حياة لمن تنادي. يضيف لا هذه الحكومة ساعدتنا ولا سابقتها! …
وبسؤال عن أهمية وجود مركز تابع للبلدية؟ يقول ك.ع ان هذه البلدية من الناس وللناس، وعندما تتبنى هكذا مشروع فهي في الحقيقة تساعدهم وتأخذ بيدهم لا بل أكثر من ذلك فهي تقف الى جانبهم… ووجود مركز للبلدية يعطي الامن والأمان لأهالي المنطقة.
جامعة بيروت العربية… كانت سجنا
ويشير ك.ع الى ان مكان الجامعة العربية الحالي كان سجنا يعرف ب “سجن الرمل”، نظرا الى طبيعة الأرض في ذلك الوقت، ويضيف ان هذا السجن كان على ميناء الحصن، حيث لم تكن هناك شرطة كما هي الحال اليوم، فالسجن ومبناه القديم كانا قديمين وبدائيين جدا، ولم يكن هناك عمران،” والأرض رملية ولا يوجد شوارع. وقد تم نقل هذا السجن، لتقام مكانه جامعة بيروت العربية التي أعطت الطريق الجديدة، الحيوية والاهمية الاقتصادية والثقافية والفكرية، واهمية حتى أصبح اسمه مدويا كالرصاص…
ويلفت ك.ع الى ان كل مواطن يمتلك سيارة وربما أكثر ولا يجد مكانا يوقف سيارته مع العلم انه يوجد لبلدية بيروت العديد من المواقف ومنها ملعب بيروت البلدي الذي لم يفعل إنجازه بعد، ويقول ومن شأن هذا المشروع افادة أهالي المنطقة عن طريق توظيف اليد العاملة… فتستفيد الدولة وتفيد… وبالتالي تحل المشكلة.
الحق قوة صارخة…
يقول السيد ك.ع ان بيروت هي مركز للعديد من الوزارات فكل الطوائف تقيم وتعمل فيها، والنسبة الأكبر في طريق الجديدة، لذا يجب إعطاء طريق الجديدة حقها في العاصمة بيروت…
عتب على المحافظ والدولة
يتابع ك.ع، نحن كمخاتير بيروت طالبنا بموقف لمختار بيروت، لتتسنى لنا خدمة المواطنين بحيث يجد من يأتي لتخليص معاملة مكانا يركن فيه سيارته… وقد تقدمنا بهذا الاقتراح الى محافظ بيروت بالوكالة ن.ق، ولكن ويا للأسف لم نلق جوابا حتى الآن…
ويقول الحاج ع.ب الرجل الثمانيني، الذي عاصر طريق الجديدة أبا عن جد، وهو من الشخصيات التي تحظى بتقدير عائلي واجتماعي وثقافي في حي البرجاوي: أحب لأخيك ما تحب لنفسك… ان أهمية طريق الجديدة ان الناس هنا يحبون بعضهم بعضا، ولا يزال أهلها يتحلون بالنخوة والشجاعة.
يضيف: هذه المنطقة لم يكن فيها مكان مهم يمنحها أهمية خاصة، ولكن كان “سجن الرمل” مكان الجامعة العربية. ف أيام العواصف كان هذا السجن يطمر كليا بالرمل نظرا الى طبيعة الأرض فيجري اخراج السجناء منه ليعودوا من جديد الى التنقيب عنه بواسطة الخيل.
وما لا يعلمه الناس عن هذه الجامعة، يتابع الحاج الحاج ع.ب انها تأسست على انها جامعة “البر والإحسان” غير ان المال الذي كان مقررا لم يكف، الى ان أمكن الحصول على تمويل مصري أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسميت الجامعة العربية.
ويبدي عتبا كبيرا على الدولة والمخاتير ورئيس البلدية، لان الدولة لم تراع المشاكل التي تعانيها طريق الجديدة، ومنها الغلاء الفاحش بحكم كونها نقطة محال تجارية، وأيضا وجود الجامعة العربية وتوافد الطلاب اليها من لبنان وخارجه.
ومن جهة أخرى، رفع وجود بيت الطلبة كثيرا من ايجار الشقق السكنية، مما خلق ازمة خانقة وأصبح الناس فيها يتهافتون لشراء شقق سكنية خارج بيروت كلها، وكل ذلك لغياب رقابة الدولة، ونقص كبير في الدعم والمساعدة، وغياب هيئات او جمعيات تقوم بدعم الناس من اجل تيسير امورهم.
ويستطرد الحاج ب: علينا الا ننسى نقطة مهمة وهي الازدحام السكاني مما يدفع الناس الى ركن سياراتهم في أماكن بعيدة جدا عن بيوتهم، الامر الذي يؤدي الى تعريضها للتخريب وتحطيم زجاجها وأيضا سرقة أشياء منها، أين البلدية من هذه المشاكل الحياتية البسيطة؟ ويقول م.ع وهو سائق سيارة اجرة ان الغلاء هنا فاحش جدا في هذه المنطقة الشعبية، مما يزيد الامر تعقيدا بالنسبة الى العائلات المستورة. وما يحز في قلبي ان الدولة غائبة كليا عن امن المنطقة وامانها، فهي ليست مربعا امنيا يصعب الدخول اليه بواسطة الدوريات الأمنية ليلا، فيقع المشكل او حادث ولا تأتي الدولة الا بعد ان يقع القتيل وربما يدفن وكأننا نشاهد فيلما بوليسيا!!
ثمة وجه آخر لطريق الجديدة، يتمثل بشارع صبرا وما يعانيه من حرمان… وسنكون في تحقيق خاص في الوقت القريب بإذن الله عبر لبنان بالمباشر نظرا الى المعاناة السكانية وما يتخبط فيه من مشاكل حياتية وخدماتية.
بقلم ندي عبدالرزاق