لم يتوضح حتى الآن مصير قيادة الجيش بعد انتهاء ولاية العماد جوزف عون في ١٠ كانون الثاني المقبل، فهناك تعقيدات تواجه كل الخيارات المطروحة، بسبب الخلافات القائمة بين القوى السياسية حول كل خيار او مسلك .
ووفقا للمعلومات المتوافرة، هناك توافق على اهمية هذا الموقع العسكري والامني في ظل الظروف الدقيقة للبلاد وفي اي ظرف اخر. لكن التعاطي مع شغور الموقع المذكور هو موضع خلاف بين القوى السياسية عموما، والقوى المسيحية بوجه خاص . والخلاف لا يقتصر على التمديد او عدم التمديد للعماد عون فحسب، بل ايضا على المسار الواجب اعتماده لحل هذه المشكلة .
ويقول مصدر نيابي مطلع انه حتى الآن لم يتبلور اي مخرج او صيغة لمعالجة هذه المسألة، لافتا الى ان هناك عقبات وثغرًا ايضا في سلوك اي مسار من المسارات او اعتماد اي صيغة للحل . ففي الآونة الاخيرة برز نوع من الكباش داخل الصف المسيحي حول مصير موقع قيادة الجيش، بين مَن يعلن تأييده التمديد للعماد عون، ومَن يرفض هذا الطرح . وفيما يرفض “التيار الوطني الحر” بشدة فكرة التمديد، بادرت “القوات اللبنانية” مؤخرا الى تظهير موقف معاكس، فتقدمت باقتراح قانون يرمي الى التمديد لعون سنة كاملة، مشترطة اقتصار الجلسة التشريعية على هذا الاقتراح دون اي بند آخر .
ومنذ ان طرحت “القوات” من خلال تكتلها النيابي هذا الاقتراح، بدا ان خطوتها غير عملية او قابلة للترجمة، ما دام انها بقيت مصرة على موقفها الرافض للتشريع باستثناء هذا الاقتراح المحصور اصلا بشخص واحد .
وتقول اوساط تكتل “الجمهورية القوية” صاحبة الاقتراح ان الظرف الاستثنائي والحاجة الاستثنائية، هما اللذان دفعاها الى تقديم اقتراحها وخرق موقفها الرافض للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وتصر على حصر جدول الجلسة التشريعية بهذا الاقتراح فقط .
وفي المقابل، ترى كتل نيابية عديدة انه كان على “القوات” ان تتقدم باقتراحها دون ان تقرنه باي شرط يتعلق بجدول اعمال الجلسة التشريعية، خصوصا ان هناك امورا وقضايا استثنائية وضرورية عديدة بحاجة للتشريع في الظروف الراهنة . لذلك كان عليها ان تعلن رفع سيف “الفيتو” على التشريع، وتبدي استعدادها للمشاركة في جلسة تشريعية غير محصورة بهذا البند.
ويقول احد النواب الملمين بالشأن العسكري والامني، ان تقدم “القوات” بهذا الاقتراح يبدو انه من باب الضحك على الذقون، ما دام انها لم تتخل عن موقفها الرافض للتشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، لانها تعرف سلفا ان الرئيس بري يرفض وضع شروط مسبقة تتعلق بجدول اعمال الجلسة التشريعية، ولا يقبل ابدا حصر جدول اعمال الجلسة ببند واحد تحت اي شرط مسبق .
كما ان هناك اغلبية نيابية ترفض مثل هذا الشرط المسبق، خصوصا ان تحديد جدول اعمال الجلسة التشريعية منوط بهيئة مكتب المجلس برئاسة رئيس المجلس، ولا علاقة لاي جهة اخرى اكان كتلة نيابية كبيرة او فريق نيابي، مهما كبر او صغر بتحديد جدول الاعمال او وضع شرط مسبق بشأنه .
لذلك يعتقد المصدر النيابي ان حل مشكلة قيادة الجيش او التمديد للعماد جوزاف عون عبر المجلس امر مستبعد وطريقه غير سالكة، نظرا للمعادلة النيابية القائمة من جهة وللانقسام المسيحي حول هذه القضية .
ما هي الصيغ المطروحة حول مصير قيادة الجيش؟ وفقا لما جرى في الاسابيع الثلاثة الاخيرة من اخذ ورد حول هذا الموضوع، هناك اربعة خيارات مطروحة هي :
١- التمديد لقائد الجيش لفترة لا تزيد على ستة اشهر عبر وزير الدفاع، استنادا الى مضمون قانون الدفاع .
٢- تعيين قائد الجيش ورئيس الاركان عبر مجلس الوزراء .
٣- تعيين رئيس جديد للاركان يتولى مهام قائد الجيش بعد انتهاء ولاية العماد عون .
٤- تولي الضابط المسيحي الاعلى رتبة مهام قائد الجيش بعد انتهاء ولاية العماد عون .
وباعتبار ان فكرة التمديد لعون من خلال المجلس غير قائمة للاسباب المذكورة، فان الفكرة المطروحة التي يجري الحديث حولها، هي التمديد له ٦ اشهر عبر وزير الدفاع وفقا لقانون الدفاع، الذي يسمح له باستدعائه من الاحتياط لاستمرار القيام بمهام قائد الجيش لشهرين قابلين للتجديد الى ستة اشهر .
وتقول مصادر مطلعة ان هذا المسار يملك حظوظا جيدة، وربما سيكون الخيار الحل في اللحظات الاخيرة، لافتة في الوقت نفسه الى موقف الوزير موريس سليم الرافض بقوة سلوك هذا الخيار لاسباب تتعلق بعلاقته غير الطيبة مع العماد عون، وربما ايضا لخلفيات متصلة بموقف “التيار الوطني الحر” الرافض للتمديد والذي تربطه به علاقة متينة .
وتواجه صيغة تعيين قائد جديد للجيش ورئيس جديد للاركان من خلال مجلس الوزراء صعوبات كبيرة، خصوصا ان “التيار الوطني الحر” يرفض الموافقة على تعيين قائد الجيش في غياب وجود رئيس للجمهورية، ويحظى بتأييد من حزب الله ووزراء آخرين . ويتردد ان الوطني الحر يرفض اصلا صدور اي مرسوم دون توقيع الـ ٢٤ وزيرا، وهذا ما يعارضه ميقاتي في كل الاحوال .
اما صيغة تولي رئيس الاركان مهام قائد الجيش فدونها صعوبات حتى الآن، خصوصا ان هناك ضغوطا واجواء مسيحية غير مؤاتية لسلوك هذا الخيار، مع العلم ان الحزب “التقدمي الاشتراكي” لا يميل ولا يحبذ هذا الخيار في ظل المواقف والوضع القائم.
وفي شأن تولي الضابط الاعلى رتبة مهام قائد الجيش، يقول المصدر النيابي ان مثل هذا الحل ليس حلا جيدا في عديد من الحالات، لانه ليس بالضرورة ان يكون الضابط الاعلى رتبة هو المؤهل لتولي هذا الموقع القيادي الهام والحساس، وهذا لا يعني ولا يتعلق بمواصفات الضابط الحالي ما اذا كان على قدر هذه المسؤولية ام لا .