يبدو أن الرياح الإنتخابية الرئاسية في أميركا تُعاكس الرئيس الحالي جو بايدن، وتدفع بالرئيس السابق رونالد ترامب نحو البيت الأبيض، لتولي الرئاسة للمرة الثانية.
الواقع الشخصي لبايدن، والظروف السياسية المحيطة به، سواءٌ الداخلية أم الخارجية، تحاصر حظوظ تقدمه في السباق الرئاسي، خاصة بعد محاولة إغتيال ترامب المُريبة.
على الصعيد الشخصي، تكررت الهفوات الإدراكية للرئيس العجوز على المنابر الإنتخابية، بما أدّى إلى تهشيم الثقة بقدرته على «قيادة الأمة»، ومواجهة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في أكثر من موقع على خريطة السياسة الدولية.
وراحت دائرة التشكيك بقدرات الرئيس الذهنية تكبر في الأسابيع الأخيرة، حتى بلغت أقرب المساعدين له، حيث بدأ البحث الجدي في مسألة إستبداله في المعركة الرئاسية، وطرح مرشح يستطيع أن يواجه التقدم المضطرد الذي يحققه ترامب في مختلف الولايات الكبرى.
حتى كبار متمولي حملة بايدن شاركوا في الضغوط المتزايدة لإستبدال المرشح الديموقراطي، من خلال تجميد مساهماتهم المالية المقررة للفعاليات الإنتخابية المختلفة.
أما على الصعيد الخارجي، فالسهام المسمومة إنطلقت من أقرب الحلفاء، وأكثرهم إستفادة من دعم بايدن وإدارته الديموقراطية الحالية، وهي الدولة الصهيونية. لم يتردد نتانياهو لحظة في الرهان على عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مقابل رفضه المستمر لطلبات بايدن في إعادة النظر بإستراتيجية الحرب على غزة، والحد من المجازر ضد المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات الطبية والغذائية لأهالي غزة المحاصرين.
لم يهتم رئيس الحكومة الإسرائيلية وفريقه اليميني المتطرف، بمراعاة مصلحة أول رئيس دولة جاء إلى تل أبيب بعد عملية «طوفان الأقصى»، وبعث بالأساطيل البحرية إلى المنطقة، وأرسل المعدات الحربية عبر جسور جوية لتوفير مستلزمات الحرب المدمرة على غزة. كما إستعملت الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الزمن عدة مرات، للحؤول دون صدور قرار بوقف العمليات العسكرية، أو إدانة الدولة العبرية على المجازر اليومية ضد المدنيين العزل في مختلف مدن القطاع.
وذهب نتانياهو بعيداً في عرقلته مقتضيات حملة ناجحة لبايدن، حيث رفض إعلان الرئيس الأميركي بالعودة إلى حل الدولتين لإنهاء الصراعات الدموية في المنطقة، وإعادة الروح لعمليات التطبيع مع العرب ، وخاصة المملكة السعودية، التي اشترطت الإعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، مقابل تحقيق التطبيع مع تل أبيب.
كما تجاهل كل المحاولات الأميركية لعقد هدنة جديدة تؤمن الإفراج عن عدد من الأسرى الإسرائيليين عند حماس، وتخفف الضغوط العالمية ضد التأييد الأميركي للحرب الإسرائيلية على غزة، ومازال يماطل حتى اليوم في الموافقة على صفقة تُعيد الأسرى الإسرائيليين إلى ذويهم، وتؤدي إلى وقف العمليات العسكرية في القطاع.
بايدن في مأزق. ونتانياهو يشد الحبل على عنق المرشح الديموقراطي بلا هوادة، ويحاول تمديد أمد الحرب على غزة إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، إلا إذا ظهر واضحاً أن فوز ترامب أصبح مضموناً قبل يوم الفصل!