لم توفّر الأزمة قطاعاً. “وضع القضاة عاطل” يقول وزير العدل هنري خوري، الشاهد من أهل القضاء. من يُطلب منهم أن يحكموا بالعدل، وأن يواجهوا الفساد والفاسدين، وأن يصلحوا مع الصالحين، لا راتب يكفيهم اليوم، ولا مخصّصات، ولا من يسأل أو يعين.
اختار وزير العدل هنري خوري ألا يقف مكتوف الأيدي أمام ما بلغه الواقع من سوء. سبق له أن نقل الى مجلس وزراء العدل العرب ورقةً صادرة عن صندوق تعاضد القضاة وتمّ تبنّيها بالإجماع في ٦ كانون الأول الماضي، وهو يتابع تنفيذ هذا القرار مع نظرائه العرب.
واستفاد خوري، مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، من دعوتهما الى احتفاليّة يوم القضاء العراقي حيث التقيا مسؤولين عراقيّين شرحا لهم وضع القضاة اللبنانيّين، وتلقّيا وعوداً بتقديم مساعدات لصندوق تعاضد القضاة، وهو هيئة قضائيّة مستقلة تُعنى بوضع القضاة.
ويشير خوري عبر موقع MTV الى أنّ الجانب العراقي كان متجاوباً مع الحاجات اللبنانيّة، ولكن لم يُحدّد حجم المساعدة التي سيقدّمها، إلا أنّها ستكون مباشرة وليس عبر الجامعة العربيّة.
ويكشف خوري عن أنّ اللقاء الذي عقده مع الرئيس العراقي برهم صالح كان وديّاً جدّاً، “وقد شرحت له الأوضاع في لبنان، وخصوصاً وضع القضاة، ولقيت منه تفهّماً”.
ويضيف: “كذلك كانت اللقاءات التي أجريت في أربيل إيجابيّة، وقد اتفق رئيس مجلس القضاء الأعلى مع نظيره العراقي على التعاون في أكثر من مجال، خصوصاً على صعيد تبادل الخبرات”.
ويبدو خوري واقعيّاً جدّاً في شرحه واقع القضاة في لبنان، وقد بات صندوقهم شبه فارغ خصوصاً أنّه يصرف من مدخراته بسبب تراجع المداخيل منذ سنتين تقريباً، لافتاً الى أنّ تنقّل القضاة من بيروت الى صيدا أو طرابلس أو البقاع مثلاً بات يشكّل عبئاً لا قدرة لهم على تحمّله.
ويتابع: “صحيحٌ أن لا استقالات في القضاء، ولكن هناك بعض القضاة الذين أخذوا إجازات غير مدفوعة، بهدف البحث عن عمل خارج لبنان، وإذا بقيت الأمور على حالها سنشهد فراغاً في بعض المواقع القضائيّة كما حصل مطلع الثمانينات، خصوصاً أنّ صندوق التعاضد استنفد كامل مدخراته”.
في بلدٍ ينحدر نحو أسفل، على أكثر من صعيد، لم ينجُ القضاة من الأزمة. بعض الملايين القليلة التي يتقاضونها لم تعد تكفيهم لتأمين حياةٍ لائقة لهم ولعائلاتهم. يعد وزير العدل هنري خوري: “سنقرع الأبواب كلّها للحصول على مساعدات”.
مشكورٌ الوزير، ومعيبٌ ما بلغناه. قضاتنا متروكون للقدر…