نضال العضايلة
تمثل هجمات تنظيم “داعش”، في إسرائيل، تهديدا جديدا، للدولة التي تجثو على صدور الفلسطينين منذ أكثر من قرن مضى.
عملية ( الخضيرة )، هي الثانية التي يرتكبها تنظيم داعش داخل إسرائيل، مما يعني أن الدولة العبرية أصبحت تدرك أن عليها أن تتكيف مع هذا التهديد الجديد.
الملفت للنظر أن حزب الله اللبناني وفي بيان أشاد التنظيم اللبناني بعملية “الخضيرة” في إسرائيل وبمنفذيها، وفي بيانه بارك “العملية الاستشهادية النوعية”، معتبرا أنها “عملية القرار الفلسطيني المقاوم والمستقل”.
حزب الله اعتبر داعش أحد فصائل المقاومة الفلسطينية عندما بارك للشعب الفلسطيني المجاهد وفصائله المقاومة ومجاهديه الشرفاء بالعملية الاستشهادية النوعية في مدينة الخضيرة التي تؤكد ثبات هذا الشعب وإرادته الصلبة في مواجهة الاحتلال بكل الإمكانات والأدوات المتاحة”.
حزب الله قبل سنوات كان يقاتل مجموعات تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية بمعارك في سوريا، انتهت باتفاقات اجلاء بين جهاديي التنظيم والحزب الموالي لايران حليفة دمشق، في اطار ما يسمى محور المقاومة ضد اسرائيل.
ويختلف الحزب والتنظيم في المذهب الديني ويكفّر كل منهما الآخر، وفي وقت قريب اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني حسن نصر الله أن مشروع تنظيم “داعش” كان يستهدف بسط السيطرة على كامل سوريا وكان لبنان جزءا من هذا المخطط.
وقبل فترة قصيرة توالت الأنباء عن اختفاء شبان في مدينة طرابلس اللبنانية من منازلهم، في ظروف غامضة، ليتضح لاحقاً أنهم موجودون في العراق مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ووصل الأمر لذروته بعد خبر مقتل شابين لبنانيين من طرابلس، هما أحمد كيالي وزكريا العدل في مواجهات عسكرية بالعراق، وهو ما فتح نقاشاً وجدلاً واسعاً داخل لبنان عن كيفية استدراج هؤلاء الشباب وكيفية وصولهم إلى العراق.نعم، هناك خيط دائماً ما يجري الهروب من التعبير عنه وهو وجود علاقة بين داعش وحزب الله، كون داعش باتت شركة مساهمة للعديد من أجهزة مخابرات المنطقة، فكل المعابر والحواجز هي تحت السيطرة.
فكل المعابر الشرعية وغير الشرعية في لبنان تحت عين قوات حزب الله، والطرف الآخر لهذه المعابر تحت سيطرة قوات النظام السوري، إضافة إلى كل الطرق الأساسية في العمق السوري، وليس انتهاء بالحدود العراقية التي هي تحت سيطرة القوات الحكومية.
بالمقابل تشير تقارير قدمت للعديد من الأجهزة الأمنية العربية حول وجود “تعاون وثيق يجري بين داعش وبين فصائل شيعية في العراق من ضمنها حزب الله الذي ينسق اتصالات وتدريبات هذه الميلشيات الطائفية”.
ووفقاً لهذه التقارير التي جرى تقديمها للبنان عبر أجهزة مخابرات إقليمية وعربية بضرورة التنبه لمحاولات اختراق لبنان عبر خلق خلايا داعش وتنظيمات إرهابية في المنطقة، ولم يجرِ التعامل معها بجدية إلا من قبل الجيش اللبناني، الذي يتابع الملف عن كثب ويجري اعتقالات ومداهمات ويقوم بالتنسيق مع الدول الأخرى لمكافحة هذه التصرفات، فيما حزب الله يسير بخطى ثابتة نحو تعميق علاقته بالتنظيم الإرهابي.
المحور السوري الإيراني الذي يتفاخر منذ سنوات بإمساكه الحدود من لبنان وحتى العراق، هو نفسه من يعبر أمام ناظريه عشرات الشبان من لبنان ودول أخرى للانضمام لتنظيم داعش، والذي يعتبر عدواً لدوداً لإيران وحزب الله، اللذين خاضا ضده حروباً كبيرة.في العام 2017، وصلت ترددات “فضيحة” انخراط ميليشيات حزب الله الموالية لإيران في مفاوضات مع داعش إلى العراق، الذي ندد على لسان مسؤولين وناشطين بهذه العملية التي أدت إلى نقل متشددين إلى الحدود السورية العراقية على مرأى من قوات النظام السوري وتحت حمايتها.
ورغم أن تقارير عدة كانت قد تحدثت عن علاقة مصالح تربط التنظيمين المتشددين، فإن عملية التفاوض بين حزب الله ومجموعة من داعش منتشرة على الحدود اللبنانية السورية تعد أول اتفاق معلن بين الطرفين الذين يدعيان العداء.والاتفاق الذي صاغه حزب الله ونص على انسحاب نحو 600 مقاتل من داعش وعائلاتهم من منطقة جبلية لبنانية على الحدود السورية، جاء بعد عملية للجيش اللبناني نجحت في أيامها الأولى في إلحاق خسائر فادحة بصفوف المتشددين.
وأثار الاتفاق غضبا عارما في لبنان، فقد اعتبرت تيارات وأحزاب عدة أن ميليشيات حزب الله أنقذت داعش من خسارة محتمة، وسرقت فرحة الانتصار الكامل الذي كان سيحققه الجيش اللبناني في العملية التي أطلق عليها “فجر الجرود”.
وما زاد من حدة الغضب في لبنان، أن الشق الثاني من الاتفاق نص على تحديد موقع رفات 8 جنود لبنانيين أسرهم مسلحو تنظيم داعش عام 2014 وقتلوهم بعد أكثر من سنة، وإطلاق سراح أسير من ميليشيات حزب الله وجثة مقاتل إيراني.
والمثير للريبة، أن حزب الله كان قد أعلن في مناسبات عدة بعد أسر الجنود اللبنانيين رفضه القاطع لأي عملية تفاوض مع المتشددين لإطلاق الجنود الذين كانوا لايزالون احياء مقابل الإفراج عن بعض المحكومين بقضايا إرهاب في لبنان.
واليوم من السخافة بمكان أن يظن “حزب الله” أن المواطن اللبناني قد نسي من قام بتامين الباصات المكيّفة للعناصر المتطرفة للخروج من جرود جبال لبنان الشرقية خوفاً من إعتقالهم وافتضاح من يقف خلفهم ويدعمهم، بعد أن حسم الجيش اللبناني البطل معركة الجرود لصالح لبنان وشعبه، لهذا فإن التطرف له وصف واحد وهدف أوحد، وهو تدمير الوطن ومصالح شعبه وهذا ما نجح “حزب الله” كما “داعش” في ممارسته.
بالأمس قال نصرالله : معركتنا واحدة ومصيرنا واحد وانتصارنا على التكفيريين والإرهابيين وحلفائهم وداعميهم من قوى إقليمية ودولية سيكون تاريخياً، وإن أخوتنا لن يزعزها أي شيء على الإطلاق، واليوم يبارك نصرالله عملية داعش في الخضيرة، فاي انفصام هذا؟، هل هذه هي السياسة؟