بات واضحا ان الولايات المتحدة تمارس انواع الضغط والابتزاز على لبنان، الذي يشهد انهيارا اقتصاديا وظروفا قاسية، من بينها حاجته الكبيرة للكهرباء فتفرض املاءات على الجانب اللبناني في ملف ترسيم الحدود البحرية ليقبلها ، مقابل تسهيل استجرار الغاز المصري والطاقة الاردنية كما وعدت السفيرة الاميركية منذ اكثر من ستة اشهر. وحتى اللحظة لبنان يعيش في العتمة والمساعدة الاميركية في مجال الطاقة لم تتحقق تحت ذرائع واهمة، والتأخير مستمر في هذا المسار ما دام ان لبنان الرسمي لم يرضخ للشروط الاميركية في حقوق دولتنا من الثروة النفطية ضمن الحدود البحرية التابعة لها او بالاحرى الشروط التي تصب في مصلحة «اسرائيل».
والحال ان واشنطن دائما ترى المشاكل في الشرق الاوسط بعين واحدة وتقاربها بسياسة بعيدة كل البعد عن السياسة العادلة، ولذلك تستمر الصراعات لعقود من الزمن، والتوتر يهيمن دوما على منطقتنا بفضل استراتيجية اميركية ظالمة لدولتنا ولكل الدول المحيطة بفلسطين المحتلة.
وهذا الامر ليس بجديد علينا، نحن اللبنانيين، الذين عايشنا الظلم الاميركي، وآثاره لا تزال موجودة فينا، ولكن ما نستغربه ان هذه السياسة غير العادلة وغير المحقة تزداد سوءاً مع مرور الوقت، بدلا من ان يكون هناك سقف لهذا الظلم، حيث لا نتوقع ان تستفيق الولايات المتحدة من سباتها ومن اهمالها لحقوق الانسان وللعدل بمراجعة لنظرتها وخطواتها في الشرق الاوسط.
اليوم لا غاز مصري ولا «كهرباء « اردنية كما وعدت واشنطن لبنان بتأمين الطاقة المفقودة في بلدنا، بما ان المفاوضات بين دولتنا وبين العدو الاسرائيلي لم تظهر تقدما ملموسا. وطبعا في القاموس الاميركي التقدم يعني تنازلا من قبل الدولة اللبنانية تجاه العدو الاسرائيلي، وغير ذلك لا تعير واشنطن اهمية لكل الخرائط والامور التقنية، فهذا كلام فارغ لان ما تريده هو تحقيق مبتغى «اسرائيل» ومطامعها بحد اقصى في مسار ترسيم الحدود البحرية والثروات النفطية. والحال ان الذريعة التي تقال اليوم ان الولايات المتحدة تحرص على عدم استفادة النظام السوري من خط الغاز المصري او الكلام الذي يقال ان مصر تريد اعلانا رسميا من البيت الابيض لتعطي لبنان الغاز، تبينت انها ذرائع واهية وغير مقنعة، وليس هناك من جواب شاف لكل هذا التـأخير الحاصل في الطاقة.
انما هل يعتقد الوسيط الاميركي ان لبنان سيرسم حدوده البحرية باتفاق يخلو من الكرامة والسيادة؟ هل يعتقد العدو الاسرائيلي بأن الدولة اللبنانية ستوقع على اتفاق يهمّش ثروتها النفطية؟
لقد ارسى لبنان منذ حرب تموز 2006 معادلة جديدة بوجه «اسرائيل»، وهي ان المقاومة لن تسكت عن شبر واحد او عن سجين واحد او عن بئر نفطية واحدة يقع في حدودنا وتسعى «اسرائيل» للتعدي عليه. هذه المعادلة منذ 2006 يجب ان تكون دائما في الحسبان وتؤخذ بعين الاعتبار في مفاوضات لبنان الرسمي والوسيط الاميركي مع العدو الاسرائيلي.