هوكشتاين في بيروت نهاية الأسبوع حاملاً الردّ «الإسرائيلي» على عرض لبنان… وسط أجواء تفاؤليّة
نقاط النزاع وخطوط الخلاف المتداخلة كثيرة في شرقي المتوسط… فهل من حرب شاملة؟

Share to:

الديار: دوللي بشعلاني

يزور لبنان هذا الأحد في 31 تموز الجاري ويوم الإثنين في 1 آب المقبل، الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين حاملاً معه، على ما يُفترض، الردّ «الإسرائيلي» على عرض لبنان الأخير فيما يتعلّق بحلّ النزاع البحري القائم بين الجانبين منذ سنوات… على أن يتبلّغ الردّ اللبناني على الردّ، في زيارته التالية، كون أي اقتراح من «الإسرائيلي» يستوجب بعض الوقت لدراسته وتحليله وتمحيصه من قبل المسؤولين اللبنانيين قبل قبوله أو رفضه..

وإذ أشيعت أجواء إيجابية عن قرب حصول الإتفاق بين الجانبين، حتى قبل تبلّغ المسؤولين اللبنانيين ردّ الطرف الآخر على عرضهم من قبل هوكشتاين، لا بدّ للبنان أن يبقى حذراً من طروحات «الإسرائيلي»، على ما أشارت أوساط ديبلوماسية متابعة لملف الترسيم البحري والبرّي، كونه عدوا شرسا لا يُمكن الوثوق به وبكلامه بسهولة، سيما وأنّه لا يعير عادة أي أهمية للإتفاقات، لا الدولية ولا الثنائية، وغالباً ما ينسف أي إتفاقية، عندما تقتضي مصلحته ذلك، من دون أي ذرائع منطقية، وحتى بوسائل غير مشروعة.

في المقابل، وإن كانت الأمور لن تصل الى خواتيمها خلال الزيارة المرتقبة لهوكشتاين نهاية الأسبوع الجاري، على ما أضافت الاوساط، إِلَّا أنّه عندما يُعطى الضوء الأخضر يُمكن للإتفاق أن ينتهي خلال جلسة تقنية واحدة في الناقورة، حتى وإن كان الخوض في التفاصيل غالباً ما يستلزم وقتاً أطول من الذي تطلّبه الإتفاق المبدئي أو العام بين الجانبين. ولهذا تضع الاوساط ما يجري اليوم في إطار «المسرحية»، من دون معرفة الهدف الأساسي منها، لكنّ جميع أطرافها يستفيدون في الوقت الحالي.

وتجد الأوساط عينها بأنّ مناقشة موضوع «الحقول المشتركة»، المفترضة من قبل لبنان، و»غير المُعلن عنها»، عن قصد من العدو الإسرائيلي، في المنطقة المتنازع عليها بين الجانبين، لا بدّ وأن يأخذ حيّزاً من محادثات هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين، قبل توقيع أي إتفاقية. علماً بأنّ حلّ النزاع البحري القائم قد تطلّب «التوافق المبدئي» عليه عشر سنوات، حتى خرج «اتفاق الإطار»، والذي لا يزال لدى البعض مآخذ عليه، فيما يجده البعض الآخر «الإطار الأفضل». فكم سيتطلّب الإتفاق على التفاصيل، وعلى كلّ شاردة وواردة، وعلى كلّ نقطة ماء وحقل نفطي في المنطقة المتنازع عليها؟! علماً بأنّه حتى الآن، تُحدِّد كلّ جهة منطقة النزاع من وجهة نظرها، ووفق حساباتها ووجود الآبار النفطية فيها.

ولفتت الاوساط، في الوقت نفسه، الى وجود نقاط نزاع وخطوط خلاف متداخلة كثيرة في المناطق البحرية الخالصة شرقي البحر الأبيض المتوسط، لم يتمّ التوصّل الى الإتفاق حولها (تبدو على الخريطة المرفقة). فثمّة مناطق متنازعة بحرية بين تركيا واليونان من جهة، وبين تركيا وقبرص من جهة ثانية، وبين قبرص و»إسرائيل» من جهة ثالثة، وبين قبرص التركية وقبرص اليونانية رابعاً. ما يعني بأنّنا لسنا وحدنا في المنطقة الذين نُطالَب بحقوقنا، علماً بأنّ المناطق المتنازع عليها كبيرة وواسعة.

وأشارت الاوساط في هذا الإطار، الى أنّ «إسرائيل» لم تُهدّد قبرص بأنّها ستُدمّرها في حال لم تحصل على حصتها من عائدات حقل «أفروديت»، على غرار ما تفعل مع لبنان، في حال لم يُوافق على مطالبها في المنطقة البحرية المتنازع عليها. كما أنّ تركيا واليونان لم تلوّحا باللجوء إلى حرب شاملة في حال لم يتوصّلا إلى حلّ للمنطقة الإقتصادية البحرية الخالصة بينهما. علماً أنّ منطقة النزاع هي أضعاف مضاعفة لمنطقة النزاع البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى القبارصة الأتراك واليونانيين. كما أنه يوجد خلاف «مكتوم « بين سوريا وبيننا وبين لبنان وقبرص حول رسم الخطوط البحرية، ولكنه لم يزل قيد الكتمان، علماً أن سوريا اعترضت لدى الأمم المتحدة على المرسوم 6433 (غير المعدّل) الذي تمّ تقديمه في العام 2011 إلى الأمم المتحدة.

من هنا، أعربت الأوساط نفسها عن شكوكها في قرب توقيع الإتفاق بين لبنان والعدو الإسرائيلي بين أسبوع وضحاه، مشيرة الى صعوبة حصول ذلك بما أنّه ليس من حكومة جديدة فعلية في ظلّ تجميد الجهود لتشكيلها، بل حكومة تصريف أعمال تحاول تعويم نفسها من خلال بعض المهمات التي تؤدّيها في هذا الزمن الصعب. فكيف سيتمّ توقيع الإتفاق من دون وجود حكومة فعلية فاعلة؟!

ولكن كيف ستعمل سفينة «إنرجين باور « في أيلول المقبل من دون هذا الإتفاق الذي أعلن رئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل عن ضرورة توقيعه «هذا الشهر» أي في آب، خلال أو بعد زيارة هوكشتاين المرتقبة نهاية الأسبوع، والمتزامنة مع انهماك لبنان بالتحضيرات لعيد الجيش الذي يُصادف يوم الإثنين المقبل، والذي سيحتفل به للمرة الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ظلّ وجود الوسيط الأميركي في لبنان؟! تُجيب الاوساط بأنّ «إنرجين وصلت منذ فترة، وتقوم بمدّ الأنابيب لاستخراج الغاز، وستعمل في أيلول، مع أو بدون توقيع الإتفاق.. وسيكون المسؤولون منشغلين بجلسة مجلس النواب لإنتخاب رئيس الجمهورية الجديد. هذه الجلسة التي تفتتح أواخر آب حتى أواخر تشرين الأول المقبلين في ظلّ وجود صراع خفي بين حارة حريك وميرنا الشالوحي حول رئاسة الجمهورية، رغم التنسيق بينهما لمواجهة المعارضة والمجتمع المدني. 

Exit mobile version