فيما كان رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية يعود بالطائرة التي أقلته على عجل الى باريس ومنها الى بيروت، بعدما طمأن الفرنسيين الى انه مع كل ما يتفق عليه اللبنانيون بملف الاستراتيجية الدفاعية، وانه أكثر من يستطيع أن «يمون» على حزب الله في ملفات عديدة تهم الجانب الفرنسي، وفي مقدمها الاستقرار على الخط الجنوبي ، غافلته الصواريخ التي أطلقت من الجنوب اللبناني باتجاه «اسرائيل»، والتي لم تتبنها اي جهة محددة، علما أن القارئ جيدا في الوضع الجنوبي، والمطلع على الميدان، وحتى المحللين في السياسة اللبنانية على يقين بأن أي تحرك في الجنوب لا يمكن أن يمرّ من دون علم حزب الله.
على أي حال، قرأ مصدر متابع للملف الرئاسي صواريخ الجنوب بأنها تناقض تماما ما أعطاه فرنجية كضمانة للفرنسيين بانه «يمون» على حزب الله ، حتى ان الوفد القطري الذي حط في بيروت بعيد عودة فرنجية، والذي اختتم لقاءاته مع فرنجية نفسه، لم تكن «هواه الرئاسية» مشابهة للهوى الفرنسي.
ففيما بات الجميع يعلم بأن فرنسا لا تزال تتمسك وتطرح المقايضة بين سليمان فرنجية ونواف سلام، وهذا ما طرحته على رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في باريس، ولو أن الاخير جدد على مسمع الفرنسيين موقفه المشدد على ان الاتفاق على رئيس في لبنان يجب ان يحظى بتوافق اغلب الاطراف ، لا سيما المسيحية منها الرافضة السير بفرنجية ، الا ان الموفد القطري الذي التقى مختلف القيادات اللبنانية ، حاول خلال جولته على المعنيين إجراء عملية استطلاعية للاجواء الرئاسية، من دون الدخول باسم معين أو طرح أسماء محددة أمام غالبية من التقاهم، باستثناء ريئس «التيار الوطني الحر» حيث حاول الوزير القطري جس نبضه تجاه اسم قائد الجيش جوزيف عون الذي يرفضه باسيل كما فرنجية.
وفي هذا الاطار، تكشف معلومات خاصة بـ «الديار» أن الموفد القطري سيعود قريبا في زيارة ثانية الى لبنان، في محاولة منه لاكمال ما بدأه بمسعى لحل الازمة، وفي حال تعذر ذلك فالاتجاه هو لاحالة الازمة السياسية اللبنانية الى القمة العربية المزمع عقدها في الرياض في 19 ايار.
وتشير أوساط متابعة الى أن الحراك القطري منسق مع الطرف السعودي، كما يحظى بمباركة من القاهرة ، على عكس الحراك الفرنسي الذي يلاقي حتى اللحظة رفضا سعوديا تجاه السير بسليمان فرنجية. علما ان الاوساط نفسها تؤكد أن السعودية كما سوريا والولايات المتحدة غير مهتمة كثيرا بالملف اللبناني، وأن المراقب للتطورات اللبنانية يدرك ان الدول التي يهمها الحراك تجاه لبنان هي ثلاث : فرنسا ومصر وقطر، مع الاشارة الى ان التنسيق القطري- السعودي – المصري يبدو واضحا، مقابل المحاولات الفرنسية التي تكاد تكون يتمية.
وبانتظار نتيجة الحراك الفرنسي، وسط معلومات تشير الى أن الفرنسيين طلبوا من فرنجية ان يتحرك بالداخل تجاه الاطراف الرافضة لترشيحه، علما أن هذا الامر معروفة نتائجه سلفا في ظل رفض «القوات» كما «الوطني الحر» لترشيحه، مقابل تأكيد باريس لفرنجية أنها ستبذل ما بوسعها لاقناع السعودية، وانها ستحاول أن تقول للسعوديين انه في حال لم يصل فرنجية، فهناك احتمال بتعطيل البلد لسنوات، لتتكرر التجربة السابقة بين حزب الله والرئيس السابق ميشال عون.
فهل يفعلها حزب الله ويعطل البلد لايصال فرنجية؟ تجيب اوساط مطلعة على جو 8 آذار بأن ظروف البلد اليوم تختلف عن عامي 2015 و2016 ، وما كان صالحا ومسموحا في عام 2016 قد يصعب اليوم، الا في حال حسم فرنجية أمره وقرر الخروج الى الاعلام بكلام واضح وبرنامج رئاسي يعلن فيه صراحة الترشح أو يعزف عن ذلك.
وعليه، فالعين على حراك فرنجية، ففيما تتضارب المعلومات حول اتجاه فرنجية بعد الاعياد لحسم القرار باتجاه الانسحاب من المعركة، تؤكد مصادر موثوق بها أن الامر مستبعد، وتضيف انه لا يزال يعدّ برنامجه الرئاسي، بحيث يتوقّع ان تكتمل الصورة لديه قريبا، فيخرج الى الاعلام بكلام رئاسي واضح.
وبالانتظار، تشير معلومات «الديار» الى ان خط التواصل بين بكركي وحزب الله قائم، وتجلى أخيرا برسالة بعث بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عبر الاب عبدو أبو كسم، الذي اجتمع بالشيخ نعيم قاسم مسلّما اياه رسالة من البطريرك للسيد نصر الله تتضمن لائحة بأسماء مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية، وقد توسعت من 11 الى 16 اسما ، ويطلب فيها البطريرك أن يختار السيد 3 اسماء من اللائحة، ويعرض انه في حال لم تعجب الاسماء المطروحة في اللائحة السيد نصر الله ، فليضع اسماء من يريد من خارج اللائحة، الا ان ردّ الشيخ قاسم كان واضحا وهو اتى على قاعدة: « انقل لنا سلاماتنا وتحياتنا للبطريرك، نحن مرشحنا واضح وهو سليمان فرنجية»!
هل يبقى حزب الله على مرشحه حتى نهاية الطريق الرئاسية او ان انسحاب فرنجية سيأتي على قاعدة : «حاولنا المستحيل ولم نفلح»؟
على اي حال، يختم مصدر متابع «لعلّ الصورة الرئاسية تبدأ بالتبلور شيئا فشيئا بعد الاعياد».