هل يعود «الغضب» من جديد الى ساحات طرابلس؟ (الديار)

Share to:

الديار – دموع الاسمر

قبل عامين اضحت عاصمة الشمال «عروس الثورة» بعد نزول المواطنين الى ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، ومشاركة الالوف في الاحتجاجات على ارتفاع الاسعار وتدني مستوى المعيشة، واستمرت هذه الاحتجاجات لمدة ثلاثة اشهر، وشكلت مادة دسمة للمراقبين وتحديا لكل  الظلم والقهر الذي مارسته الطبقة السياسية خلال عهود من الحكومات المتعاقبة.

لكن فجأة بدأت مجموعات شعبية بالانسحاب الواحدة تلو الاخرى، من طلاب ونقابات وجمعيات وروابط اهلية، وفرغت الساحة من الشرائح النخبوية والشعبية، وبقي فيها اعداد قليلة لا يتعدى حجمها المائة شخص.

لعبت هذه المجموعة الصغيرة دورا سلبيا فيما بعد، بعد ارتكاب المجازر بحق المدينة من تخريب وتكسير وتدمير للبنى التحتية، الامر الذي رأت فيه اوساط طرابلسية ان ما يجري مخطط تدميري للمدينة، مؤكدة ان الاحتجاجات تحتاج الى شعب يثور ضد السلطة والحفاظ على تاريخ المدينة وليس تدميره، وان ما يحصل تجاوز مبادىء الانتفاضة على الاوضاع السيئة، الى محاولات الاساءة لتغيير وجه المدينة وحضارتها، وكانت نتائج تلك الفورات تراجع في رواد الاسواق التجارية، وتشويه في معالم المدينة، خاصة تلك الابواب الحديدية السوداء التي تصفحت بها فروع المصارف في المدينة.

ومنذ ايام قليلة ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للمواطنين الى المشاركة في «يوم الغضب» صباح اليوم، احتجاجا على الانهيار المدوي لليرة اللبنانية التي وصلت الى ادنى مستوياتها، وباتت العائلة الواحدة المؤلفة من خمسة اشخاص تحتاج الى خمسمائة الف ليرة في اليوم الواحد، كحد ادنى لتأكل وتشرب.

في شوارع طرابلس ما ينبىء ان الواقع المعيشي المتدهور يطغى على كل الهموم الاخرى، ويرزح غالبية المواطنين تحت وطأة الدولار الذي سجل رقما قياسيا غير مسبوق، وفي ظل هذا الواقع يزدحم المواطنون امام محلات الصيرفة لصرف تحويلات خارجية بارقام متدنية كمساعدات من ابنائهم المهاجرين، وتتراوح القيمة بين خمسين الى مئة دولار، ولولا هذه المساعدات الخارجية من المغتربين لبلغ الفقر والجوع مستوى المجاعة، ورغم ذلك فان المواطنين لامسوا حدود المجاعة في المدينة التي تعاني منذ سنوات وتفاقمت معاناتها في الآونة الاخيرة…

والسؤال المطروح اليوم، هل ينزل الجميع الى الشوارع في «يوم الغضب» الشعبي الحقيقي؟

هناك من يقول بين الاوساط الشعبية ان التظاهرات وصيحات الغضب لم تعد تفيد، وان القضية ابعد من ذلك، لان العلاج يحتاج الى ثورة تغيير في بنية النظام المهترىء الذي بات عاجزا عن ايجاد الحلول لمجموع ازمات في سلسلة لا نهاية لها، والبعض الآخر يرى ان مسيرة التغيير تبدأ بخطوة في مسافة الالف ميل…

شوارع طرابلس باتت تروي حالات الوضع الاقتصادي المنهار من خلال محلات ومؤسسات اقفلت، وعمال صرفوا وتشرّدت عائلاتهم، وغياب المرجعيات السياسية التي لم تبادر الى احتضان العائلات المشرّدة والتي تصرخ من فقرها وجوعها…

الغضب الشعبي اليوم في طرابلس برأي اوساط شعبية، يحتاج الى لمسات تنظم هذا الغضب وتوجهه في اتجاه صحيح، وليس تخريب منشآت ومؤسسات ومحلات، ودون تسييس لهذا الغضب ورفض توظيفه لاجندات سياسية تستغل موجة الغضب وتدفعها باتجاهات تحبط الهدف الحقيقي…

Exit mobile version