هل يجري التصعيد بين «التيّار» وحـ.ـزب الله على خلفيّة تباين المواقف من جلسات الحكومة؟

Share to:

الديار – دوللي بشعلاني

بعد جلسة مجلس الوزراء يوم الإثنين التي عقدتها الحكومة المستقيلة، والتي تقوم بتصريف الأعمال بالمعنى الضيّق، خلافاً لما ينصّ عليه الدستور، ومقاطعتها من قبل 8 وزراء بدلاً من 9 وفقاً للبيان الذي صدر عشية الجلسة مشدّداً على رفض انعقادها وعلى مقاطعتها، وذلك بخروج وزير الصناعة جورج بوشيكيان عمّا التزم به في هذا البيان من خلال حضوره الجلسة، بدأ خلط الأوراق من جديد. كما ظهرت هشاشة انعقاد جلسات حكومية لاحقة من دون تنسيق بين جميع الوزراء قبل الدعوة الى عقد أي جلسة، لأنّها قد تكون معلّقة على حضور «وزير ملك»، فلو لم يحضر بوشيكيان جلسة الإثنين المنصرم، لكان فُقد النصاب، ولم تكن الحكومة لتنعقد وتتمكّن من إقرار أي بند من البنود الطارئة والملحّة التي استدعت انعقادها، من وجهة نظرها. فما الذي سيحصل في الجلسات المقبلة، إذا أعيد خلط الأوراق من جديد بحسب سياسات ومصالح بعض الأحزاب؟!

مصادر سياسية مطّلعة تجد بأنّ الأوراق لم تُخلط فقط داخل التكتّل الواحد أي «التيّار الوطني الحرّ» و»حزب الطاشناق»، كون الوزير بوشيكيان لم يلتزم بالبيان الذي صدر عن النوّاب التسعة، وقرّر حضور جلسة مجلس الوزراء مغرّداً خارج السرب، إنّما أيضاً ضمن الفريق الواحد. فالتيّار عاتب على حزب الله الذي قرّر مشاركة وزرائه في الجلسة الحكومية، ضارباً عرض الحائط موقف حليفه المسيحي، وإن كان قد برّر كلّ من وزير العمل مصطفى بيرم ووزير الأشغال العامّة والنقل علي حميّة بأنّ مصالح الناس وأوجاعهم هي التي فرضت حضورهما الجلسة، كما شدّدا على دستورية الجلسة خلافاً لموقف تكتّل «لبنان القوي».

وتقول المصادر بأنّ رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل ذاهب الى التصعيد، ليس فقط من خلال مقاطعة أي جلسة أخرى يدعو اليها ميقاتي، أو الطعن بكلّ القرارات التي يتخذها المجلس لدى مجلس شورى الدولة لإسقاطها، بل التصعيد تجاه حزب الله، كما يسعى الى تأمين مقاطعة أكثر من ثمانية وزراء محسوبين عليه للجلسات الحكومية المقبلة، وقد يصبحون تسعة، إذا انضمّ اليهم وزير الصناعة جورج بوشيكيان مجدّداً، أو وزير الشباب والرياضة جورج كلاس أو وزيرة الدولة للشؤون الإدارية نجلا رياشي إليهم، مع صعوبة أن تفعل رياشي عساكر ذلك لاعتبارات خاصّة.

غير أنّ التصعيد ضدّ حزب الله قد يُكلّف باسيل خسارة «الحليف الوحيد» الباقي له من بين جميع الأحزاب، على ما أضافت المصادر السياسية نفسها، ويُنذر بزعزعة تفاهم مار مخايل، الذي اهتزّ سابقاً مرتين أو ثلاثة، ولكن يبدو أنّ أخطر إنتكاسة قد أصابته يوم الإثنين الفائت، وذلك منذ 6 شباط 2006. ولهذا توقّعت المصادر حصول إتصالات ومشاورات بين وزراء تكتل «لبنان القوي» ووزراء كتلة «الوفاء للمقاومة»، في حال أراد الطرفان فعلاً إعادة قراءة مذكّرة تفاهم مار مخايل، وإعادة تكريس المذكّرة بدلاً من فكفكتها، لأنّ مثل هذا الأمر ستكون له انعكاسات سلبية على كلّ من الحليفين في المرحلة المقبلة.

وترى المصادر بأن لا مصلحة لتكتّل «لبنان القوي» الإستغناء عن تحالفه مع حزب الله، لا سيما في المرحلة الراهنة، أو أن يتحوّل «التيّار الوطني الحرّ» الى تيّار معارض، إذ لن يتمّكن من تحقيق أي من طموحاته بمفرده مع حزب «الطاشناق». كما أنّه احتاج الى أصوات مناصري الحزب خلال الإنتخابات النيابية، وإلّا لما فاز بأربعة نوّاب في كلّ من بيروت الثانية وزحلة وبعلبك والهرمل. كما أنّ حزب الله استطاع التوفيق بين باسيل وميقاتي من خلال التصريح بأنّه حضر الجلسة الحكومية نظراً للبُعد الإنساني، وبعيداً عن أي طابع سياسي. فحضور وزيريه جلسة حكومية ذات إطار صحّي، ودفع رواتب العسكريين وملف الإتصالات، وفتح الطرقات من الثلوج في موسم الشتاء، يعتبره واجباً عليه تجاه معاناة الناس.

ويبقى السؤال هنا: هل سيتضاءل أم سيزيد عدد الوزراء المسيحيين المقاطعين لجلسات مجلس الوزراء، من خلال مقاطعة بوشيكيان أو كلّاس أو رياشي، في حال كرّر ميقاتي الدعوة الى انعقاد جلسة كلّما دعت الضرورة، وفقاً لما صرّح به؟ تُجيب المصادر عينها بأنّ ميقاتي سيُكرّر الدعوة الى جلسات حكومية أخرى وفقاً لما أعلنه، كلّما دعت الضرورة لذلك، على أن يتضمّن جدول الأعمال البنود ذات الطابع الإنساني البحت. أمّا عن عدد الوزراء المقاطعين لها، فيبدو أنّهم سيتخذون القرار في حينه، وإن كان «التصعيد» يتجه الى مقاطعة تامّة لكلّ الجلسات المقبلة.

وتجد المصادر بأنّ الوضع وصل الى ما هو عليه اليوم، من خلاف واضح بين ميقاتي وباسيل، بسبب عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قبل فترة الشغور الرئاسي. وإذا كان باسيل يعتبر نفسه اليوم ممرّاً لوصول أي مرشّح لرئاسة الجمهورية الى قصر بعبدا، فعليه تأمين التوافق بين عدد من الكتل النيابية، لا سيما تلك التي لا تؤيّد ترشّحه شخصياً للرئاسة ولا أي إسم قد يطرحه في الاشهر المقبلة، بدلاً من التصعيد مع حليفه.

وأكّدت المصادر أنّ الخلافات السياسية ستتمدّد مع الأسف، طوال فترة الشغور الرئاسي التي ستطول بشكل مبدئي الى شباط أو آذار المقبلين (2023)، وخلال الدعوة الى انعقاد جلسات حكومية خلال هذه الفترة. فعقد الجلسة الحكومية الأولى، هو مؤشّر لتكرار انعقد جلسات أخرى بجدول أعمال ضيّق يهدف الى تسيير أمور الناس، على ما يؤكّد ميقاتي. كما ستتكرّر الإشارة الى أنّ عقد هذه الجلسات لا يهدف مطلقاً الى المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية أو الحلول مكانه.

Exit mobile version